الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


مالك العظماوي ||

من المفارقات الغريبة التي رافقت مسيرة أتباع أهل البيت عليهم السلام منذ أن التحق الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى والى يومنا هذا، أنهم يحاولون دفع التهم التي يريد الآخر إلصاقها بهم وعلى مر العصور.
ونتيجة لصلابة موقفهم، وجسامة التضحيات التي يقدمونها برضىً وقناعةٍ فقد حوربوا من قبل السلطات المتعاقبة واتهامهم بوطنيتهم وإلصاق صفة الخيانة والعمالة بهم دون وجه حق، سوى أنهم يسيرون بمنهج آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وكانوا يواجهون أشد انواع التنكيل والاتهام كضريبة لمواقفهم الصلبة ضد الطغاة والمتجبرين. وأسهل تهمة جاهزة للتنكيل بهذه الشريحة هي تهمة (التبعية)، ويقصد بها ان هؤلاء تابعون لإيران! أي أنهم ليسوا عرباً، وهم ليسوا عراقيين، وليسوا وطنيين! فهم مواطنون من الدرجة الثانية أو أدنى.
وبعد انقلاب ١٩٦٣ وصعود القوميين للحكم صدر قانون ٤٣ لسنة ١٩٦٤ والذي يمنح وزير الداخلية حق منح وإسقاط الجنسية حسب قناعاته الشخصية!! وبدأت أول موجات التهجير بحق الكرد الفيليين رغم سكنهم للعراق منذ سنوات طويلة ولأجيال متعاقبة.
واستمرت موجات التهجير خلال حكم البعثيين بعد انقلاب ١٩٦٨. ومع صعود صدام للحكم وفي بداية عام ١٩٨٠ كانت بداية أسوء وأشد موجات التهجير التي شملت أسراً كاملة من العرب والكرد الشيعة! حتى بدت هذه الطريقة علامة فارقة وسمة لحقبة البعث الشوفيني، للتعامل الطائفي المقيت مع الطائفة الشيعية.
فقد بدأت موجات التهجير قبل بدء الحرب العراقية الإيرانية واستمرت من ١٩٨٠ إلى ١٩٩٠ وخلال هذه السنوات تم تهجير أكثر من مليون عراقي عاشوا هم وآباؤهم في العراق، تحت ذريعة عدم الانتماء العروبي، وبحجة التبعية الإيرانية.
وعاشت هذه الأجيال في تلك الحقبة المظلمة من حكم البعث الفاشستي، وكان همها دفع تلك التهمة عن كواهلهم مهما كلفهم الأمر، فتولد عند كثير منهم عقدة الشعور بالنقص والدونية، وكل من يريد إثبات وطنيته عليه أن يتبرأ من طائفته، بل وأن يحاربها ليثبت للآخرين أنه وطنيٌ وعروبيٌ! ولا عجب أن نسمع هذا من الآخرين لأننا أعتدنا منهم على ذلك، ولكن العجب كل العجب أن ينقلب أبناء جلدتك ومذهبك وطائفتك ويتهموك بالتبعية والطائفية والعمالة واللاوطنية!
وسمعنا اليوم وقبله من الأيام، أن من بين إخوتنا الذين يدَّعون التشيع ينعتوننا بذات الإتهام وذات الخيانة لكي يرضى عنهم أعراب الخليج وأجلاف الصحراء، فقربوا قاتل أبنائنا، ومن يدعو إلى تفتيت وطننا، بدلاً عنا لكي يقال عنهم أنهم وطنيون وعروبيون بعكسنا فنحن (تبعية) و (ذيول) و (خونة) و (عملاء)! ولا نستطيع الرد على أخينا بمثل ما قذفنا به، ولسان حالنا يقول:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على الحر من وقع الحسام المهند
ــــــــــ