الجمعة - 29 مارس 2024

جريمة اليورانيوم المنضب تفتك بالعراقيين بالمرض الخبيث ..

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


د . هاتف الركابي ||

أفجعتني كثيرا عدد الوفيات التي اصابت مدننا في الجنوب لاسيما في مدينة النصر شمال الناصرية أخيراً بعد اصابتهم بالسرطان .
منذ عشرة سنوات وأنا أصرخ وناشدت كل مؤسسات الدولة أن يعينوني على مطالبة الدول التي ضربت العراق بالاسلحة والصواريخ النووية والمحرمة ، وكتبت في حينها أن التقارير تشير إلى أن هذاليورانيوم سيمتزج بعد مرور عشرين سنة مع التربة والمياه الجوفية وسيبيد مئات الالاف ، ولم يسمعني أحد ، وقصدت الدول الاوروبية وحاولت ان أبين حجم الكارثة لهم ومساعدتنا بازالة اثار اليورانيوم ، وزرت اكثر من ( ١١ ) دولة وعلى نفقتي الخاصة وبعض الدول ابدت المساعدة وعندما رجعت قدمت تقرير للبرلمان ولمجلس الوزراء ولم يسمعني أحد عدا البروفيسور الدكتور حامد الباهلي الذي كان يبكي من شدة المصيبة ، ثم لجأت الى رفع دعوى امام المحاكم السويدية وبعد الاجراءات الطويلة ومطالبتهم لي بالبيانات إلا أن وزارة البيئة لحد هذه اللحظة تمتنع عن وضع دليل للمناطق المضروبة باليورانيوم ، وقد اتعبتني الدروب والمسافات بين العراق واوروبا .
وآخرها قد حضرت مؤتمراً دولياً للبيئة في مدينة ( مالمو ) السويدية ، وقد اتضح ان الدولة الأكثر تلوثاً في العالم بمخلفات الاسلحة المحرمة واليورانيوم المنضب هي العراق بلا منازع ، وان العراق معرض في المستقبل لأمراض سرطانية وتشوهات خلقية لا نظير لها ويصعب حلها وتفاقمها، فان كلفة التدهور البيئي في العراق تقدر بما يزيد على ( ٦٤ ) مليار دولار مع تلوث ( ٣٦٧٣ ) منطقة وخطورتها بوجود ( ١٧٣٠ ) كيلو متر مربع والذي يهدد ( مليون وستمائة الف ) عراقي.
اما المناطق التي تعرضت لاشعاعات اليورانيوم المنضب اثناء حروب ١٩٩١ و ٢٠٠٣ فقد بلغت في بغداد ( ٦٣ ) موقعاً ملوثاً ، وفي البصرة ( ٢٥ ) موقعاً ملوثاً ، وفي الموصل ( ١١ ) موقعاً ملوثاً ، وفي الناصرية ( ٢٧ ) موقعاً ملوثاً ، وفي المثنى ( ٩ ) مواقع ملوثة . اما القذائف والصواريخ النووية التي اطلقتها امريكا وحلفاؤها تعادل مئات المرات للقنبلة التي اطلقت على هيروشيما وناكازاكي، ولازالت المدن العراقية تأن من امراض السرطان التي فتكت بالمظلومين العراقيين ولازالت النسب السكانية المصابة بتزايد مرعب لاسيما في مدن الوسط والجنوب ..
لقد لمست مدى الالم والحسرة لدى المؤتمرين ، ولازالت الدولة العراقية بعيدة كل البعد عن معالجة هذه المشكلة الكبيرة ، وفشلت الحكومة بالمطالبة امام المجتمع الدولي بازالة اثار اليورانيوم ، وفشلت وزارة البيئة بفعل شيء يذكر.
وعند ذهابي الى لندن عرفت ان الاطفال الذين توفوا بسبب هذه الاسلحة من ١٩٩١ الى ٢٠٠٣ قد بلغ 1.9 مليون ، وان مايقارب ( ٣٤٠ ) طن من الرؤوس النووية ذات اليورانيوم قد القتها دول الشر المتحالفة قد قتلت اكثر من مليون ونصف عراقي مع ارتفاع نسبة السرطانات والولادات المشوهة ، هذا فضلاً عن ضرب اسرائيل لمفاعل تموز النووية التي اودت بحياة الالاف والمناطق المجاورة واصابتها بالسرطان ..
كل هذا الالم والمعاناة والموت وانتظار الموت وتسمم التربة والمياه والدولة لم تحرك ساكناً ولم تطالب المجتمع الدولي ، ووزارة الخارجية فشلت واصبحت كساعي بريد ، والبرلمان عجز عن مطالبة الحكومة ، فلو كانت هناك نوايا حقيقية لدى صانع القرار العراقي لأقمنا الدنيا ولا نقعدها ولطالبنا بالزام الدول بإزالة تلك الاثار والتعويضات التي تصل الى اكثر من الف مليار ، وها هي الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يطالب الان بقوة بإثارة المسؤولية الجنائية الدولية الناشئة عن حرب روسيا واوكرانيا وتريد ان تعقد المحاكم لكن ضميرها لم يحركها ولا مشاعرها تجاه العراقيين الذي سيقضي عليهم هذا المرض القاتل ، وأمام ازدواجية المعايير الدولية وسكوت الضمير الانساني ، فأني أبصق على هذا المجتمع الدولي الاعور ، وأضعُ قندرتي على مجلس الامن الذين لم تهزهم هذه المصائب ، فيامن اقسمتم بالمقدسات وبالقرآن والانجيل والتوراة على ان تحافظوا على ارض العراق وشعبه ومياهه : أين الامانة واين اصبح القسم ؟ ! فمن قواعد السعودية وقطر والكويت والاردن انطلقت الصواريخ والاسلحة المحرمة لتفتك بالعراقيين ثم نأتي ونمنحهم اراضي ونمد لهم انابيب نفط الجنوب ..