الجمعة - 29 مارس 2024

جبهة وطنية أم برلمان؟!

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


علاء الطائي ||

الآن وقد إنتهت غبرة رئاسة البرلمان بإختيار السيد الحلبوسي لابد أن نطرح سؤال إمكانية الإفادة من الأزمة وإنعكاساتها المباشرة على العراقيين وعلى سياق العملية السياسية وطبيعة تعاطي الفرقاء السياسين مع هذا الإنغلاق السياسي
وأزمتنا الراهنة على مرشح رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء فهل سيستفيد الفرقاء والكيانات والزعماء من الأزمة ويعيدوا القراءة المنهجية مرة أخرى ويتعاطوا مع موضوع الاستحقاق الديمقراطي بروح وميزات العمل الوطني أم أنهم سيراكمون ذات الاخطاء ويبنون عليها بيتنا العراقي الجديد؟
من الخطأ الفادح الذي تم إرتكابه بالسابق واللاحق تجاوز مجلس النواب كلما أثير موضوع المناصب الثلاث. إن هذا التجاوز أعطى إنطباعاً سيئاً في الداخل وفي عموم الساحة العربية والدولية أن التجربة الديمقراطية العراقية لايتم تجاوزها والقفز على استحقاقاتها الانتخابية والتعامي عن ضروراتها المتعلقة بهموم بناء تجربة لها علاقة بمصالح الناس أكثر من علاقتها بهموم الكيانات…
ماحصل بالسابق ويجري حالياً في أزمة رئاسة الجمهورية والتوافق بشأنها في غرف الاجتماعات المغلقة وعدم اللجوء إلى البرلمان لحلها أعطى إنطباعاً سيئاً وجعل المراقبين والعراقيين على حد سواء لاينظرون بالاحترام المفترض أن ينظرون فيه لمجلس النواب الذي تأسس برغبة الناس وأوراقهم الانتخابية ولم يتأسس بديمقراطية قادة الكتل وامزجتهم فلماذا يتم تجاوز البرلمان ورأيه في إختيار الرئيس حين يتم الإختلاف بين قادة الكيانات على مرشح ويكون اللجوء إلى التوافق والتحاصص والمكونات بين الكيانات هو القاعدة والمقياس؟
أساساً لماذا دفعنا الناس والملايين من أبناء الشعب العراقي إلى صناديق الانتخابات وتحملوا المشاق والتحديات المختلفة إذا كنا في النهاية نحتكم في خلافاتنا على المواقع السيادية إلى زعماء الكتل وإستخدام التوافق بديلاً عن خيار اللجوء إلى البرلمان؟
إن تجاوز البرلمان عيب سياسي فاضح ومن الأفضل للنواب الذين تم انتخابهم بإرادة الجماهير العراقية أن لا يسكتوا على ذلك وأن يشكلوا ورقة ضغط كبيرة في مواجهة محاولات العزل والتهميش التي تعرضوا لها مع كل أزمة ثم مافائدة وجود هكذا برلمان معطل دوره في أهم مسألة مفصلية في البلاد فى وقت يراد منه دستورياً البت في القضايا المصيرية والتأشير على كل المسائل الداخلة بشؤون إدارة أهم عملية في البلاد وهي تشريع القوانين وتشريع الإجراءات وقيادة المسيرة؟ لكن لابد من مصارحة قادة الكتل السياسية والزعماء والاتباع والمقربين إن أزمة رئاسة البرلمان التي إنتهت بالتوافق ولم تتم وفق إجراءاتها البرلمانية الليبرالية الحقيقية كشفت للجميع أن العملية السياسية في العراق بعيدة عن روح الليبرالية والإحتكام إلى قبة البرلمان ولذا فإن ولادة حكومة متجانسة قوية وقادرة على ملأ الفراغ السياسي ستكون غير سهلة لأنها أساساً لم تنبثق وفق قواعد الحق الشرعي للأمة عبر أعضائها المنتخبين في البلاد فى ممارسة دورها الطبيعي
من هنا نقول لماذا لايتم اللجوء إلى تشكيل الجبهة الوطنية بديلاً عن المجلس النيابي لتكون هذه الجبهة هي القاعدة التي يتم فيها النقاش والتوافق بدل ان نوهم الناس بوجود برلمان عراقي منتخب في حين نعمل بالتوافق ونلغي حق المجلس من ممارسة دوره القانوني والسياسي في حل معضلات المناصب السيادية ومشاكل البلاد الأخرى؟
إن وجود جبهة وطنية يمثل تخريجة مقبولة أمام العراقيين والمجتمع الدولي لفلسفة قيام عملية سياسية في العراق ولانعتقد ان أحداً سيوآخذ الفرقاء السياسين ويتهمهم بتجاوز القانون والدستور والأصول البرلمانية في حال قيام مثل هذه الجبهة أما أن نذهب إلى المجلس للتصويت على قرارات توافق عليها أطراف الأزمة ونطلب من أعضائه تزكية الستة أو الخمسة المبشرين بالجنة ان المجتمع العراقي وكل الذين خرجوا إلى انتخابات ١٠/١٠ أصيبوا بالصدمة فعلاً حين رأوا ذات الكيانات والقوائم التي صوتوا لها تتبرأ من استحقاقات تشكيل الحكومة والاختلاف على مرشح “س” وتم الخروج عن أصول اللعبة الديمقراطية الجديدة في كل دورة انتخابية في العراق أن هذه الصدمة ستستمر طويلاً في الذاكرة العراقية وترافقه إلى الانتخابات التالية وحين ذاك يقدم العراقيون على الغياب عن ساحة الفعل السياسي برفض الخروج إلى مراكز الاقتراع إن الكيانات التي توافقت على الحكومة السابقة ثم عادت على إخراجها إخراج الحكومة السابقة ثم عادت وتوافقت على الحكومة القائمة هي ذاتها المسؤولة عن التردي الحالي في الحياة العراقية إذا مابقيت الأزمة في النفوس ولم يتم تجاوزها بالاحتكام إلى المجلس النيابي والعمل وفق مقاييس وقواعد ومناهج الليبرالية
نقولها مرة أخرى ان قيام جبهة وطنية للتوافق على حل المشكلات والأزمات السياسية بشأن المواقع والمحاصصة القومية والدينية والسياسية افضل بكثير من وجود برلمان معطل يقتصر دوره بإمضاء أعضاءه على مرشحي نظرية التوافق ليكونوا قادة الحكومة القادمة لأن أساساً هذه الجبهة موجودة على الأرض بوجود الكيانات ولأنها قادرة على تعطيل الحياة السياسية والبرلمانية ولن تستطيع اية جهة مهما تعاظم دورها من تحريك المياه الراكدة إلا بإمضاءها وفي ظل إفرازات الأزمة تصبح الجبهة خياراً طبيعياً والبرلمان استثناء فهل سيصل الفرقاء إلى ذروة تغليب الضرورة وتشذيب الاستثناء.