الخميس - 28 مارس 2024

بين طائفية الحقيقة ونفاق الدونية

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


محمد هاشم الحجامي ||

الإنسان الجنوبي مثقف ام سياسي وحتى فرد عادي محاصر ومقموع أن يتحدث عن الواقع كما يراه على العكس من زميله الكردي والسني فهما أفصح قولا لما يرانه من مشكلات تخص مجتمعاتهم .
فالشيعي الجنوبي ما أن يصدح ناطقا بأسماء قتلته الا واتهم بالطائفية والتفرقة وبدأت عملية نبزه بنعوت مختلفة من تبعي إلى صفوي ومجوسي وعميل يهودي وأخيرا ولائي !!! .
هذه الصفات وغيرها القصد منها محاصرته وابقاء مقموعا وليس هذا فحسب بل تم تحويله الى جلاد وهو الضحية لكل الأنظمة المستبدة .
وهذه النغمة حفظها بعض أفراد المجتمع الشيعي فصار يرددها ويتفاخر بها وكأن الكثيرين استلذوا بالعبودية وتعايشوا مع القهر .
لنترك قبل العام ٢٠٠٣ ونتحدث عما بعده فمنذ سقوط نظام صدام ارتكبت مئات الألوف من الجرائم بحق الشيعة في العراق ، وكل مرة يبررها المجرمون بأن السبب هؤلاء عملاء ومشكوك في وطنيتهم فهم عملاء امريكا وأما العمالة لإيران فهي الترنيمة التي بقي الطائفيون يرددونها طوال قرن كامل بل هي أبعد من ذلك .
هذه السياسية التسقيطية تفاعل معها البعض من الدونيين أوما يسمى بالمثقفين ورددوها ومارسوا عملية جلد الذات والخنوع أمام الخصم الطائفي . وها هي القصة التي أحرق العراق ظاهرا بسببها منذ السقوط لليوم وهي العمالة لأمريكا يعيشها أكراد وسنة العراق وهم يصرحون علنا بالعلاقة مع أمريكا ويطالبونها بإبقاء قواعدها في مناطقهم دون خجل أو تردد فلا نجد نخبهم أو مثقفيهم يجلدون ذاتهم ويعدون أبناء طوائفهم عملاء لامريكا وحتى العلاقة مع تركيا أو قطر أو السعودية أو غيرها من دول قريبة منهم طائفيا .
هذه الظاهر وهي تصالح المثقف السني غالبا مع ارثه في حين يكون المثقف الشيعي شاهرا سيفه يجرح فيه ويدعو لهدمه تستحق التوقف والتأمل !!
فهذه الظاهرة ارتبطت بالقهر السلطوي المسلط على رقاب الشيعة طوال قرون فالسلطة عادة في العراق تمارس القمع السياسي لتخفي تحته العنوان الدقيق الذي تنطلق منه الا وهو الطائفي وتستعمل حجج كثيرة لتبريره وهي حجج تتناسب مع ثقافتها في العراق وبالضد من ثقافة الشيعة كالحرية الفكرية التي نجدها في المعتقد الشيعي أكثر من غيره وتجليتها تعدد الطقوس بعيدا عن قناعتنا بكثير منها وتعدد المرجعيات الدينية التي تسمح بتعدد الرأي والابتعاد عن القرار الرسمي الذي يعطيهم حرية أكبر في التعبير عن هموم الناس ومشاكلهم لذا حاولت الحكومات الطائفية استغلال هذا التنوع في عملية توجيه المثقف الشيعي نحو معتقده وأبناء طائفته وصنع طبقة ثقافية محملة بالحقد والكراهية للأرث الشيعي ؛ فصار هؤلاء الذين اعيد توجيه طاقاتهم الفكرية والثقافية موجهين نحو طائفتهم يؤدون دور الهدم والتخريب نيابة عن الحكومات الطائفية التي تتحكم بالمشهد بكل تفاصيله وتعيد توجيههم .
في حين نجد الآخر يدافع عن رموزه التي غالبها طغاة ومجرمين وهو لا يخجل منها ابدا ويسمي عصورهم بالذهبية وعصور النهضة والازدهار وغيرها من مصطلحات المديح والثناء ، في حين يتردد الشيعي الف الف مرة قبل أن ينطق كلمة بحق الامام علي حتى وإن كانت لا علاقة لها بخلافه مع الآخرين ، أما قصة السقيفة وما دار حولها فنادرا نجد من يقترب منها كي لا يتهم بنقد الصحابة !!!! .
غالب المثقفين الشيعة المتأثرين باليسار وخصوصا العجائز منهم هم نتاج سلطة الدولة القامعة لهم ولثقافتهم وهم موجهون بالضد من أرثهم ومنساقون خلف ثقافة حكومات الطغيان ومرددين ما تردده .