الجمعة - 29 مارس 2024

٢٠ من شهر صفر وصول سبايا الطف إلى المدينة المنورة وذكرى أربعينية الإمام الحسين عليه السلام.

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024

حيدر الطائي

لما رجعت قافلة سبايا الطف من الشام إلى المدينة قالوا للدليل(مر بنا على طريق كربلاء) فلما وصلوا إلى موضع المصرع وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل هاشم قد وردوا لزيارة قبر الحسين «ع» فتوافوا في وقتٍ واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم واجتمع عليهم أهل ذلك السواد واقاموا على ذلك أيامًا. وعن الأعمش عن عطية العوفي قال: خرجتُ مع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه. زائرًا قبر الحسين فلما وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم اتزر بأزار وارتدى بآخر. ثم فتح صرةً فيها سعد فنثرها على بدنه ثم لم يخطِ خطوةً إلا ذكر الله تعالى. حتى إذا دنا من القبر قال {المسنيه يا عطية فألمسته اياه فخر على القبر مغشيًا عليه} فرششتُ عليه شيئًامن الماء فلما أفاق قال “يا حسين” ثلاثًا ثم قال “حبيبٌ لا يجيبُ حبيبه” ثم قال (وأنى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أثباجك وفرّق بين بدنك ورأسك أشهدُ أنك ابنُ خيرِ النبيين وابن سيد المؤمنين

وابن حليفِ التقوى وسليلُ الهُدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء وما لك لا تكون هكذا وقد غذّتك كف سيد المرسلين وربيّت في حِجر المتقين ورضعت من ثدي الإيمان وفطمت بالإسلام فطبت حيًا وطبت ميتًا غير أن قلوب المؤمنين غيرُ طيبة بفراقك ولا شاكة في حياتك فعليك سلامُ اللهِ ورضوانه. وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليهِ أخوك يحيى بن زكريا.ع) ثم جال ببصره حول القبر وقال (السلام عليكم ايتها الارواح التي حلت بفناء الحسين «ع» واناخت برحله أشهد أنكم اقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروفِ ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين والذي بعث محمدًا بالحق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه) قال عطية فقلت لجابر فكيف ولم نهبط واديًا ولم نعلُ جبلاً ولم نضربُ بسيفٍ والقوم قد فُرّقَ بين رؤؤسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأُرملت الازواج فقال لي {يا عطية سمعت حبيبي رسول الله.ص. يقول من أحب قومًا حُشِرَ معهم ومن أحب عمل قومٍ أُشركَ في عملهم والذي بعث محمدًا بالحق. إن نيتي ونيةُ أصحابي على ما مضى عليه الحسين.ع. وأصحابه} قال عطية فبينما نحنُ كذلك وإذا بسوادٍ قد طلع من ناحيةِ الشام فقلتُ يا جابر هذا سوادٌ قد طلع من ناحية الشام فقال جابر لعبده “أنطلق إلى هذا السواد وائتنا بخبره. فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا لعلنا نلجأ إلى ملجأ وإن كان زين العابدين فأنت حرٌ لوجه الله تعالى” فمضى العبد فما كان بأسرع من أن رجع وهو يقول يا جابر قم واستقبل حرم رسول الله هذا زين العابدين قد جاء بعماته وأخواته. فقام جابر يمشي حافي الأقدام مكشوفَ الرأس إلى أن دنا من زين العابدين «ع» فقال الإمام انت جابر قال نعم يا ابن رسول الله فقال يا جابر (ههنا والله قُتلت رجالُنا وذُبِحت أطفالنا وسُبيت نساؤنا وحُرقت خيامنا)

قال بشير بن حذلم فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين.ع.

فحط رحله وضرب فسطاطه وانزل نساءه وقال {يا بشير رحم الله أباك لقد كان شاعرًا فهل تقدر على شيءٍ منه} قلت بلى

يا ابن رسول الله أني لشاعر. قال فأدخل المدينة وانعَ

أبا عبد الله. قال بشير فركِبتُ فرسي وركضتُ حتى دخلتُ المدينة فلما بلغتُ مسجد النبي (ص) رفعت صوتي بالبُكاء وأنشأت أقول

{يا أهل يثربَ لا مُقامَ لكم بها قُتلَ الحُسينُ فأدمُعي مِدرارُ

الجسمُ منهُ بكربلاء مضرّجٌ والرأسُ مِنهُ على القناةِ يُدارُ}

ثم قلت “يا أهل المدينة هذا علي بن الحسين مع عماته واخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم وأنا رسولهِ إليكم اعرّفكم مكانه” قال فما بقيت بالمدينة مُخدرةٌ ولا مُحجبةٌ إلا برزنَ من خدورهن مكشوفةٌ شعورهن مُخمشةٌ وجوههن ضارباتٍ خدودهن يدعين بالويلِ والثبور ولم يبق بالمدينة أحدٌ إلا خرج وهم يضجونَ بالبُكاء فلم أر باكيًا أكثر من ذلك اليوم ولا يومًا أمر على المسلمين منه بعد وفاة رسول الله

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

_____

{مصادر البحث} 👇

———–

١.المجالس الحسينية/ العلامة الأميني ج١ص١٥٥

٢. الملهوف على قتلى الطفوف/ لأبن طاووس ص١٨٣