الخميس - 28 مارس 2024

اليمن/ تعز والحرب الباردة !

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


عبدالملك سام ||

ما يحدث اليوم في تعز يذكرنا بأيام الحرب الباردة بين الغرب والإتحاد السوفييتي، مع إختلاف طبيعة الصراع والأطراف المتباينة؛ فالفريق المفاوض اليمني يحاول جاهدا فتح الطرق من وإلى تعز لتسهيل تنقل المواطنين والسلع، بينما طرف مرتزقة العدوان يحاولون جاهدين أن يبقوا المدينة تحت قبضتهم، ولو كان هذا يعني أن تتحول لسجن كبير!
دول العدوان ومرتزقتها لا يهمهم معاناة الناس في مدينة تعز التي حولوها إلى كانتونات متحاربة على النفوذ والمال، ولا يهمهم الوصول إلى أي أتفاق قد يساعد على عودة بعض الطمأنينة للمدينة المنكوبة منذ أن حطت أقدام المليشيات فيها. يومها أطلقوا الوعود، وأثاروا النعرات، ورأينا جرائم غريبة تحدث لأول مرة في اليمن!
تم تهجير الناس وقتلهم وسحلهم إيذانا بدخول المدينة إلى عصر جديد مليء بالحقد والقتل والتدمير، وأنتشرت الإغتيالات وعمليات الإختطاف وأنتشار الخوف، وقد حاول العقلاء جاهدين تحذير أهالي المدينة مما سيجري، وتجنيب تعز الهول المدمر الذي يحدق بها، ولكن المرتزقة أبوا إلا أن يكووا المدينة بسياط حقدهم، وكلنا نتذكر تصريحات حمود المخلافي قبل فراره إلى تركيا بأن أوامر “التحالف” منعت أي إتفاق قد يجنب تعز هذه المعاناة!
المرتزقة يعتبرون تعز مشروعا إستثماريا، وهم يعرفون بأن بقائها كما هي سيضمن لهم المزيد من الحوالات المالية التي تأتي تارة من الرياض، وتارة من أبوظبي والدوحة! والأهالي ينظرون بعين الشك لكل هؤلاء الذين يأتون ويثرون ثم يفرون، ثم يأتي غيرهم! وبينما تعز تحولت إلى مستنقع للأطراف المتقاتلة فيما بينها، بينما المدن والقرى المتحررة من حولها تنعم بالإستقرار! لقد غرروا بتعز بأكاذيب أنها ستنضم للجنوب الذي سينعم بالثراء الخليجي، وبأنها ستحضى بالمشاريع والتنمية، ولكن للأسف ما يزال المواطن الذي اجبروه أن يخرج ليقول “شكرا لسلمان” يعاني من الكوارث دون أن يعرف لماذا؟!
بالنسبة للشعب اليمني فنحن لم ولن نتخلى عن اهلنا في تعز، فنحن نعلم أنهم ظلموا في الماضي على أيدي حكومة العملاء لعقود، وأن ما يجري من محاولات لبث الفرقة وأثارة النعرات يستهدفنا جميعا لمعرفة العدو أن اليمنيين إذا ما اجتمعوا فسيكون ذلك قوة لهم ضد مشاريع الإحتلال، وتعز تمثل نقطة قوة لليمن بأكمله.
حكومة الإنقاذ أستطاعت أن تستوعب النازحين الذين يعيشون مع بقية أبناء المحافظات الأخرى في وئام، وما تزال تحاول لربط أبناء مدينة تعز بباقي المناطق المحيطة بها، وأخر هذه المحاولات ما شاهدناه من تحركات وفدنا المفاوض لفتح عدة طرق من وإلى مدينة تعز، ورغم رفض دول العدوان حتى لو أضطررنا لتنفيذها من طرف واحد.. دول العدوان تعلم أن تعز المحررة لن تبقى تحت سيطرتهم، وهم قلقون من عودة إرتباط تعز بمحيطها الحر والمستقل، لذلك سيبذلون جهدهم أن تبقى تعز معزولة عن باقي المدن والقرى حتى تلك التي تقع ضمن نطاق محافظة تعز!
تحرير مدينة تعز ليس مستحيلا إذا نظرنا لعدة أسباب، منها: أن المواطن اليمني قد مل الوعود الكاذبة، ولأن أبناء المدينة يفرون من اتون الحروب والمعارك التي تجري هناك كل يوم، ولأن الطرف السعودي أنكشف بأنه عدو اليوم والمستقبل للشعب اليمني كما كان في الماضي تماما، ولأن قيادات الإخوانج قد فقدت ماء وجهها بعد أن باعت نفسها لمشاريع هدامه مقابل المال وشارفت على الأفول… وهناك مئات الأسباب التي تؤكد على أن مدينة تعز ستظل مهوى لقلوب كل اليمنيين الذين يتشاركون الماضي والمستقبل مع أبناء مدينة تعز، لكل هذا ستعود تعز، شاء من شاء، وأبى من أبى.
ــــــــــ