الجمعة - 29 مارس 2024

لماذا البكاء سلام فرمانده؟!

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


مازن الولائي ||

اللغز الذي حير من نشفت عيونهم من هذا القطر الصافي، والرقراق والجميل، وهي تنحدر من كل الفئات العمرية، وليس ذلك فقط فتترجم التعابير والتناهيد الحرقة، واللوعة، والعشق، والغرام لمن لأجله سالت اودية الخدود..
والجواب؛ أنه العشق والهيام الذي تثيره تلك الكلمات بمثل هذا الإجتماع المخصوص لذكراه، وهنا تنطلق الجوانح تتحسس بدقة عالية كل مفاهيم الغياب، والاحتجاب، والتخفي من الأعداء، بل وامنيات الحضور والتشرف بأن يكون هو على رأس ذلك الجمع الذي يقترب قلبه والمشاعر منه، فالبكاء عند من يعرف قيمته والفلسفة هو أصدق التعابير وأنقى الرسائل المرسلة لمن نحبه ويهمنا امره، وهنا تتجلى مدرسة الدموع والعاطفة التي أسسها المجلس الحسيني ومدرسة علماء أهل البيت عليهم السلام.
وقد بكى يعقوب النبى (ع) على ابنه يوسف عشرين سنة وقال: … يا أَسَفى‌ عَلى‌ يُوسُفَ وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
إن البكاء ظاهرة إنسانية وإذا ما جاءت على أناس ضحوا من أجل الإنسانية فإن ذلك يجذّر القيم الأخلاقية فى النفوس.
البكاء حقيقة كبرى وجزء من تجارب الأنبياء والأولياء والمعصومين وجزءً من سلوكهم وفى بعض المنعطفات فى حياتهم وخلال طقوسهم العبادية وخلال المناجاة فى الأسحار.
البكاء جزء من شخصية عباد الله المخلصين وتنشأ من خلال الإحساس بفراق المحبوب أو الهجران، أنها نواح الروح التى تحنّ إلى بارئها ومبدأها.
واليوم يطرح البكاء كحالة علاجية يقترحها الأطباء حيث يكمن علاج بعض الحالات النفسية من خلال البكاء وذرف الدموع.
وهذا جلال الدين محمد البلخى المعروف بجلال الدين مولانا العارف الكبير يقول فى البكاء:
إذا لم تبك الغيوم
متى ينمو العشب
وإذا لم يبك الطفل
متى يفور اللبن؟
البكاء دواء لكل داء وبلاء وعلاج، والعيون الباكية هى ينابيع الله‌
البكاء علامة المؤمن يقول القرآن الكريم: وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى‌ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقّ..
والروايات الواردة فى البكاء خوفاً وخشية من الله عزّ وجلّ فى منتصف الليل من أهل البيت ( عليهم السلام ) وما كانوا يقولونه فى مناجاتهم ممتزجاً بالدموع يمثل إرثاً إنسانياً وأخلاقياً خالداً.
إذا لا تستغربوا من مدرسة العاطفة التي أصبحت بطول النقش العاطفي على رخامها أن تكون تنشد بنشيد الدموع وتستغيث مهديها الذي يبكي جده صباحا ومساء وبدل الدموع دما، فهي تقسم عليه بما كان دواء لعلته والشوق الذي يطفح به قلبه..

“البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه”
مقال آخر دمتم بنصر ..