الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


إيمان عبدالرحمن الدشتي ||

عيد ليس ككل الأعياد، عيد تزاحم فيه الفخر مع الفرح والابتهاج، والشكر لله تعالى أن جعلنا ممن أجبنا الرسول المصطفى بقبول علي المرتضى صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما وليا وإماما وهاديا، ونسأل الله الثبات على ذلك.
أعقب حجة الوداع للرسول الخاتم صلوات الله وسلامه عليه وآله حدث إستثنائي، ففي يوم ١٨ من شهر ذي الحجة وحيث اشتد الحر في ذلك اليوم، وعلى مفترق طرق قوافل الحجاج في موقع يقال له غدير خم، نزل امر الله: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) “سورة المائدة الآية ٦٧”
هناك أسئلة لابد للمسلم أن يبحث عن إجاباتها إن أراد ان يحلل هذه الآية ويفهم معناها، فهل لمثل النبي الخاتم صلی الله عليه وآله الذي بلغ الرسالة كاملة وبأمانة تامة على مدى ٢٣ عاما وتحمل ما تحمل من اعبائها أن يتهاون أو يتردد (حاشاه) من تبليغ أمر من الله؟! ولماذا تذهب أتعابه صلى الله عليه واله في تبليغ الرسالة أدراج الرياح كما بين الله تعالى في الآية المذكورة إن لم يبلغ هذا الأمر؟! ثم لماذا يحتاج تبليغ هذا الأمر عصمة من الله تعالى الى رسوله الكريم صلى الله عليه واله من الناس؟! وأي الناس؟! القضية لا تحتاج الى عقول جبارة لتحليلها، ولا مدارك ملهَمة لاستيعابها، بل كل ما تحتاجه هو إنصاف وواعز من ضمير.
النبي الأكرم صلى الله عليه واله في مرات عديدة وفي اكثر من مناسبة كان يبين فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، بل إنه لم يقل بحق أحد ما قاله بحقه كل ذلك كي يهيئ المسلمين لتقبل هذه الحقيقة، ولا يدع لهم مجالا للشك، ولا يعطيهم الحق للتحايل عليه، ولا ان يحملوا له البغض والضغينة في قلوبهم، فهو القائل: ( أقضاكم علي) (أنا مدينة العلم وعلي بابها) (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).. وختمها ب( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبدا) (ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) بعد ان قال (إني أوشك أن أدعى فأجيب) أي أني سأرحل، ومن سيخلفني عليكم هو علي بن أبي طالب عليه السلام بأمر الله تعالى، فهل من أوصى به الرسول صلى الله عليه واله أحق أن يتّبع، ام من لا يهدّي إلا أن يهدى؟! وهنا تكليف للرسول صلى الله عليه وآله بتبليغ هذا الأمر لأنه جوهر الرسالة الإسلامية وكمال الدين وإتمام للنعمة.
إتخذت الآية الشريفة أيضا أسلوب التهديد ولكن من باب “إياك اعني واسمعي يا جارة” ولنفس السبب الذي وعد نبيه صلى الله عليه وآله بأنه سيعصمه من الناس، فالله تعالى أعلم بنفوس القوم، والآية صريحة بفضح من لهم النية المبيتة للالتفاف على أمر الله، وأنهم مهما فعلوا ومهما تحايلوا فستبقى الخلافة هاشمية علوية، وسيبقى علي هو أمير المؤمنين وليس أحد غيره، فما نفع من تأمَّر على المسلمين واستخلفوه من بعد الرسول ولم يكن أهلا للخلافة؟ ألم يقل أبو بكر (أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم)؟ ألم يقل عمر (لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا الحسن)؟ فكيف لا وعليٌ أفضلهم مناقب وأكرمهم سوابق وأقربهم منزلة من رسول الله صلى الله عليه واله، وهو نفس النبي وعِدل القرآن.
فالحمد لله الذي أكرمنا بعيده الأكبر، وجعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، والائمة الطاهرين المنتجبين من بعده وآخرهم قائمهم المهدي عجل الله فرجه، الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، قريبا بإذن الله تعالى.