الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


كوثر العزاوي ||

للفوضى وجوه عدة ومظاهر شتى،
هناك فوضى اجتماعية وفوضى فكرية كما أن هناك فوضى سياسية،
كل ذلك هو نتاج انعدام الثقة بين الراعي والرعيّة مايسبب غالبًا بعدم قدرة الراعي المعتَمد على إدارة شؤون البلاد والعباد، فمجرد وجود مسمّى حكومة لا يكفي للسيطرة على البلاد وتحقيق الطموحات وسدّ الحاجات، لذا لابد من دعامات أخرى تكفي الشعب مؤونة العيش على الأرض تزوّده بالقوة والمَنَعة وتساعده على تلمّس الطريق نحو تحصيل الثقة والأمان والتقدّم والارتقاء وفق متبنَياته وطموحاته، فماذا ينتظر رعاة الوطن أو مايسمَّوْن بالحكومة ورجال الدولة في ظل انعدام الإستقرار والفوضى السياسية التي من أبرز معالمها التناحر والصراع على المناصب والامتيازات تحت عنوان،
{كل حزب بما لديهم فرحون} أو {كلٌّ يحوز النار إلى قرصه} بعيدًا عن إرادة الشعب المظلوم المستضعف وحاجاته فضلًا عن كرامته التي لأجلها لم يعرف يومًا معنى الاستقرار منذ مايقارب النصف قرن وأعطى ماأعطى من تضحيات ودماء ماجعله يفقد الأمل بكلّ شيء إلّا بالله وبالقلّة من خيار الخلق الذين لاتروق نزاهتهم للطامعين لذا تراهم محارَبين وعن تفعيل كفاءتهم مبعَدِين! ولعلّ من البديهي أن نرى مثل هذه الفوضى المتنوعة، فكرية وعقدية واجتماعية بموازاة الفوضى السياسية! والاخطر من ذلك: فقد بات من السهل جدا ترسيخ فكرة “لا وجود دولة ولا حكومة” في العراق، في أذهان الناس وكأنهم شعب من غير جنس البشر ، ولكن تناسَوْا بل لم يفقهوا أنّ من الصعب جدًا إقناع الناس بأن “لا وجود للشيعة “ولا وجود للقيم والتقاليد والأعراف والأخلاق والآداب في مجتمع عُرف في زخم وجودِه وتماسكِه منذ الخليقة متسلحًا بمنظومته القيَمية المقدسة التي تستمد قوتها من أصل نهجها الإسلامي المحمديّ الأصيل الذي منها الخط الحسيني الثائر الذي يأبى الذلّ والخنوع بقوة مبادئه العصيّة الرافضة لأيّة محاولة لتمييع دورها الحقيقي المتّزن الرشيد!! وما تلك الغضبة العلوية الجماهيرية منّا ببعيد وهي خير دليل لمجرّد صدور فتوى من مرجع حكيمٍ إذ قلَب الطاولة على رؤوس من مكّنوا الأعداء من اجتياح البلد حتى عاثوا في الأرض فسادًا وذبحًا وتهجيرًا وغير ذلك ممايندى له جبين الإنسانية، فشمّروا عن سواعد الغيرة والشهامة باسم الله والحشد المقدس فحرّروا الأرض وصانوا العِرض!! وهل يشكّ منصف في ذلك؟!!
فمَن يتوهَّم أنّ ولوج الأكثرية في الباطل وخلق الفوضى وخلط الأوراق بحجة الإصلاح المفتَعَل الموهوم إنما ينشأ عنه جبرًا للخواطر وجلبًا للمصلحة فذلك محضُ توهُّم وجهالة بدليل انحياز هذه الثلة إلى جبهة العدو الذي لايخفى على عاقل لبيب، لذا سيذرهم الله في غمار غفلتهم وجهلهم وسوف يلاقون غبَّ ما يفعلون في الدنيا ويوم القيامة، ولاغرو أن تحتدم مشاهد الفوضى وفقدان التوازن والهرج واختلال الموازين في البلد الحبيب، فالروايات تزخر بما يُنبئ عن واقع مليئ بفتن آخر الزمان، ولعل أحد مصاديق امتلاء الأرض بالظلم والجور هو اختلاف المسلمين فيما بينهم إلى هذا الحدّ اللافت بل اختلاف الشيعة فيما بينهم إلى هذه الدرجة من البراءة واللعن والتكفير والتسقيط، حتى يأذن الله بظهور القائم بالحق من آل محمد”عليهم السلام” فيملأ الأرض عدلًا وقسطًا كما مُلأَت ظلمًا وجورا.

٢محرم١٤٤٤هج
١-٨-٢٠٢٢م