الجمعة - 19 ابريل 2024

التغيير السياسي.. بين القانون والارتجال

منذ سنتين
الجمعة - 19 ابريل 2024


رياض البغدادي ||

ربما اصبح واضحاً ان النظام السياسي في العراق من الناحية القانونية ، هو نظام سياسي قوي جداً ومحكم ، ولا يتسنى لأي تدافع، أو تظاهر، أو مزاجيات سياسية، أو حتى إنقلاب، أن تؤثر أو تعرقل سيره فضلاً عن تغيير…
وهذا ما كنا نقوله ويكرره المحللون والمثقفون والمطلعون الواعون، في كتاباتهم ومقالاتهم وتحليلاتهم السياسية،أيام الحراك التشريني العام ٢٠١٩ ، واليوم كذلك نكرره ونقدمه نصيحة اخوية صادقة ، الى سماحة السيد مقتدى الصدر وقادة التيار الصدري وغيرهم من الناقمين على الأداء الحكومي …
لابد ان نعلم ويعلم الجميع ممن هم في الخارطة السياسية العراقية، ان التغيير الذي قد يرغبون بإجرائه على النظام السياسي العراقي ، لا يمكن ان يمر بالتظاهرات والاعتصامات ولا حتى الانقلابات ..
وان تعطيل عمل وزارة او برلمان او اي مؤسسة حكومية او تشريعية أو قضائية ، لا يمكن ان يؤدي الى تغيير سوى تعطيل مؤقت يربك الجو الأمني والمعيشي لحياة المواطنين الذين هم من يتحمل كل تبعات الانفلات والارتباك بمزيد من الفقر والخوف والاحتقان ..
نعم .. كلنا نسعى الى التغيير ، فهو من علامات الحيوية والتطور والنشاط ، ولا ننكر أن كل عملية سياسية في اية دولة من دول العالم قابلة لإجراء التغيير ، ولا سيما العملية السياسية في العراق ، لكن في الحال العراقية ، التغيير لا يتم فيها إلا بآليات وضعها النظام السياسي نفسه ، فلا مكان اليوم للقرارات الارتجالية ( وجرّة القلم ) التي كانت سائدة أيام النظام البعثي الصدامي المجرم ، فمن يريد ان يغيّر ، أو يسعى الى التغيير مستقبلاً ، عليه ان يعمل على تكوين قاعدة برلمانية ذات اغلبية ، ان لم تكن مريحة فلابد ان تكون كبيرة من الناحية العددية ، بحيث تستطيع ان تشكل ضغطاً على القوى السياسية الأخرى ، لتدفعها الى قبول التغيير المنشود ..
يؤسفني ان يكون النظام السياسي في العراق بكل هذه القوة والإحكام ، لكنه لم يقدم اداءً موفقاً ومرضياً لكسب المجتمع الى جانبه ، هذا المجتمع الذي وقف مع العملية السياسية وقدم لها كل دعم وإسناد ، في أحلك الظروف التي مرّ بها العراق في حربه الضروس ، في مواجهة قوى الإرهاب والعنف الطائفي الذي أثارته الدول الخائفة من التغيير الديمقراطي في العراق …
ومن نافلة القول ، لابد ان نشير الى أن قوة النظام السياسي في العراق لم تكن مصادفة او مِنّة من أحد ، وانما هو نتاج تضامن وعمل جاد ، شاركت به العشائر العراقية الكريمة ، وكل القوى السياسية والشعبية ، وبدعم واسناد من المرجعية المباركة في النجف الأشرف ، وباقي المرجعيات في الحواضر العلمية الشيعية في قم وطهران ومشهد ولبنان ، التي كانت ولازالت ترى في العراق الامل ، لصنع مستقبل عظيم لكل منطقة الشرق الأوسط ، التي يُعد العراق مركز الثقل فيها ..
وفي الختام .. أود ان اوجه ندائي الى القوى السياسية بأن تعمل على التكاتف والتضامن مع جماهيرها ، وعليها أن تعي أن ما يطمح له جمهور التيار الصدري من اصلاح وتغيير هو طموح كل عراقي ولابد ان يعلم الجميع ان الجماهير ستبقى اقوى من الطغاة مهما تسلطوا وتفرعنوا ..
والعاقبة دائماً وأبداً للمتقين