الجمعة - 29 مارس 2024

الحسين عليه السلام . قضاءٌ وقَدر ودروسٌ وعِبر ..

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


منهل عبد الأمير المرشدي ||

إصبع على الجرح ..

عاشوراء الحسين عليه السلام يعود الينا بموعده السرمدي مصداقا لخلود الدين المحمدي فالإسلام محمدي الوجود حسيني الخلود . لقد أرسل الله عزَّ و جلَّ رسوله محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ليكون للعالمين نذيرا ويُخرجهم من الظلمات الى النور وينقذ الناس من الجهل والظلم، ويبلِّغ رسالة السماء ويقيم حكم الله في الارض حتى توفاه الله اليه. فنشطت البذور النائمة للكفر والنفاق ثم وصلت الى سدة الحكم لتتحكم بمصير الامة الاسلامية وتقضي على كل ما جاء به الرسول الكريم وسعت في أن لا يبقى من الاسلام الإ اسمه ومن القرآن إلا رسمه. فهذا أبو سفيان لمّا تمّت البيعة لعثمان بن عفّان يُظهر ما أخفاه ويقول: « تلقّفوها يا بني أُميّـة تلقّف الكرة، فما الأمر على ما يقولون » . وما استشهد به اللعين يزيد وهو يعبث بشفاه الرأس المقدس ويقول . (( ليت أشياخي ببدر شهدوا , جزع الخزرج من وقع الأسل . قد قتلنا القرم من ساداتكم , وعدلنا ميل بدر فاعتدل لعبت هاشم بالملك فلا , خبر جاء ولا وحى نزل )). كان دم الحسين عليه السلام رهان السماء في ديمومة الرسالة وإحياء الدين وصرخة الحق بوجه الباطل في اصلاح ما افسده الأدعياء الطغاة فكان قضاء الله الذي أنبأ مغزاه سيد الكونين لسبطه الحسين فأدركه السبط الإمام ولسان حاله يقول إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني .
كان دم الحسين عليه السلام وآل بيته الأطهار مفردة من قدر الأمة التي شاء الله أن تكون جذوة إحياء الذات ونبراس الهدى لكل من ظّل وتاه عن السراط المستقيم . عظمة الحسين عليه السلام ما فوق الإعجاز وفوق ما يتسع العقل البشري في أن ترى راية الطف ولبيك يا حسين مرفوعة في كل بقاع الأرض وبكل اللغات فقضاء الدم المراق في كربلاء يشع نورا في اقصى الصين وفوق جبال الهملايا وفي ولايات أمريكا واستراليا وفي القطبيين وبين قبائل الهند مثلما هو يصدح عاليا في موسكو واذربيجان والشيشان وباكستان وافغانستان وكل اوربا بشرقها وغربها ناهيك عن دول أمست قلاع اركان المدرسة الحسينية في التحدي والحضور ومقاومة الظلم والجبروت في إيران الأسلام والعلم والبنيان ولبنان المقاومة ونصر الله وعراق الحشد وفتوى القداسة واصوات الحسين عليه السلام حاضرة في بحرين الصبر والمواجهة والقطيف وشجاعة الشهيد النمر وملاحم اليمن الكبرى بوجه الفكر الوهابي الضال وسفلة العدوان كما هو عنوان الثورة في هضاب نيجريا وغابات افريقيا .
الحسين امسى حاضرا رغم كل شيء يفرض الحضور في غزّة والقدس والثغور متحديا جرائم بني صهيون وسادتها في امريكا واذنابها في عمالة الأعراب
. لم تعد اشراقة الحسين قبس هنا وقبس هناك بل صار نورا ساطعا كالشمس ولا ظلام وأي ظلام ذاك الذي يقف بوجه ضياء الشمس . هو الحق كل الحق ولا حق سواه وتلاشت نواعيق الباطل ونواهق الزنادقة والنفاق . الحسين وسام فخر لمن يستحق ان يفتخر بإنه حسيني ,
وعنوان الشرف الأسمى لكل الشرفاء في الأرض . هو مصداق العِزة الأكبر لكل عزيز نفس وهيهات منا الذلة عنوانا للكبرياء ولبيك يا حسين .
لبيك يا حسين صرخة تدعونا لأن نكون بمستوى ما يريد الحسين عليه السلام منّا فنحب الحسين كما يريد هو ان نحبّه لا كما نريد نحن .
أن نقتدي به عملا وايمانا وصبرا وحكمة وشجاعة وموقف وثبات . ان نكون واحة للحب والطيبة والتسامح لمستوى الحسين الذي بكى على اعداءه اشفاقا عليهم لأنه سيدخلون جهنم بقتله .
أن تكون قلوبنا سليمة ونوايانا خالصة لله وفي الله وبصائرنا تشع بنبراس الإسلام الحنيف بمحمد وآل محمد .
ان نقرأ اعدائنا قبل ان يقرأونا وندرك خفايا مكرهم ولا نستغرب من عقول مرتدة بعد ايمانها ونفوس فجَرت بعد زكاتها ولنا في اصحاب امير المؤمنين عليه السلام كطلحة والزبير في الجمل والمغيرة بن شعبة وزياد في صفين وأصحاب آخرين درس وعبرة كما هي واقعة الطف وكيف كان قادتها الذي اقترفوا جريمة كربلاء من اصهار ال البيت واقاربهم ومن الصحابة وحفظة القرآن ولا عجب وأي عجب فهي دروس لنا وعبرة لكل مؤمن واع الى يوم يبعثون .
فلا عجب ولا غرابة من مثقف ضال ومعّمم منحرف أوأن ترى نبيل الأمس طيب الأصل قد هوى في مستنقع الضلال والرذيلة وباع كل الثوابت بأموال السحت الحرام وانقلب على كل المبادء وله ما له وكل ما يغدوا له في هذه الدنيا فيبقى الحق عليه وعين الله رقيبا وحكما وكتاب مشهود لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها .
اخيرا وليس اخرا نقول ان الكتابة عن سيدي ومولاي الحسين عليه السلام مداد لا ينتهي وافق لا يسعه نظر الباصرين لكنني اقتضم المقال بخاتمة الحب والعقل في ان يكون عاشوراء الحسين صوتا للعقل في النعقل ونورا للبصيرة في التبصر ومدعاة للوحدة في التوحد وتوبة عن اذنوب ومساوئ العيوب لنتوب الى الله بإسم الحسين وحب الحسين لنعود أخوة أحبة مؤمنين ومخلصين في كل حرف بصرخة لبيك يا حسين إعزاء في كبريائنا ونحن
نهتف هيهات منّا الذلة .
فوالله والله ثم والله لم اجد اكبر شموخا ولا اسمى فخر ولا ارقى فوزا وانتصار من ان ننتمي للحسين في حزننا وبكائنا وعيا ودراية ونهجا وعقلا ودينا وإيمان . السلام على الحسين وعلى ابناء الحسين وعلى ابي الفضل العباس وعلى اصحاب الحسين والسلام على صوت الحق وصدى الرسالة زينب الكبرى وكل من استشهد بين يديه وما جعله الله اخر العهد مني لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ــــــــــــ