الجمعة - 29 مارس 2024
منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


لمى يعرب محمد ||

إلى العقيلة زينب(ع):
أرفعي رأسك وأوصدي الأبواب جيدا، فدنياكِ الآن ليس فيها حسين ولا عباس، أسندي رأسكِ على رماح الرؤوس، وافتحي يدكِ المعطاء، لا زالت الأطفال بحماكِ، أجسامهم المرتعشة خوفا، وأيديهم وأرجلهم المتشابكة، أصنعي لهم من رمال الصحراء غطاءا، وواري أجسادهم الصغار، وأريحي رؤوسهم على وسائد صبرك.
الحكاية لم تنتهِ بعد وربما سيدخل لكِ من شقوق الأبواب رياح سوداء، أماتت النجوم في كبد السماء، واستباحت أروقة غربتكِ، يجري فيها شريان العطش يستذكر ماضي ليس ببعيد، ينادي القاصي والقريب، تحت ركام النكران، تشاهدين العجب العجاب في مجالس الظالمين، أنت المظلة التي نستظل فيها، وأنت القبضة القوية، نستمد منها وهج الحياة عندما يصارعنا الأسى.
ضيقة هي الحياة يا سيدتي عندما نكون غرباء وطن يستباح فيه دماؤنا ببساطة، الصور المتقاربة في تفاصيلها تلتقطها لنا عدسة الإباء رغما عنهم، أنت مهيأة لذلكَ الامتحان الإلهي وسط مساحة شاسعة من الغل والحقد تحاول إخفاءك لكن لغة حواركِ أطاحت عروشهم، كل عام يتجدد موقفك، وكل عام ننادي باسمك “يا زينب”،
نوقد الشموع ونطرد بنورها عالم من الظلمات والطغيان نحول صحراء كربلاء وطريقها الأحمر نورا، عيون تترقب وقلوب تخفق بسرعة تمزق الحزن والآهات بمواساتك سيدتي، لم نرَ في هذا المشهد العظيم شيئا سوى سكينة عميقة تعانق نفسك وهيبة سحرية تبيح بصورها أسرار الإله وتتكلم بلا نطق للأجيال والشعوب جميعا، تثير مشاعر الشاعر وتقنع أفكار الفلاسفة، بأن الإنسان موقف يرسم به رمزا تذكره الأديان والثقافات الأخرى،
ألملم من عيونك أشلاء الحزن وأجمع آهاتك أضيء منها شموع ليلة الحزن، أتى المساء وبكت العيون أطفأت جميع الشموع ألا شمعة واحدة من شدة ألمها غرقت بدموعها ولن تنطفئ إلى يوم يبعثون..
ساعد الله قلبك مولاتي زينب (ع)
ــــــــ