الخميس - 28 مارس 2024

الإنعزال والتصدي في الأزمات والمنعطفات والفتن

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


أسعد تركي سواري ||

ما هي الفتنة ؟ ، وما هو الموقف والتموضع الشرعي والوطني السليم للأفراد والجماعات في الأزمات والمنعطفات والفتن ؟
للإجابة على هذه التساؤلات ينبغي أن يكون واضحا بأن الفتنة لا يمكن أن تعني صراع ( الحق مع الحق ) ، إذ قال إمامنا أمير المؤمنين علي (ع) (( ما إختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالة )) ،
كما لا يمكن أن تعني صراع ( الحق مع الباطل ) ، فلو كانت كذلك ، لما قال الإمام المعصوم (ع) : (( كونوا أحلاس بيوتكم )) أي لاصقوا منازلكم ولا تتركوها أثناء الفتن ، ولدعا لنصرة الحق ضد الباطل ، وبذلك لم يتبق لمعنى الفتنة ، سوى أنها تعني صراع ( الباطل مع الباطل ) ، ولذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع) (( كن في الفتنة كإبن اللبون ، لا ضرع فيحلب ولا ظهر فيركب )) ، وإبن اللبون هو الناقة الصغير الذي لا يدر الحليب ولا يمكن إمتطاؤه ، لكي لايستغل ، بضم الياء ، المؤمنون من طرفي الباطل المتنازعين ،
إلا أن السكون في الدار والركون إلى الحياد والوقوف على التل في منازلة الحق مع الباطل ،
هو شراكة في جرائم الباطل ، فهو وإن لم ينصر الباطل ولكنه يكون قد خذل الحق ،
فالحياد في المنازلات التاريخية والمعارك الوطنية الكبرى خيانة عظمى ،
ولذا قال الإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء (( من سمع واعيتنا ولم ينصرنا أكبه الله على منخره في النار )) ،
إذ إن مفهوم التقية وإن كان واجبا إلا إنه يغدو محرما شرعا إذا كانت الأهداف الاستراتيجية المتوخاة من المواجهة أعظم وأجل من قيمة التضحيات المحتملة،
وكل ذلك مرهون بالتموضع الدقيق تحت لواء المصداق الواقعي للقيادة الشرعية ،
وكل منا يتحمل المسؤولية الشرعية والوطنية بقد ما يمتلك من صلاحيات وقدرات على التأثير في درء المفاسد والمخاطر وحقن الدماء وتعزيز وحدة الصف الإسلامي والوطني ، وتنوير الرأي العام للوطن والأمة ، لإنقاذ الأفراد والجماعات من الشبهات للحيلولة دون التموضع في معسكر لباطل ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ،
حفظ الله العراق العظيم وشعبنا الكريم وأمتنا الرسالية .
ــــــــــــ