الجمعة - 29 مارس 2024

ترميز التافهين وزيارة الاربعين..!

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


عدنان جواد ||

من كتاب نظام التفاهة للدكتور الآن دونو نختار بعض الكلمات والجمل، يصف الكاتب التفاهة بانها (لعبة) فبالرغم من انها غير مكتوبة ولا يعرفها الجميع، ولا يتكلم عنها احد، لكنها تنتمي الى كيان كبير، يبتعد فيه عن القيم والمبادئ والاعتبار، ويرتبط بحسابات متعلقة بالربح والخسارة الماديين كالمال والثروة، والمعنوية بالسمعة والشهرة والعلاقات الاجتماعية، فيفقد الناس تدريجياً اهتمامهم بالشأن العام ويقتصر اهتمامهم على فردياتهم الصغيرة، وفق قواعد جديدة تم اختراعها، ويمكن من خلال تلك اللعبة النجاح السهل، لان الغالبية تذهب للتبسيط ونبذ المجهود والقبول بالحدود الدنيا وتبسيط كل شيء، وايهام الناس، انه لا سياسة ولا جامعة ولا اعلام، ولا حتى شؤون الصالح العام، فتقتضي التفاهة ان نتذكر ان الامر بالنهاية لا يعد ان يكون لعبة.
وبواسطة شبكات التواصل الاجتماعي مثل( تويتر وفسيبوك وانستغرام وتك توك وغيرها) وهي مواقع للقاء الافتراضي، ففيها يتكون عقل جمعي من خلال المنشورات المتابعة، وطبعاً بعض القنوات التلفزيونية التي تختار المقدمة لتفاهتها بغض النظر بما تمتلك من مؤهلات، والجمال سواء كان طبيعياً او صناعياً ، والمقدم للوسامة والشكل الخارجي بعيداً عن المضمون، والضيوف من نفس هذه الشاكلة، واللغة الخشبية الجوفاء الفاقدة للقيمة، مجرد لغو، وتنميط العمل ، وانعدام الثقافة، والصحافة التي تصيغ الخبر حسب اهواء ومصالح اصحاب المؤسسة وتوجهاتهم، والسياسة تعتبر المساحة الخصبة لازدهار نظام التفاهة، ونشر الثقافة الصبيانية المراهقة، والعاطفة القوية المؤثرة التي تحفز الانفعالات الشعبية والاستعراضات المبالغ فيها من دون الرجوع الى المنطق والعلم والمصلحة والحدس، فيختصر مسيرة طويلة من تبادل الافكار، واجيالاً من التفاعلات والمناظرات والنقاشات والخطابات والمراسلات ، والكتب والتوزيع والنشر والقراءة والنقد ونقد النقد، حتى يصل صاحبها لموقع النجاح، لكن اليوم وبواسطة هذه المواقع والقنوات في (ترميز التافهين) كما يقال اي تحويلهم الى رموز، فتصورهم لنا من انجح الناجحين ، وهذا النجاح ظهر بدون كلل او تعب او عمل جاد، وان الوطن والمواطنة الصالحة وحسن الخلق والادب والفنون مجرد تعقيدات تفرض على الشخص حتى تمنعه من النجاح، وتم اختزال النجاح بالمال فقط، واكثر التافهين يسلكون طريق الفن، فالفن له معايير جمالية وفلسفية، فتحول الى اشكال من الجنون والفهلوة الى فن، فعروض الازياء وملكات الجمال هي عبارة عن ملابس استعراضية غير قابلة للارتداء عملياً، والملكات عبارة عن عاريات بدون تاج وعرش ومملكة.
اصبح بعض التافهين رموز ولهم الاف المتابعين بل قل الملايين، وهذ نتيجة قلة الوعي وعدم اهتمام الحكومات بأبناء شعبها، وتدخل دول ومؤسسات دولية واقليمية في شؤون الدول الضعيفة، وهي جزء من حرب ناعمة غير معلنة، تحارب تلك الدول في مصدر قوتها فتسقطه امام الراي العام، ونحن في العراق وخاصة في المذهب الشيعي مصدر القوة عندنا هي المرجعية الرشيدة، والشعائر الحسينية، هذان الركنان لم يستطع الاستعمار بقوته واساليبه في ذلك الزمان التقليل من شانهما او الانتصار عليهما، ونظام صدام بظلمه وجبروته ان يخفيهما او يقلل من دورهما، واليوم تحاول تلك الجهات استهداف المرجعية، مرة باتهام العمامة بالفساد، بغض النظر عن انتمائها وتوجهاتها، ومرة اخرى بخلق مرجعية بديلة من صنف التوافه، تطعن بالتاريخ الشيعي والفتاوي ، وان المرجعية تابعة وهي ذيل وفارسية وغيرها من الاتهامات والنعوت الباطلة، وان اليوم وصلنا الى مرحلة لا نحتاج الى تقليد المرجع والرجوع اليه في المسائل الحياتية والفقهية، فكل هذه الامور موجودة في (كوكل) والخمس والزكاة اصرفها على نفسي وعائلتي افضل من اعطائها لأشخاص يستخدمونها لأغراضهم الشخصية، واما الشعائر الحسينية فقد ادخلت عليها التوافه من جماعة التطيين، واختراع اساليب جديدة للشعائر تافهة وغير مقبولة، واليوم يبثون سمومهم ، للتفريق بين ابناء المذهب الواحد بشعارات القومية، والحدود بين الدول ، فيتم استهداف زوار الامام الحسين عليه السلام في زيارة الاربعين، المؤمنون من ابناء الجهورية الاسلامية، فالقضية ليست وطنية وحب الوطن ، انما هي مشاريع مدفوعة الثمن، فينبغي التصدي لهذه التصرفات التافهة بحزم ، من قبل اجهزة الدولة الامنية وفي مقدمتهم الحشد الشعبي، والزوار الواعين ، وقلب الاستهداف والنيل من تلك الشعائر، الى هدف في الانتصار وربح المعركة، فهي فعلاً معركة بين الحق والباطل وهي مستمرة، وثورة الامام الحسين هي المعيار، بنشر الوعي بين الشباب المندفع مع رموزه التافهين وسحبة بقوة المنطق والاقناع الى جادة الصواب، فالكثير من شبابنا ضحية لمواقع التواصل الاجتماعي، فبعضهم يقلد ممثلين اجانب في كل تصرفاتهم وملبسهم وتسريحات شعرهم، وبعضهم يقلد لاعبين، والاخطر من هذا انتشار المخدرات والانحرافات في صفوفهم، كالميوعة والمثلية وغيرها من الآفات الخطرة على المجتمع، وزيارة الاربعين فرصة لتثقيف هؤلاء واصلاح ما يمكن اصلاحه، وافشال المخططات التي تحاك ضد البلاد والعباد.