الخميس - 28 مارس 2024

طالبان وتهمة غض الطرف عن قتل الشيعة..!

منذ سنة واحدة
الخميس - 28 مارس 2024


متابعة ـ ايفان العودة ||

– رغم مرور أربعة عشر شهرًا فقط على عودة طالبان للسلطة في أفغانستان، فإن عدد الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون ضد شيعة هذا البلد خلال هذه الفترة، يزيد كثيرًا على عدد شهور حكم هذه المجموعة.
أول عملية إرهابية مميتة ضد الشيعة في عهد طالبان، والتي وقعت في أكتوبر 2021 في مسجد شيعي في مدينة قندوز وأسفرت عن استشهاد 72 شخصًا وجرح 200 شيعي، كانت بدايةً دمويةً للشيعة الأفغان، ثم تكرر ذلك أيضًا في مدن أخرى بشکل متسلسل.
في 15 أكتوبر 2021، أدى هجوم انتحاري خلال صلاة الجمعة في مسجد شيعي في قندهار، إلى مقتل 63 وإصابة 83 آخرين؛ وفي أبريل 2022، استهدفت ثلاث هجمات انتحارية مدرستين في المنطقة الشيعية بغرب كابول، أسفرت عن 26 شهيدًا و 19 جريحًا؛ ثم وقع انفجار مروع في مسجد “خليفة صاحب” في كابول في أبريل 2022، ثم اعتداءات متتالية على مراسم عزاء الشيعة في شهر محرم، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى؛ وکذلك تنفيذ عشرات العمليات الإرهابية الأخرى على مناطق شيعية في مدن مختلفة من أفغانستان، هي جزء صغير من قائمة الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون خلال حکم طالبان، والتي تزداد يوماً بعد يوم.
هذه الجرائم التي نفذت العديد منها على يد تنظيم داعش الإرهابي، نُفِّذت بطرق مختلفة في الأيام الأخيرة في المناطق الشيعية في كابول، وفي الحالة الأخيرة فجر انتحاري نفسه في مركز “كاج” التعليمي بمنطقة “داشت برشي” في كابول، ما أدی إلی استشهاد 32 طالباً شيعياً وجرح العشرات.
واكتفت حركة طالبان کما في السابق بإدانة هذه الجريمة، وادعت أن مثل هذه الأعمال تتم بهدف زعزعة استقرار حكم هذه المجموعة في أفغانستان.
• قتل الشيعة خلال حکم طالبان بشکل هادف
بينما تدعي طالبان أنها أقامت النظام والأمن في جميع أنحاء أفغانستان في العام الماضي، فإن ما يحدث علی أرض الواقع يثبت عكس هذا الادعاء.
وعلى الرغم من وجود عمليات إرهابية ضد الأفغان في الحكومات السابقة، إلا أنه منذ وصول طالبان إلى السلطة، ازدادت الهجمات الدموية والقاتلة ضد الشيعة بشكل كبير، ووقع مئات الأشخاص ضحايا لهذه الجرائم، وتدل هذه القضية على أن الأمن، على عكس مزاعم مسؤولي طالبان، أصبح سرابًا بعيد المنال بالنسبة للشيعة الأفغان.
يشكل الشيعة في أفغانستان حوالي 15-20٪ من سكان البلاد، لكنهم أكثر عرضةً للتهديدات الإرهابية ويعيشون حياتهم في خوف.
وبالنظر إلى أن معظم الهجمات الإرهابية في عهد طالبان نُفذت في مناطق الهزارة الشيعية، فقد تعززت الشكوك بين الشيعة الأفغان وأهالي المنطقة بأن طالبان ربما تعمدت غض الطرف عن جرائم الإرهابيين من أجل تنفيذ عملياتهم بسهولة.
ويقول سكان المناطق الشيعية إن قوات طالبان الأمنية لا تهتم بأمن هذه المناطق، وتبحث فقط عن أهداف محددة. وقال الشيعة المقيمون في غرب كابول إن قوات طالبان تضايق الشيعة في الشوارع وتعتقلهم وتعذبهم بلا سبب، لكنهم غير مبالين بالتفجيرات التي تحدث كل يوم في المناطق الشيعية ويمرون عليها مرور الکرام.
وبالنظر إلى أن معظم هذه العمليات ينفذها إرهابيو داعش، فإن فرضية تقاعس طالبان في توفير الأمن تصبح ذات مصداقية، وخاصةً أن مسؤولي طالبان أعلنوا قبل شهرين أنهم أطلقوا سراح أكثر من 1800 إرهابي من داعش من السجون الأفغانية، أثناء الاستيلاء على كابول.
لذلك، فإن إطلاق سراح هؤلاء الإرهابيين وتركهم أحرارًا في التردد بين مدن أفغانستان، أدى بالبعض إلى استنتاج مفاده بأن طالبان تتعاون مع تنظيم داعش الإرهابي. لأن هذه المجموعة لم تتخذ أي إجراء ضد السنة أو قوات طالبان في العام الماضي، ومن خلال وضع هذه التطورات إلی جانب بعضها البعض، يتبادر إلى الذهن هذه النظرة السلبية تلقائيًا بأن حكومة طالبان ليست قلقةً بشأن هذا الموضوع.
لقد ازدادت الجرائم الإرهابية إلى درجة أنه حتى السنة في أفغانستان عبروا عن اشمئزازهم وغضبهم من هذه العمليات، ويتوقعون أن تفي طالبان بوعودها على الأقل في إرساء الأمن في الداخل.
من ناحية أخرى، مع تكثيف مثل هذه العمليات، أصبحت قدرة حكومة طالبان على التغلب على انعدام الأمن موضع تساؤل وشکوك، ولم يعد بإمكان الأفغان الاعتماد على حكومة لا تستطيع حتى إرساء الأمن في العاصمة في منتصف النهار، فكيف يمكنها إنقاذ البلاد من الأزمات الاقتصادية والسياسية، وهذه النظرة تزداد قوةً بين الأفغان يومًا بعد يوم.
کذلك، وصلت الهجمات الإرهابية ضد الشيعة إلى درجة أثارت قلق شيعة المنطقة، الذين انتقدوا حركة طالبان لعدم قدرتها على إرساء الأمن والتهاون في حماية أرواح الشيعة.
وفي هذا الصدد، أعرب شيعة الدول الإسلامية الأخرى عن قلقهم من هذه القضية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعلنوا أن حرکة طالبان مسؤولة عن هذه المآسي اللاإنسانية، لأنها لا تهتم بالمناطق الشيعية.
يصف العديد من نشطاء حقوق الإنسان، الأعمال الإرهابية ضد الشيعة في أفغانستان بأنها إبادة جماعية ممنهجة لقومية الهزارة. وطالبان التي تعتبر توفير الأمن أعظم إنجاز لها، لم تتخذ أي إجراءات فعالة لمنع هذه الهجمات، وأصبحت مثل هذه الجرائم روتينيةً في مناطق الهزارة.
كما نشرت منظمة العفو الدولية بياناً، وصفت فيه الهجوم الانتحاري على المركز التعليمي في “داشت برشي” بأنه مروّع، وقالت إن هذه الهجمات في مناطق الهزارة ذات الأقلية الشيعية تظهر العجز المخزي والفشل المطلق لطالبان في حماية شعب أفغانستان.
وذکرت منظمة العفو الدولية أنها وثقت بشكل متكرر عمليات قتل هادفة لأفراد من طائفة الهزارة الشيعية، بعد أن استولت طالبان على أفغانستان في عام 2021.
تواجه طالبان اتهامات بأنها لم تتخذ أي إجراءات لمنع هذه العمليات الإرهابية ضد مناطق الهزارة، فيما أنها لا تنشر حتى هوية الانتحاريين، الأمر الذي قد يكون نتيجة الخوف من الكشف عن هوية هؤلاء الأشخاص، الذين ربما يكونون من طالبان نفسها.
تظهر زيادة الهجمات الانتحارية، التي تتم بشكل أساسي في المساجد والمدارس، أن طالبان لم تكن قادرةً على الدفاع عن حياة المواطنين الشيعة في أفغانستان. والاستيلاء الكامل على السلطة من قبل طالبان وعزل الجماعات السياسية الأخرى داخل الحكومة التي يمكن أن تكون فعالةً في إرساء الأمن وحل المشكلات السياسية والاقتصادية، يظهر أن أعضاء هذه المجموعة يهتمون فقط بمصالح المجموعة وليس المصالح الوطنية.
هذا بينما جعلت جميع الدول الاعتراف بطالبان مشروطًا بتشكيل حكومة شاملة، لكن هذه المجموعة ترفض القيام بذلك، وليس لديها نية لجلب قادة سياسيين آخرين إلى الحكومة.
• النظرة السلبية لدول المنطقة لأداء حركة طالبان
لقد انتشرت العمليات الإرهابية في أفغانستان على نطاق واسع منذ وصول طالبان إلى السلطة، لدرجة أن دول المنطقة، إضافة إلى الأفغان، قلقة للغاية بشأن هذه القضية. لأن زيادة انعدام الأمن في أفغانستان يمكن أن تنقل عدم الاستقرار هذا إلى البلدان المجاورة الأخرى، وفي هذه الحالة ستواجه البلدان تحديات جديدة.
في العام الماضي، حاولت دول المنطقة حل أزمة عدم الاستقرار في أفغانستان ومنع انتشار انعدام الأمن في المنطقة، من خلال عقد عدة اجتماعات. هذه الدول بذلت جهودًا كثيرةً لمساعدة حكومة طالبان في تجاوز الأزمة الاقتصادية، وتصدرت الصين وإيران زمام المبادرة في هذا المجال أكثر من غيرهما. لكن انعدام الأمن في أفغانستان يدفع الدول الأخرى إلى إعادة النظر في نهجها تجاه حكومة طالبان.
لقد أعلنت حركة طالبان استعدادها لجذب الاستثمار الأجنبي في أفغانستان، فيما أنها غير قادرة على توفير الأمن لمواطنيها. وبما أن الاستثمار الأجنبي يعمل في مناطق تتمتع بالأمن والسلام الكاملين، فإن عدم قدرة طالبان على التعامل مع العمليات الإرهابية يساهم في هروب رؤوس الأموال من أفغانستان، بدلاً من جذب رأس المال الأجنبي.
لأن دول المنطقة ستتوصل إلى تقييم بأن طالبان التي لا تستطيع توفير الأمن للمواطنين الأفغان، فکيف ستكون قادرةً على الدفاع عن أرواح الرعايا الأجانب
إن استمرار حالة انعدام الأمن في أفغانستان وعدم قدرة طالبان على التعامل مع تحركات الإرهابيين، سيؤديان إلى زيادة عزلة حكومة طالبان ذات اللون الواحد في العالم، وحتى شعب أفغانستان لن يهتم بهذه الحكومة، لأنهم محرومون من الحد الأدنى من حقوق الإنسان، وهو الأمن.


مصدر : موقع الوقت

ــــــــــــــــــــــــ