الخميس - 28 مارس 2024

الشخصية العراقية بين الوردي والحيدري

منذ سنة واحدة
الخميس - 28 مارس 2024


سامي جواد كاظم ||

متخصصو علم الاجتماع تشغلهم دراسة خصائص المجتمع وشخصية الفرد فيه وفي العراق هنالك من له دراسات عن المجتمع العراقية والشخصية العراقية ، ولعل اشهرهم وسيدهم والمتربع على قمة الدراسات هو الدكتور علي الوردي ، والحديث عن حديث الوردي عن المجتمع العراقي يفرض علينا الاخذ في نظر الاعتبار الفترة التي على اساسها شخص صفات المجتمع العراقي ، والفترة التي هي عقود من منتصف القرن العشرين وكانت طبيعة المجتمع العراقي في الاغلب الاعم دينية ومن ثم عشائرية ، ولان الوردي علماني فانه يتربص بالعادات والشعائر الدينية التي تصطدم بما يؤمن به من افكار اعتقدها اثناء دراسته في امريكا وسفره الى فرنسا ، وبالاجمال فان الوردي اشبه بصاحب محل بقالة ينتقي هو للمشتري ولا يسمح له بالانتقاء وانتقاؤه يكون وفق مزاجه ، فالتصرف الفردي الشاذ الذي يصدر من مواطن عراقي يعمم عليه الفكرة ويجعلها ظاهرة عامة في العراق .
فمثلا عندما يسمع خطيب منبر يقول علينا ان ناخذ ما يفيد مجتمعنا من الغرب ويتفق مع شريعتنا ولا ناخذ ما يخالفها ، فالوردي يعقب على هذا الخطيب باستهجان قائلا كانه ينتقي بطيخ من محل بقالة ، بل يجب اخذ البضاعة على عيوبها ، وهذا ما يريده الوردي ، وعلى غراره الدكتور شريعتي عندما قال : إنّي أفضّل المشي في الشارع وأنا أفكّر في الله على الجلوس في المسجد وأنا أفكّر في حذائي ، وهل هكذا تصرف يستحق استهزاء وانتقاد ؟ واخيرا قتل وهو في لندن التي يتبجح بثقافتها ولم ياخذ القاتل عقوبته بل لا تعرف هويته ، ولا اشك ان يكون قاتله بعلم استخبارات بريطانيا لان الشاه رجلهم ، وقد يكون من قبل الموساد الصهيوني حتى يتهم المسلمون باعتبارهم متضررين من افكاره ، والنتيجة ان تشخيصه فردي مزاجي .
اما في العراق فان هنالك سؤال مهم حول طبيعة الفرد العراقي اشرت له عابرا في بداية المقال الا وهو طبيعة المجتمع العراقي ترتكز على متوسط عمر الفرد العراقي وتقريبا هو ستين سنة الذي على ضوء تصرفاته يمكن معرفة شخصية الفرد العراقي فان هذا العمر يعني ولد وترعرع في اسوء فترة زمنية عاشها العراقيون انقلابات واعدامات واعتقالات وحروب وحصار ومؤامرات دولية من اوباش بوش وهذا بالنتيجة اثر تاثيرا جوهريا على الوضع الاقتصادي الذي بدوره اثر على الوضع السياسي وبالتالي نسف الوضع الاجتماعي .
هذه الامور شخصها الكاتب الدكتور ابراهيم الحيدري في كتابه ( الشخصية العراقية مرحلة ما بعد السقوط وتشوهات الشخصية ) انه قالها بالصميم تشوهات الشخصية فبسبب ما قامت به امريكا في نسف القيم للمجتمع العراقي وقد عرض مجموعة من مؤامراتهم ضد العراق بدءا من بريمر ومرورا ببايدن الذي طرح فكرة تقسيم العراق ، فانتجت شخصية عراقية مشتتة ومزاجية ولا يمكن معرفة دوافعها في الحياة ضمن مجتمع عراقي اصيل ، ففي الوقت الذي لايمكن ان تسمع قبل سبعين سنة مثلا جريمة عائلية بالقتل او انتحار فانها اليوم اصبحت امرا معتاد عليه وقد ظهرت جرائم يندى لها الجبين ، وعلى الطرف الاخر الشخصية المثقفة والواعية فانها لا تستطيع ان تفعل شيئا وسط هذه الجمهرة من الشواذ ساعدهم على ذلك التشتت اي تشتت وكثرة وسائل الاعلام التي دست بينها وسائل اعلام هدمية مهنية بحيث ثلاث او اربع اسماء وهمية من على مواقع التواصل الاجتماعي تستطيع ان تتلاعب بالشارع العراقي والشارع العراقي هو مجموعة للشخصيات العراقية التي تشابهت بالفوضى واصبحت صورة مشوهة للشخصية العراقية .
ويؤكد الحيدري على النزعة الجماعية التي قضت على شخصية الفرد والجماعية ( احزاب وعشائر ومليشيات ) اما منظمات المجتمع المدني فهي لا شيء امام هذا التيار ، ويقول الدكتور الحيدري ( الضمير الجمعي هو محصلة مجموع ضمائر افراد المجتمع فاذا فسد الضمير الجمعي فسد المجتمع وتشوهت شخصية الفرد .
طبعا فساد الضمير الجمعي هو بسبب الحروب والحصار والنظم السياسية الفاسدة وتربع عليها في الفترة الاخيرة المحاصصة ، والتي زادت من التباعد بين مذاهب واعراق المجتمع العراقي .
هنا لابد لنا من الاشارة الى الجهد الرائع الذي تبذله المرجعية العليا في النجف الاشرف من اجل وحدة العراق وكان لها الدور المؤثر في كبح جماح النزعة الفردية الانتقامية ضد الاحداث التي كانت امريكا هي السبب المباشر لها من اجل هدم المجتمع العراقي وبقائه موحد الى الان وان كانت الوحدة هشة، والا فان العراق كان على خطى يوغسلافيا والسوفيت، سنة 2006 اقتراح بايدن بتقسيم العراق والتي فيها حدثت تفجيرات سامراء .
الشخصية التي عاشت فترة الانقلابات من عبد السلام عارف الى انقلاب البعث المشؤوم ومارافقها من سقوط قيم المجتمع ايام البعث بحيث ان الاب يخاف من ابنه ان يتحدث بالسياسة والمراة تخرج عارية باسم الحرية وكل من يتحدث باسم البعث يصبح سيد الموقف وختمها بالحصار والتهور في حرب ضد امريكا التي جاءت لتكمل حفر الحفرة التي يقع العراق فيها مشتت ولكنه لا زال يتشبث باسم العراق بالرغم من تشوه الشخصية العراقية ،،، رجاء لا تتحدثون عن المثاليات والتاريخ الماضي .


ـــــــــــــــــ