الخميس - 28 مارس 2024

الفرق بين الحب والولاء في العلاقة بأهل البيت

منذ سنة واحدة
الخميس - 28 مارس 2024

د.علي المؤمن ||

كثير من الأخوة السنة والشيعة الذين يتعاملون مع القضايا العقدية تعاملاً سطحياً وعاطفياً وانفعالياً، ويفرضون معايير المصالح السياسية والاجتماعية على الشأن العقدي والفقهي؛ يرددون دائماً، بأن السنة يحبون آل البيت أيضاً، وأن التاريخ يشهد بذلك، وبالتالي؛ لافرق في محبة آل البيت بين السنة والشيعة.
لانختلف في أن السنة والشيعة (باستثناء الوهابيين والنواصب) يحبون آل البيت ويجلّونهم ويحترمونهم، إلًا أن طبيعة هذا الحب تختلف اختلافاً جوهرياً بين الطرفين؛ فحب السني لآل البيت منشؤه العاطفة، بينما حب الشيعي لأل البيت قاعدته الولاء. وهنا يكمن الفرق بين السني والشيعي في العلاقة بأهل البيت، وهو الفرق بين الحب العاطفي وبين الولاء والانتماء؛ فحين يتغنى السني بالإمام علي والزهراء والحسن والحسين، ويحترم الأئمة الأطهار؛ فإنه يعبّر عن حب مجرد من الولاء والانتماء العقدي والفقهي، وقد يصل حبه لهم مستوى الدعم السياسي، كما حصل في حقب تاريخية كثيرة، لكنه دعم غير مقترن بالانتماء، بل مقترن بتحسس مظلوميتهم وحقانيتهم الشخصية؛ إذ أن عقيدة أهل السنة تفرص على السني أن يجمع بين محبة أهل البيت ومحبة خصومهم وأعدائهم وقاتليهم، لأنها عقيدة قائمة على قاعدة الجمع بين حب آل البيت، وحب جميع الصحابة والخلفاء والسلاطين الأمويين والعباسيين والأيوبيين، وإن كانوا متخاصمين، وقد قتل بعضهم الآخر، وانحرف قسم منهم عن جادة العقيدة والسلوك الديني، وخرج قسم آخر على خليفة رسول الله الإمام علي وقاتلوه.
وهذا الجمع، عند السني، في الحب بين المتناقضين والمتعارضين، لايعني أنه يوالي آل البيت والصحابة معاً وبالمستوى نفسه، بل أنه يحب آل البيت وأئمتهم، لكنه في الجانب العقدي والفقهي والسياسي، يتبع ويوالي الخلفاء والسلاطين والمحدثين والمتكلمين والفقهاء الذين يقفون في الجهة المقابلة لأئمة آل البيت، وهي تبعية تصل الى حد التقديس. ورغم أن السني يعترف – غالباً – بأن طريق آل البيت هو الأقرب الى رسول الله، لكنه – في الوقت نفسه – يأخذ حديثه من أبي هريرة والبخاري ومسلم، كما يأخذ عقيدته من الأشعري، وفقهه من مالك وأبي حنيفة والشافعي وابن حنبل، ولايأخذها من الباقر والصادق، وهو تعارض تسمح به العقيدة السنية كما ذكرنا.
أما الشيعي؛ فحبه لأهل البيت قائم على أساس عقدي وليس عاطفي وحسب، وهو أساس يفرض على الشيعي أن يتبع أئمة آل البيت في الحديث والعقيدة والفقه والسيرة والسياسة. كما أن عقيدة التشيع لاتسمح للشيعي أن يجمع بين الولاء لأل البيت وبين حب خصومهم وأعدائهم وقاتليهم، بل يفرض عليه، هذا الولاء العقدي الشامل، البراءة من أعدائهم.
وحتى في الاجتماع السياسي والديني؛ فإن العقيدة السنية لاترى تعارضاً بين أن يكون السني محباً لآل البيت ومتعاطفاً معهم ومع مظلوميتهم، وبين أن يكون منتمياً وموالياً للاجتماع السياسي والديني للأنظمة الأموية والعباسية والأيوبية والعثمانية والسعودية والبعثية التي ذبحت أئمة آل البيت وذراريهم وشيعتهم، لأن الفقه السياسي السني لديه التكييفات الشرعية والعقلية التي تفرض على السني القبول بهذا التناقض.
ما أود قوله في هذا المجال؛ إن المصالح السياسية والاجتماعية ينبغي أن لاتدخل في حرف الثوابت العقدية والفقهية؛ فالشيعة والسنة أخوان في الدين والأوطان والجغرافيا والمصالح، والخلاف بينهم في الجانب العقدي والفقهي خلاف مقبول ومحترم، ولكن ينبغي عدم تكييف هذا الخلاف على أساس المصالح، كما ينبغي أن لايتحول الى مادة للصراع السياسي والمجتمعي.


ــــــــــــــــ