الجمعة - 29 مارس 2024

كهولة الاحزاب العراقية وبعضها يحتضر

منذ سنة واحدة
الجمعة - 29 مارس 2024

حيدر الموسوي ||

اغلب الشباب حينما يستأجر تاكسي يرفض الصعود مع رجل مسن او كبير بالعمر ويفضل ان يكون صاحب التاكسي شاب لانه يرتاح نفسيا في التعامل معه وصعوبة التعامل مع رجل كبير بالسن
الاحزاب العراقية بدأت تشيخ ولم تطور نفسها في التعاطي مع التحولات الجديدة التي طرأت على الاجيال الجديدة فهي تتحدث بأفكار خمسينيات وستينيات القرن الماضي التي اندثرت بحكم تقادم الزمن ، فالحزب الشيوعي كمثال قد يكون الاكثر هرما بينهم فالبضاعة السياسية التي يقدمها انقرضت في الدولة الام المؤسسة وطن حر وشعب سعيد والحديث عن المرحوم سلام عادل او المؤسس فهد والذي لا يعرفه شابين من الاجيال الجديدة
الاتحاد الوطني الكردستاني وكأن هذا الحزب مات سريريا بموت الراحل مام جلال طالباني اما رئيسه الحالي فهو في سبات تام وكل ما يمتلكه انه ابن الراحل مام جلال وليس لديه اي نشاط سياسي او اعلامي على الاطلاق
بعكس الديمقراطي الكردستاني الذي طور من قدراته وصدر نموذجين من الشباب نيجرفان ومسرور وان كان حزب عائلي بالوراثة الى انه يتميز بالحراك الداخلي والخارجي ويحظى باهتمام داخليا وخارجيا
الاحزاب السنية اصلا بلا هوية سياسية ولا حزبية اصلا ولم تتمكن من النهوض سياسيا ومازال الجمهور السني يعتقد انه لا حزب اخر بعد البعث حتى الجيل الجديد داخل هذا المكون لان الفشل كان مرافق لهذه الاحزاب الناشئة التي تشكلت ما بعد التغيير وغياب الرمزية الحقيقية لهذا المكون والانشقاقاقات الكبيرة والتفريخ السياسي المستمر للزعامات
المكون الشيعي الاخر بدأت ظاهرة الاحزاب تتأكل في داخل قواعدها الجماهيرية وليس لديها سوى التعكز على القضية المذهبية واطلال المقابر الجماعية والحديث عن المظلومية لاكثر من ١٤٠٠ سنة ولم تتمكن من اقناع الجيل الجديد بخطاب تعبوي لشريحة الشباب وجل اوراقها هو الرموز السابقة كالسيد محمد باقر الصدر والسيد محمد باقر الحكيم وبعض الرموز ولذلك فكر على سبيل المثال السيد عمار الحكيم بالتجديد والقفز من السفينة بمحاولة الانفتاح ومغادرة الطرق التقليدية غير ان تلك المحاولات لم تلاقي الاستحسان كثيرا لان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية مرتبط بعنوان اسلامي وثوري وباسم عائلة الحكيم وبالنهاية السيد عمار هو اين هذه العائلة وبنفس الزي
حزب الدعوة وهو الحزب التقليدي والاكثر شعبية عند الشيعة لولا شخص وكاريزما المالكي لاصبح مجرد ارشيف في الحياة السياسية العراقية كون المالكي اعاد اليه الروح بعد ان بقت كوادر الحزب بخانة التنظير والنخب ولا نعرف مصير الدعوة بعد المالكي
اما التيار الصدري هو ليس حزب سياسي بقدر ما انه تيار عقائدي شعبي مرتبط بفترة امتدت من التسعينيات ابان الراحل السيد محمد صادق الصدر وانتهى بزعامة ابنه الشاب السيد مقتدى الصدر .. جمهور ثابت وحتى الاجيال الجديدة باقية على رمزية تلك الاسرة ومازال محافظ على وجوده شعبيا وحتى سياسيا رغم بعض الاخطاء
وجودات سياسية شيعية اخرى مرتبطة بحالة الجهاد والحرب ضد الا ر ها ب هذه الوجودات الجديدة تعتمد في كسبها الجماهيري على عنوان اساسي وهو مقاومة الوجودات الاجنبية المستعمرة ولكنها لا تجيد العمل مع ذهنية وتطلعات الشباب الحاليين وتحاول فرض هذه العناوين عبر الشعارات والمناسبات وديمومة استمرارها الصراع مع واشنطن على مستوى اقليمي وليس داخلي
جمهورها هو طيف من الشباب الثوري لكن بدون ستراتيجية بعيدة الامد وليس لديها نخب سياسية فكرية قادرة على صناعة الوان اخرى لوجودها في المشهد السياسي
الاحزاب الجديدة التي انبثقت من تشرين ولدت ميتة من الاصل لانها مرتبطة بحالة غضب وفوران شبابي آني واغلب قيادتها لديها فقر سياسي وليس لديها اي خزين او ارث او رمزية سياسة تعتمد كليا في الاداء والتنافس مع الاحزاب التقليدية على التذمر الشعبي بالضد من الطبقة السياسية فلا برنامج ولا هوية ولا طعم ولا رائحة وسرعان ما ستتلاشى وتنتهي


ــــــــــــــــ