الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنة واحدة
الخميس - 28 مارس 2024


نعيم الهاشمي الخفاجي ||

الحملات المعادية لتشويه سمعة الإسلام واظهاره دين قتل وذبح ليست جديدة، وإنما يعود تاريخ الحملات التشويهية ضد الإسلام إلى أكثر من ١٠٠٠ عام وليس وليدة اليوم، الإسلام دين الحوار، رسول الله محمد ص ناظر عشيرته الأقربون، ورحب وقبل بمناظرة اسقف نصارى نجران عندما جائوا إلى محاورة الرسول العربي الجديد الذي ظهر في الجزيرة العربية، رغم أن نصوص الكتاب المسيحي المقدس قد أشار بخروج النبي الخاتم من فاران، وفاران هي مكة المكرمة، جاء وفد نصارى نجران مكة والتقوا بالرسول محمد ص ثم ساءلوه و دار معهم حوار طويل، طوال يومهم و قال الأسقف والمسمى عبدالمسيح إلى الرسول محمد ص، ما تقول في المسيح يا محمد، قال هو عبد اللّه‏ و رسوله‏ قالوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، هل رأيت ولدا من غير ذكر، فنزلت، {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران، 59] فلمّا طالت المناظرة و الحّوا في عصيانهم و خصومتهم، أنزل اللّه تعالى، {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران، 61] فقالوا للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) نباهلك غدا و قال أبو حارثة لأصحابه، انظروا محمدا في غد، فان غدا بولده و أهله فاحذروا مباهلته، و ان غدا بأصحابه فباهلوه فانّه على غير شي‏ء، فذهب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) صباحا الى بيت عليّ (عليه السّلام) فأخذ بيد الحسن و الحسين و خرج من المدينة و بين يديه عليّ (عليه السّلام) وفاطمة (عليها السّلام) تتبعه فلمّا رأى ذلك رؤساء نجران قال أبو حارثة، من هؤلاء الذين معه، قالوا، هذا ابن عمّه زوج ابنته يتقدمه، و هذان ابنا ابنته و هذه بنته أعزّ الناس عليه و أقربهم الى قلبه و تقدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)فجثا على ركبتيه فأخذ السيد و العاقب أولادهم و جاءوا للمباهلة.
قال أبو حارثة، جثا و اللّه كما جثا الأنبياء للمباهلة، فكع‏ و لم يقدم على المباهلة، فقال له السيد، أين تذهب، قال، لا انّي لأرى رجلا جريئا على المباهلة و انا أخاف أن يكون صادقا فلا يحول واللّه علينا الحول و في الدنيا نصراني يطعم الماء، و في رواية أخرى انّه قال، انّي لأرى وجوها لو سألوا اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الارض نصراني الى يوم القيامة.
ثم جاء أبو حارثة الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فقال، يا أبا القاسم انّا لا نباهلك و لكن نصالحك، فصالحنا على ما ننهض له فصالحهم على ألفي حلّة قيمة كل حلّة أربعين درهما وعلى عارية ثلاثين درعا وثلاثين رمحا وثلاثين فرسا إن كان حرب فكتب لهم بذلك كتابا فانصرفوا راجعين الى بلادهم‏، وبعد فترة عاد أسقف نجران واسلم وهو كعب الأحبار.
دارت حروب بين المسلمين والنصارى في بداية مجيء الإسلام في الشام، وبعد عبور المسلمين إلى الأندلس بعد هروب عبدالرحمن الداخل الأموي من العباسيين أقام له دولة إسلامية في الأندلس، ودارت حروب قتل بها ملايين البشر، بسبب الإسلام الأموي الذي اباح قتل الآخرين و بمسوغات بعيدة كل البعد عن عقيدة الإسلام الحقيقي، انتهت في إبادة المسلمين في الأندلس وقتلهم جميعا ومن بقي منهم أُجبروا على ترك الإسلام بالقوة وبطرق مقززة، لا زالت أسماء إسلامية كثيرة في قرناطة واشبيلية مثل اسم فاطمة ليومنا هذا.
الحملات التشويهية ضد الإسلام بدأت قبل ١٠٠٠ عام بالقول أن الإسلام هرطقة مسيحية، بل يوحنا الدمشقي كان مقرب للسلطة الإسلامية الحاكمة وكتب ضد الدين الإسلامي، بينما كان حكام الأمويين وبني العباس يقتلون ويستأصلون كل مسلم شيعي يتبع مذهب آل البيت ع.
بعد فشل كل القوى في القضاء على الإسلام، وبعد الثورة الفرنسية، عمد قادة الغرب لضرب سلطة الكنيسة التي تعتبر المرتكز القوي لسلطة الملك وطبقات الاقطاع، تم دعم مفكرين وفلاسفة لضرب العقيدة التي ترتكز عليها الكنيسة، ظهر الفيلسوف هيغل ومن بعده فيورن باخ الذي تصور بمخيلته أصل الوجود المادة وبعدها جاء كارل ماركس الذي وضع النظرية الاشتراكية بعد أن اعتمد على فلسفة هيغل وتصورفيورن باخ للمادة واعتمد على الفلسفة الكلاسيكية الألمانية وأخذ من نظرية آدم سميث صاحب نظرية الاقتصاد البريطاني.
حتى في عصر الحضارة الرومانية كان فلاسفة الغرب ينتقدون الآلهة، وكانوا فعلا يبحثون عن الإله الحقيقي الله، لعدم قناعتهم في أقوال سلطة المعابد ومن بعدهم لم يقتنعوا في إله الكنيسة، خلال القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة تم دعم مئات الكتاب العرب والمسلمين في نقد الإسلام وتم الترويج لهم ومنحهم جوائز، لذلك صوروا ذلك بالقول بروز انتقادات للاسلام من داخل العالم الإسلامي نفسه،
وفي عصرنا الحالي المعاصر، شنت حملة هوجاء ضد الإسلام بسبب جرائم التيارات الوهابية التي صنعتها بريطانيا لتشويه الإسلام، هذه الحملة ضد الدين الإسلامي والانتقادات الغير بناءة، اشترك بها أشخاص متطرفين من كل الديانات الأخرى سواء من المسيحيين، اليهود، الهندوس، السيخ، والبوذيين، المسلمون السابقون الذين تركوا الإسلام، الملحدون، اللادينيون وغير ذلك، وقد تضمن النقد العديد من المواضيع التي تخص الدين الإسلامي وتشريعاته بطرق خاطئة.
رفيقنا الأستاذ كارل ماركس يقول إن النقد هو أساس التقدم، ونقد الدين هو أساس النقد، فبدون النقد لا يمكن أن نكتشف الأخطاء، وبالتالي لا يمكننا أن نصحح تلك الأخطاء التي تعطل النمو الاقتصادي والاجتماعي.
كلام الرفيق كارل ماركس واقعي، لأن الفهم للدين بشكل خاطيء يولد لنا قنابل بشرية مفخخة، مثل قطعان الوهابية المستعدة للانتحار وسط جموع الأطفال والنساء طمعا في جنة ابن تيمية والبدوي محمد بن عبدالوهاب، كارل ماركس لو كان حي بظل وجود الإنترنت لما قبل لمن يدعي انه يسير على نهج كارل ماركس للإساءة إلى المسلمين.
هناك فرق بين النقد البناء ونقد التشويه والاكاذيب وإلصاق التهم، رعى علماء الشيعة في لبنان الحوار الإسلامي المسيحي وحقق إنجازات كبيرة، وتم جمع المئات من الكتاب والمثقفين ورجال الدين المسلمين والمسيح لعقد حوارات تقارب، ألف الكثير من الشعراء المسيح اللبنانيين قصائد في مدح رسول الله محمد ص والإمام علي بن أبي طالب ع، بل غالبية مسيح الشرق يكنون كل الاحترام والتقدير إلى الأمام علي بن أبي طالب ع، لاتوجد مشكلة مابين الإسلام والمسيح ابدا.
لكن ساحتنا تشهد صراعات بين دول عظمى لذلك يتم دعم المتطفلين للاساءة إلى الإسلام وتصعيد الصراع ما بين المسلمين والمسيحيين ومابين الشيعة والسنة من خلال مطايا الاستعمار الوهابية التكفيريين، ورغم كل هذه الحملات ضد الإسلام لكن وصل الكثير من المسلمين إلى مراكز سياسية مهمة بالغرب، بل وصل المسلمون من خلال فن التمثيل واحتلوا الصفوف الأمامية لعالم هوليوود، الكثير من ممثلي هوليوود مسلمون، منهم من كان مسلما منذ ميلاده ومنهم من دخل الإسلام بعد الشهرة، والإحصائيات تؤكد أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية يصل إلى حوالي 2.5 مليون أمريكي مسلم، مما يجعل الديانة الإسلامية ثالث أكبر ديانة هناك، ونجح نجوم مسلمون في غزو صناعة السينما الأمريكية وبعضهم حققوا شهرة كبيرة في عالم الغناء بموهبتهم التي فرضت على الجميع احترامهم ، وتضم قائمة نجوم هوليوود الأكثر جاذبية ووسامة ونجاحا وشهرة في عالم السينما والغناء حوالي 20 نجما، على سبيل المثال
ماهر شلال علي لديه شهرة كبيرة في أمريكا، وكان أول ممثل مسلم يفوز بجائزة أكاديمي أوورد عن دوره في فيلم Moonlight لعام 2016، تحدّث من قبل عن العنصرية والتمييز اللتين عانى منهما بعد إعلان إسلامه عام 1999 وحصل علي اثنين من جوائز الأوسكار وجائزة جولدن جلوب.
الرياضي مايك له مشوار حافل في الملاكمة، التحق البطل الأمريكي مايك تايسون بالمجال الفني ليعمل ممثلاُ وساعد تايسون في التفكير الجدي في اعتناق الإسلام تمضيةُ ثلاث سنوات في السجن، أي نصف مدة العقوبة التي حُوكم بها وهي ست سنوات في سجن إنديانا للشباب، حيث وجد في خلوة السجن فرصة سانحة في مراجعة مسار حياته داخل حلبة الملاكمة وخارجها، فصمم بعد دراسته للإسلام على أن هذا الدين هو الذي يساعده على تجاوز كل مشكلاته في الحياة واختار مايك تايسون بعد اعتناقه الإسلام إسمًا جديدًا لنفسه، وهو مالك عبد العزيز وشارك مؤخرا مع النجم عمرو سعد في فيلم، حملة فرعون.
رغم كل حملات التشويه، ورغم إجرام التيارات الوهابية التكفيرية، لكن الإسلام ينتشر وبكثرة، نحن نشاهد مسلمين ومسلمات اوروبيين جدد وبكثرة في المدن الاوروبية التي نعيش بها، وهذا دليل ان الاسلام ينتشر بشكل سريع و بقبول ورضا من يسلمون، وبدون اكراه، يوم أمس تسوقت من سوبر ماركت، وبطريق عودتي إلى بيتي رأيت تجمع في قاعة النوبغو بالعاصمة الدنماركية كوبنهاكن، كان الوقت قريب لغروب الشمس شاهدت شابة دنماركية ترتدي حجاب إسلامي عادي، تصلي على سجادة خارج القاعة، لأن وقت صلاة العصر قد شارف على غروب الشمس، منظر جدا جميل، شابة أوروبية هي اختارت أن تكون مسلمة وتؤدي الفرائض التي أوجبها الله عز وجل على المسلم.
هناك مستشرقين ومثقفين وفنانين وكتاب غريبين يدافعون عن العرب والمسلمين، على سبيل المثال، دافع الممثل الأميركي بين أفليك عن العرب والمسلمين في أكثر من مناسبة، وانتشرت له عدة مقاطع على الإنترنت على مر السنوات، ولعل أشهرها المقطع الذي واجه فيه الفكرة التي تحاول الترويج للتناقض بين العربي والإنسان الجيد، كما هاجم وسائل الإعلام الأميركية التي لا تتوقف عن تكرار هذه الفكرة.
بعض من ترك الإسلام من المسلمين لأسباب قومية أو عرقية أو بسبب تخلف عقلي، أو حسب قناعاتهم، يطرحون تساؤلات بالقول، هل يوجد شخص انتقد الإسلام ولم يتعرض للتهديد والشتم، أقول إلى هذا وأمثاله، رأينا ناس حرقوا نسخ من القرآن الكريم، هل هؤلاء الذين حرقوا القرآن ‌‎هل يستطيع شخص واحد منهم يجرؤ على انتقاد السامية، أو يجرؤ على حرق نسخة أو ورقة من كتاب التوراة المقدس لدى أصحاب الأخوة اتباع الديانة اليهودية السماوية، بالتأكيد يتم معاقبته في أشد العقوبات، لأنه يوجد قانون يجرم من ينتقد السامية،
هل يوجد من انكر الهولوكوست ولم يتعرض للسجن او الطرد من الوظيفة، انا شخصيا مع تطبيق قانون صارم يلجم كل شخص يتطاول على الكتب المقدسة لكل الديانات السماوية ولغير السماوية، وللحق والأمانة، شتان بين النقد وقد فعله كثير من المستشرقين وبين السخرية واللمز والسب كما يفعل بعض العرب والمسلمين الذين تركوا الاسلام أو من بعض المتطرفين في حرق القرآن في بعض دول أوروبا للأسف.
انا شخصيا عندما دخل الإنترنت كنا ندخل إلى غرف حوارية في البالتوك، ودخلنا بحوارات مع غرف مسيح مصريين اقباط، كانوا للأسف يتطاولون ، لنكون دقيقين بعضهم وليس كلهم، حتى نكون منصفين، هناك ناس اقباط مسيحيين ضد الإساءة للإسلام، عندما كنت أدخل معهم بحوار ويعرفون أن لديُ معلومات، يكون رد الأدمن بوضع نقطة حمراء عليُ ويمنعني من الكلام والكتابة، وإذا وجدوا مسلم جاهل يحاوره ويعطوه المايك، للأسف أن وجدوا عند المحاور معلومات يخرجون المحاوريين عن كامل اللياقة والأدب ويحاول ابعادك عن الأدلة والحوار الجاد والهادف، ويحول الحوار إلى حوار سوقي يساق فيه الاتهامات والاكاذيب، المشكلة أن كل الديانات لديهم فئات متعصبة ومتطرفة يعملون على مهاجمة ديانات بعضهم البعض الآخر، نبي الله موسى ع ونبي الله عيسى ع ونبي الله محمد ص لا يوجد بين دياناتهم خلافات أبدا، لأنهم رسل من الله عز وجل، لكن الخلاف من البشر العادي، أنا يساري لكن يساريتي لاتعني انسلخ من الإسلام ولا من مذهب آل البيت ع ولا اتنكر لتقاليد وأعراف وثقافة أهلي وأبناء مدينتي وقومي، مظاهر حرق نسخ القرآن في بعض دول أوروبا لايمكن ايقافها، لأن دساتيرهم تسمح بحرية التعبير، و ردة فعل المسلمين عاطفية، قبل عدة سنوات أيضا حدثت قضية حرق نسخ من القرآن، أمام مسجد كان يتظلم وحقه، قلت له حسب معرفتي انت عضو في لجنة الحوار الإسلامي المسيحي اليهودي، القضية بسيطة اطلب من صديقكم اليهودي في لجنة حوار الأديان أن يطالب الدول الاوروبية والاتحاد الأوروبي بتشريع قانون يعاقب من يسيء إلى انبياء الديانات السماوية الثلاثة، لاتوجد لدى الدول الإسلامية ورؤساء المؤسسات الإسلامية بالعالم أفكار جيدة في كيفية وقف تصرفات حرق نسخ من المصاحف، نسبة كبيرة من الاوروبيين بل الغالبية الساحقة من شعوب أوروبا ضد حرق نسخ من القران، والناس خرجوا بتظاهرات رافضة لذلك، لكن المشكلة قادة ورؤساء وزعماء العالم العربي والإسلامي كان بأستطاعتهم من خلال قادة الاتحاد الأوروبي تشريع قانون يمنع هذه التصرفات، استخدام العقل في التفكير الجيد أفضل مليون مرة من ردود فعل حرق إعلام دول أو مهاجمة سفارات وقنصليات.

كاتب وصحفي عراقي مستقل.
23/1/2023


ــــــــــــــــ