الخميس - 28 مارس 2024

فلسطين والكيان الصهيوني والرد الإيجابي للمقاومة

منذ سنة واحدة
الخميس - 28 مارس 2024


عبد الخالق الفلاح ||

باحث واعلامي

لا يمكن لأحد ان يتصور بأن زيارة وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن إلى المنطقة هذه الأيام دون ان يتأبط شراً كما هو المعهود للمسؤولين الامريكان دائماً في مثل هذه الاوقات والتي تواجه بالرفض من قبل كل القوى السياسية والشعبية في المنطقة وخاصة توسع الدعم الايراني بكل اشكاله الثابت للقضية الفلسطينية مرارًا وفي المحافل الدولية والإقليمية والوقوف بوجه إسرائيل بوصفها كيانًا غاصبًا هو سياسة ثابتة لا تتأثر بأية اعتبارات سياسة ، كما أن الدعم المالي والعسكري لفلسطين وفصائلها المقاومة هو ثابت من ثوابت السياسة للجمهورية الاسلامية الايرانية ،و التعاطي مع القضية الفلسطينية إلى مقولتين أساسيتين: واحدة تنادي بضرورة تقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي لمن يمثل مشروع المقاومة المؤمن بالبندقية والكفاح المسلح كطريق لتحرير الأرض الفلسطينية ، أما الثانية فتقوم على رفض التعامل مع أصحاب مشروع التسوية والتطبيع والمفاوضات مع إسرائيل.وخاصة العربية منها .
زيارة بلينكن بمفهومها الحقيقي هي ليست إلا محاولة لتهدئة الاوضاع الساخنة التي تشهدها المناطق الفلسطينية المحتلة كرد فعل للتصعيد الإسرائيلي الأخير والموجة غير المسبوقة من ممارسات الكيان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس الشريف ومخيم جنين في الأيام الأخيرة ترافقت مع استشهاد أكثر من 31 فلسطينيا، ومن المؤسف استشهد أكثر من 230 فلسطينيا على يد المجرمين المحتلين للقدس خلال العام الماضي والسكوت المطبق للدول المنادية بحقوق الإنسان والرد الإيجابي للمقاومة عليها و لا يمكن أن لا يكون هناك هدف استراتيجي كبير لحضور ثلاثة من كبار اركان الادارة الامريكية تباعا كما تدل المعطيات بعد زيارة وزير الخارجية الامريكي الى اسرائيل خلال بضعة أيام في سابقة خطيرة ويلتحق به مستشار الامن القومي الامريكي جاك سوليفان، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية َوليام بيرنيز ، و يؤشر ذلك التتابع اللافت للانتباه ان هناك سيناريو امريكي – صهيوني مشترك ، وهذه الزيارة كانت مقررة حتى من قبل ان يتطور الموقف بين الفلسطينيين والصهاينة ويصل الى هذا المستوى من التوتر والعنف..
كما ان هذه الاوضاع لم تفاجئ الادارة الامريكية او تثير قلقها مع حكومة نتنياهو العنصرية المتطرفة و تقوم كل مكونات حكومته منذ تشكيلها من وزراء وأعضاء كنيست، بتقديم توصيات يومية تتضمن اقتراحات التشديد بضرب الفلسطينيين، حيث وصلت العقوبات إلى حد غريب، انعكس في نشر ضباط المخابرات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي تهديداً بالقتل لكل من يظهر مظاهر الفرح بالعمليات المقاومة ، فهذا التطرف في القمع وفي استخدام الاسرائيليين للقوة المفرطة هو الامر المتوقع وليس العكس ، وحل الدولتين بعد مرور اكثر من 30 عاماً على القرار في الجزائر، بالإعلان عن خيار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على خط الرابع من حزيران 1967، وعودة اللاجئين، ومؤتمر مدريد ووارشو على أول اعتماد دولي لمصطلح دولتين لشعبين وبعد ان فقد مقومات تحققه على الأرض الجاري نهبها أمام أبصار رعاة هذا الحل، وأنه خسر قوة انطلاقه، ومسوغات التعلق بحباله الواهية، وموجبات التداول به بنمطية فكرية، وهو في واقع الأمر حل أخلى مكانه في مدار لا يقبل الفراغ، ليفتح من تلقاء نفسه باباً لحلول كفاحية إبداعية بديلة كالذي شاهدناها في الايام الماضية لموجهة الكيان الغاصب ،فلقد فقد هذا المشروع الذي لم ير النور بتاتاً قوة اندفاعه الأولى وذوى تدريجياً، بعد أن ظل لفترة طويلة يزرع الأمل بحل عادل وسلام شامل في المنقطة، ويلهم القادة والدبلوماسيين والمفكرين والصحافيين، ويستقطب الاهتمام به كفكرة تستبطن حلاً يمكن إنضاجه بالقليل من الخلاف حول شيطان التفاصيل الصغيرة وتحول ادارة الرئيس بايدن ايضاً كما كان غيره من الرؤساء الامريكيين السابقين الي مجرد شعار سياسي فارغ بلا محتوي حقيقي يمكن التعويل عليه كحل لهذا النزاع وهي وسيلة اتهدئة الامور عندما ترتفع وتيرة الاشتباكات على ارض فلسطين وشعبه ، الذي يرى بأم عينه عمليات تهويد وتغيير معالم القدس التاريخية والثقافية والدينية، إضافة إلى مشاريع الاستيطان اليهودي الجارية على قدم وساق، جنباً إلى جنب مع خطة إسرائيلية معتمدة منذ أمد طويل لتهميش القوى الفلسطينية، ومن ثم تقويضها تدريجياً، دون أن يلقى ذلك كله أي ردود أفعال جادة، الأمر الذي أوصل كثير من الأوساط السياسية والثقافية الفلسطينية إلى قناعة مبكرة مفادها أن إسرائيل قد شرعت فعلاً في قتل مشروع حل الدولتين، وأنها قد نفضت يديها المدججتين بالقوة من كل تعهد شكلي سابق، بقبول مثل هذا الحل الذي ظل مجرد حبر على ورق.
ولا يبدو ان حل الدولتين متاحا في المستقبل المنظور ، بل دخل مرحلة التجميد ، ولان فرص تنفيذه تبدو معدومة تماما في هذه الاجواء العدائية المستحكمة بين الطرفين ومع. حكومة نتنياهو التي ترفض هذا الحل شكلا وموضوعا…
ان حال الكيان الصهيوني هذه الايام هو التخبط في الوحل بعد ان غيرت المقاومة أسلوب التصدي لهم و يوجب السعي بكل جدية إلى تعزيز مقومات الصمود الذاتي في كل المجالات، وأن تولي عناية فائقة بمسألة تثبيت وجود الإنسان الفلسطيني على أرضه بكل الأشكال الممكنة، وفوق ذلك كله أن تجري تقويماً عميقاً وشاملاً لسائر محطات المرحلة الطويلة التي مرت في تاريخهم
والولايات المتحدة الأمريكية التي وقعت في محنة وغيبوبة وأوقعت العديد من الدول الاوروبية معها في فخ الحرب الاوكرانية الروسية وتعيش في رعب وخوفاً من أن تتفاقم الأوضاع وتخرج الاوضاع من يد الحكومة الصهيونية ومعهم عدد غير قليلٍ من القتلة المجرمين، الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني وخارجه ويتآمرون ويغدرون، ولا يقيمون وزناً للعدل ولا قدراً للحق، ولا يحترمون المواثيق الدولية ولا يبالون بالرأي العام ولا يهمهم مزاج الشعوب، بل لا تعنيهم حياة البشر ولا مستقبل الإنسان، فتراهم يقلبون الحق باطلاً والباطل حقاً خدمةً لمصالحهم، وتوظيفاً لمنافعهم، ويستخدمون المفردات التي تحلو لهم وتخدمهم، ويطلقون الأوصاف التي تعجبهم وتنفعهم، ويحرمون ضحاياهم المظلومين من حقوقهم المشروعة، ويعيبون عليهم مقاومته والتصدي لسياساتهم، ويمنعونهم من الشكوى والتذمر، أو الاعتراض ورفع الصوت.


ـــــــــــــــــــــــ