د. هاتف الركابي ||
كنت ماشياً مع السومرية زينب على جسر ( Nørrport ) في كوبنهاكن ، وقفنا أمام تمثال (اليكساندرا ولويس) فقد كان لويس لاليكساندرا الحبيب والصديق والزوج وكل شيء، وفي الحرب العالمية الثانية شاهد الفضائع ، يقول عبد الجبار الصغير : انتظرته اليكساندرا طويلاً وحين عاد كان قد ترك قلبه هناك فلم يعد كما كان الى ان مات ، فنصبوا لهما تمثالاً .
دار حوار بيني وبين زينب !سألتني زينب : عند زيارتي لمدينتكم في العراق لم اجد تمثالاً لكاتب او شاعر او موسيقي او رسام او اديب كما هو في كوبنهاكن.
قلت لها : سأجيبك فقط عن شارعنا في مدينتي الغافية على الغراف ( النصر ) .
فيها المفكر الحقيقي ( عزيز السيد جاسم ) : هو ليس مدون لتاريخ الفكر الانساني بل هو صاحب نظريات وفلسفة خاصة وافضل ممثل لحركية العقل والانتقالات الايديولوجية ، غزير الانتاج وعميق المعنى ، تنساب الكلمات بين يدي قلمه كالطين ، هو أعمق ياعزيزتي من صاحب بائعة الكبريت الدنماركي ( هانس كرستيان اندرسن ) الذي تملاً نصب تماثيله سماء كوبنهاكن واودينسا وتملأ شوارع وساحات الدنمارك ويقام له احتفال سنوي في كل مدارسها وجامعاتها ،، غُيب السيد وقُتل صبرا من جلاوزة البعث ، ولم ينصف في هذا الزمن .
وهناك اشقاءه البروفيسور محسن الموسوي والبروفيسور عباس الموسوي
القامات العلمية التي نهلت من لگش الحضارة وما زالا مغيبين في الاغتراب .
وفي نفس الشارع ياصغيرتي هناك الموسيقار الكبير أبا شوقي ( طالب القره غولي ) الذي زرع أغصان مدينتنا في شوارع بغداد وأورقت رسائل سلام .. وألحان ِعشقٍ نثرها على نوافذ القلوب ، جاء من النصر في الناصرية ليقلب ذوق البغداديين وليجعل المشاحيف تنقل بريد الهوى الى مخادعهم فمزج ايقاع الجنوب بتلاوين الحارات البغدادية .
وهناك السفير ( رحيم عبد كتل ) العالم النووي الذي لايشق له غبار الذي نعته قناة ( bbc ) البريطانيه عند موته ( لقد فقد العالم هذا اليوم أحد اكبر ثلاثة علماء في العالم ) .
أحدثك ياحبيبتي عن الشاعر ( محمد السيد جاسم ) الذي سمي بشاعر الغراف الذي قضى ايام طفولته على ضفاف الغراف ، ضفاف الكون في قريته الوادعه الجنوبية النائية ، ودواوينه تملأ الدنيا ..
أحدثك ياعزيزتي عن إبنة عمنا الشاعرة ( ميثاق الركابي ) هي عشتار ذي قار وعشتار النساء ، وهي فرح ٌ يشكو الغياب ، وغيمةٌ أمطرت فعانقت بشغفٍ التراب ، هي عطشٌ ببلد الماء ، تغلغلت بملامح الوطن حتى صارت روحها تشبه العراق .
هل أحدث عن ( وائل ) الشهيد وجهاده وصبره ، وكاظم لملوم طوگان الركابي الذي عاش وقضى غريباً والشهداء والشعراء والف حكاية وحكاية ..
لمثل هؤلاء فقط يانور عيني ترفع القبعة وتنصب التماثيل ..
حزينٌ أنا يا إبنتي كما تقول لينا كنجراوي على وطني ، ومدينتي خالية من شغف المحبة ، باهتة اللون : لأي محكمةٍ أرفع قضيتي وسياسيو الصدفة ( غيروا معالمها ) .
رسالتي الى الاخ الرسام الدكتور عزيز مزعل والصديق وسام عبد الرزاق وعبد الرحيم ثامر وحسين جبر وناجي عباس :
أُكتبوا وارسموا وانصبوا على جدران حاراتكم قصائد حب ، وارسلوا من نوافذ بيوتكم العتيقة باقات شوق وتماثيل ( حقيقية ) ..
ــــــــــــــــــــ