الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنة واحدة
الخميس - 28 مارس 2024


مازن الولائي ||

الحاجة نجاة التي خرجت من بلدها في التسعينات إثر حادث اجبرها على الهجرة من بلدها واستقرت بأحدى دول الغرب وقد كُونت لها بيت وأسرة، لديها ثلاث أخوة في بلدها الام، أحد أخوتها له ولد وبنت وقد فارق الحياة شهيدا على يد البعث الكافر، وأصبح الولد والبنت تحت رعايتها من حيث تأمين حاجياتهم الضرورية ..مع أم كانت وصية زوجها عبارة عن قسَم وعهد لم تستطع نقضه.. لكي لاتشعر أنه غائب عنها فتبدأ حياة أخرى كما هو الطبيعي والشرعي..
يوما ما رجع ياسر إلى البيت محمولاً على الأكتاف كان قد تعرض لوعكة شديدة في العمل.. هرع الجيران الطيبين الذين تجمعهم حسينية قديمة تقام بها مراثي سيد الشهداء، وقد شكلت لهم أروع الاواصر الاجتماعية، لقد جاء الى ياسر معاون طبيب خلوق وشاطر وما أن شاهد ياسر وحالته السريرية انتابه شك في أصابته بمرض القلب أو انسداد في شرايين الرئة وكلاهما يتطلب الذهاب الى المشفى على الفور، فلم يتأخر لا هو ولا شباب الحي، وفَور وصولهم الى مشفى المدينة تبين أن قلبه ضعيف وحالته شبه متأخرة! ياسر ذو ٢٦ عاما الطالب والعامل في ذات يومه كان هو المحرك لمعظم شباب الحي ولديه دفتر سجلات يشبه ما كان عند مختار الحي..وقد وضع فيه اشياء لم يسبقه إليها أحد..مما يظهر عليه أنه أكبر بكثير من عمره الحقيقي نسبيا، إذ كتب على غلاف الدفتر “تكليفي” ووضع فيه الآتي؛
♦️ عدد فقراء الحي بالتفصيل.
♦️ عدد مرضى الحي ممن يحتاجون رعاية ودواء مستمر.
♦️ عدد الشباب الغير قادرين على الزواج وقد سعى في هذا المجال أكثر من زواج فرحوا به اهالي الحي
♦️ عدد المطلقات والأرامل واوكل هذه المهمة إلى امه وأخته التي تكبره بثلاث سنوات مع بعض نساء الحي .
♦️ عدد الميسورين وأصحاب الوجاهه.
وهكذا سخر بعض من دراسته لعلم الإدارة في خدمة مشروعه الإلهي.. وقد اعد لإجتماع دوري كل ١٥ يوم كان يعيّن ليلة الجمعة ليطلع فيها على مشاكل اهالي الحي يستمع اليهم، وكذلك يدقق الإنجازات التي تحققت، كانت كل العوائل تقسم برأسه وتترحم على والده الشهيد الذي بذر هذه البذرة الطاهرة..
بدأ أصدقاؤه يراجعون به الأطباء ولسوء الحظ كل الأطباء أجمعوا على ضعف قلبه وحاجته إلى تداخل جراحي خارج البلد، فاضطروا إلى إخبار الحاجة نجاة التي تحبه حبا جما..فطلبت منهم تهيئة أمره من حيث السفر بأي طريقة كانت من حيث إصدار جواز السفر وأمور كثيرة قد تكون سببا في التأخير وتفاقم الحالة!
وجاء موعد السفر وكان يوما حزينا جدا إذ ودّع ياسر اهالي الحي..وقد أخذه بعض الأصدقاء إلى أحد المراقد المقدسة ليتوسلوا بالاطهار عليهم السلام بحفظ ورعاية ياسر وارجاعه سالما غانما، والعجيب في الامر كان ياسر يتمتع بهدوء ملفت إذ لم يفارق مسبحته الطينية والتي يرافقها خاتم من ياقوت أحمر اهداه اليه احد زائري الحسين عليه السلام.. وفعلا سافر ووصل إلى عمته التي كانت تنتظره في المطار قبل خمس ساعات وهي تتوسل له بسلامة الوصول، هبطت الطائرة وتوجهت عمته له مع طبيب انتدبته من المستشفى واسعاف تنتظر، عانقته وهي لا تتمالك نفسها ودموعها وهي ترى شمائل وعطر أخوها الشهيد قد استعارها ياسر بجسده وبشرته، وهو بكل هدوئه المعتاد يطمئنها ويقول لها لا تخافي أنني بأيدي امينة لا اخشى اي شيء حتى ولو كان الرحيل!
قرر الطاقم الذي سيشرف على العملية بأن يكون دكتور جوزيف الخبير الاخصائي لأمراض القلب هو من يجري العملية التي كانت عالية الخطورة، ولهذا الطبيب بنت تدرس الطب وهي في المرحلة رابعة من كلية الطب..حدث انه قبل أسبوع انقذها والدها من محاولة انتحار وشيكة رغم حياتها المترفة جدا جدا، جاء يوم العملية وقبل البدء والدخول الى صالة العمليات طلب ياسر منهم أن يصلي.. وفعلا أخرج تربة حسينية صغيرة ووضعها على سجادة وقطعة قماش أحتفظ بها من زيارة والدته للامام الرضا عليه السلام، وصار يصلي من جلوس ومر ذات الطبيب الذي سيجري العملية وانصدم بمنظر ياسر الغير مكترث لما سيجري له! وقف يتأمل طمأنينته الملفته وصار يسأل عن وضعه وعن عمله وتفاصيل أثيرت فجأة في وجدانه بعد أن رأى استقراره الملفت..كان ياسر من مصاديق الاية الكريمة ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد ٢٨ .
ارتدى ياسر لباس العمليات وودع عمته التي كاد عقلها يطير خوفا على ابن أخيها الذي ترى فيه ذلك الأخ الحنون، نزع خاتمه ومسبحته ووضعها بيد عمته لقد أثر بها ذلك الموقف كثيرا وفور استلامها الخاتم والمسبحة قبلتهم وهي تبكي وأخذت تشمهم لأنها تعرف أنها تربة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، والطبيب يرى من خلف الزجاج فعل ياسر والعمة المفجوعة، وكل شيء كان يثير استغرابه لما رأى حال ياسر وهو يعيش الراحة والهدوء..
والطبيب يعلم أن ياسر على معرفة بعملية القلب المفتوح ونسبة الخطر كبيرة وقد دهش الطبيب من تقبل ياسر للواقع وهو منشرح الصدر ويطمئن كل من حوله! أخذ الطبيب بالمقارنة بين ياسر الذي يهدده الموت وبين ابنته التي تقف على حياة مترفة وهي تعاني من إضطراب نفسي قد ينهي حياتها..
بدأت العملية والتي استغرقت من الوقت ثمان ساعات متواصلة برعاية فريق طبي متكامل وبعد اتمام العملية ظل الطبيب يراقب حالته..سمع ياسر وهو يتمتم بكلمات وبكاء مما اثار الفضول عند الطبيب حتى استدعى عمته كان ياسر يردد احنه غير حسين ما عدنه وسيلة وهو تحت تأثير البنج فما ان حضرت عمته وسمعته ضربت وجهها وصارت تصيح بصوت عالي يا ابا عبدالله دخيلك والطبيب تزداد حيرته..كانت العمة تجيد اللغة الانجليزية طلب منها الطبيب ترجمة مايردده ياسر فكانت مع بكائها المتواصل تردد 《 We, other than AL- Hussein, have no way to intercede for us in the forgiveness of our sins, and tomorrow (the Day of Resurrection) we will have a strong barrier from the fire. These are our opinions regarding it .. طلب الطبيب من العمة استيضاح اكثر عن مايردده ياسر عن هذا الشخص من خلال العقل الباطن ..الذي عزز مقاومة جهازه المناعي وجعله يقظا طوال فترة العملية المرهقة! اراد الطبيب ادراك السبب الذي جعل قلب ياسر متشبث بالحياة..
وهنا بدأت الرحلة عند الطبيب جوزيف من خلال البحث في الشبكة العنكبوتية ليتعرف على ذلك الشخص الذي ردد ياسر اسمه ومنحه تلك القوة وحقق له كل ذلك الإنتصار على المرض وأصبح مورد للطاقة الايجابية التي عززت لياسر فكرة البقاء على قيد الحياة.. ومن خلال المواقع المنتشرة باللغة الانجليزية عن سيرة الامام الحسين عليه السلام وقع ذلك الطبيب أسير رغبة عارمة لينهل منها كل ما سمح له الوقت.
وفي يوم جاء الطبيب لزبارة ياسر بعد أن اشتد عوده وتماثل للشفاء وطلب من ياسر قبول دعوته للعشاء وسط أسرته وعمته معه، حتى يقدم لعائلته إنموذج.. إرادة مصدرها شخص مات شهيد منذ أكثر من ألف عام! وفعلا كانت الجلسة عبارة عن حديث حول شخصية الامام الحسين ..سيرته وعطاؤه…بيّن ياسر كرامات ومعاجز الامام الحسين عليه السلام وكذلك جسد قناعته بالامام وحاول جاهدا ان يستشهد بسرد تأريخي متكامل عن تلك القناعة التي اذهلت عقول البشر حول عطاء الامام الذي استشهد منذ الف سنة ونيف وذكر لهم اسماء بعض الكتب لمستشرقين جندوا اقلامهم لقضية الامام الحسين عليه السلام كانت العمة تترجم كلمات ياسر وهي مستبشرة بثقافة ابن اخيها ..بدأ الطبيب يفكر مليا في كلام ياسر اطرق الطبيب مسترسلا في فكره حول أبنته.. انتهت الجلسة ونهض ياسر مودعا وشاكرا للطبيب على دعوته وعلامات السرور واضحة على معالم وجه العمة وهنا بدأت الرحلة عند الطبيب جوزيف من خلال البحث في الشبكة العنكبوتية ليتعرف على ذلك الشخص الذي ردد ياسر اسمه ومنحه تلك القوة وحقق له كل ذلك الإنتصار على المرض وأصبح مورد للطاقة الايجابية التي عززت لياسر فكرة البقاء على قيد الحياة..ومن خلال المواقع المنتشرة باللغة الانجليزية عن سيرة الامام الحسين عليه السلام وقع ذلك الطبيب أسير رغبة عارمة لينهل منها كل ما سمح له الوقت،
وبعد مرور أربعة أعوام على شفاء ياسر تلقى اتصالا من عمته تخبره بقدومها لزيارة الحسين عليه السلام في الأربعينية القادمة ومعها ضيف عزيز ..ظل ياسر يتوسل لمعرفة اسم الضيف دون جدوى …ويوم اللقاء وصلت العمة ومعها الضيف (الطبيب جوزيف) وابنته التي بفضل الإسلام المحمدي الأصيل الحسيني اعتنقت الاسلام بعد اعتناق والدها له…التي بفضل الاسلام أصبحت متفائلة بالحياة حقق الطبيب تغيير نوعي في حياته التي كانت بحاجة إلى توكل خادم مثل ياسر ..الذي الهمه جبرائيل العشق يوم فضحه عقله الباطن..

• القصة هي أحد أنواع الفن الذي يؤكد عليه القائد الولي الخامنائي المفدى، لما لها من تأثير وسحر آخاذ على روح وقلب الإنسان وهي أحد وأهم أنواع جهاد التبيين..


ــــــــــــــــــــ