الجمعة - 29 مارس 2024

وَقفَةٌ بَينَ عالَمَين..

منذ سنة واحدة
الجمعة - 29 مارس 2024


كوثر العزاوي ||

مسمّياتنا في عالَم الدنيا:
أمير..وزير..بروفيسور..دكتور..معلّم مهندس..عالِم.. شيخ..قائد..أديب..،
وغير ذلك كثير من الكنى والألقاب والعناوين فضلًا عن أسماء الشهرة التي اعتادها البعض من الناس!
أمّا مسمّياتِنا في عالم الآخرة:
المؤمنون، الصادقون، الصائمون، القائمون، القانتون،المتقون، الوَجلون المتصدقون، الراكعون، الذاكرون، الصابرون، الخاشعون، المشفقون..
وغير ذلك من الصفات التي تلازم الصالحين إلى آخرتهم فيُدعَون بها!
وَلَو أجرَينا مقارنة بين مدى اهتمامنا بمسمّيات الدنيا وبين مسمّيات الآخرة ثم نرى أيهما الأقرب إلى نفوسنا لَتَبيّنَ ذلك من خلال حرصِنا وإحاطتنا على أحدهما دون الآخر، عندما يحتدم صراع الذات فيما تريده النفس ومايريده الله”عزوجل”
وعندئذٍ يتصدى ثبات المبدأ شاهرًا سلاح الصبر لنُدرِك حقيقة الدنيا،
بأنَّ الفريقين كلاهما يعيش فيها، مَن لا يملك شهادة ولا لقبًا علميًا أو أجتماعيًا أو دينيًا، ويعيش فيها ايضا أصحاب المسمّيات والألقاب آنفة الذكر!.
ولكن حقيقة الآخرة إنما تحتاج مَن يذهب إليها بشهادة عملية أخذَت حيّزها في عالَم الدنيا بتطبيقٍ مدفوع الثمن، والرصيد يوم الحساب! وطريق النجاة في الدنيا مركب الصبر،
{فاصبِر وما صبرُكَ إلّا بالله} فالصبر في الدنيا ليس على البلاء والمصيبة وحسب! إنما الصبر على النفس وَرَدعِها عن الركون إلى الدنيا ومغرياتها وذلك أعظم الصبر، ومن ذلك الصبر على طاعة الله بما وهبَ لعباده من الطيبات والرزق بأنواعه، وعدم التفريط به وتسخيره للشيطان وطرق المعصية، وتلك مرتبة أخرى، ومن هنا جاءت الدعوة لمن يريد التحلّي بالصبر في موقفين على لسان سيد المتقين “عليه السلام” بقوله:
{الصبرُ صبران: صبرٌ على ما تكره وصبرٌ عمّا تُحب}
وفي هذين الموقفين دلالة وخلاص، فإذا صبر الإنسان فيهما على ما يكرهه، وعما يحبه ويرغبه فهو الصابر حقًا الذي وُعد بكل خير، حيث تغلّب على هواه وعزف عن مُراده وما يُحبه، وحاول التعامل مع مالا يَرغبه، فسوف ينال أجر الصابرين، فالصبر طاعة لله وفي الله كما السفينة فوق أمواج متلاطمة في بحر الفتن والمحن، وهو بذات الوقت نجمُ هداية ونجاة في سماء الايمان والتقى، يجعل من الصابر منظومة معنوية متزنة موفورة بالتحدّي وصلابة الموقف من أجل الثبات ومواصلة طريق الخير وتحقيق الوصول للهدف الأسمى وهو رضا الخالق “عزوجل” والفوز في دار الخلود.
{..وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}النحل ٩٦

٢٢-شعبان١٤٤٤هج
١٥-آذار٢٠٢٣م


ـــــــــــــ