الخميس - 28 مارس 2024

الذخيرة العظمى

منذ 5 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

تمتلك الشعوب عادات وتقاليد عديدة, قسم منها مرتبطة بالعقيدة, وسم منها مرتبط بممارسات وعادات اجتماعية, وقد تعرضت -بفعل التطور- هذه الممارسات للتغير الكبير, ووصل الأمر إلى أن تموت هذه العادات وتندثر.

عبد الكاظم حسن الجابري

لشيعة أهل البيت ومحبيهم ممارسات وعادات عُرِفت باسم الشعائر الحسينية, وتعد هذه الشعائر في ثقافة أهل البيت من صميم العقيدة ومن اصولها, ودأب الموالون على توسيعها والحفاظ عليها وبذلوا في سبيلها الغالي والنفيس.

كانت ومازالت هذه الشعائر مدارس لتعليم اتباع أهل البيت على الخصال الحميدة, وعلى رفض الظلم والطغيان, فهذه الممارسات -الشعائر- ما هي إلا إعلان لرفض كل أشكال الانحراف والظلم والديكتاتورية, لذا كانت هذه الشعائر تقض مضاجع الظالمين.

حاول الظالمون وعلى مر التاريخ منع هذه الشعائر, وتهديد الذين يمارسونها, والتنكيل بهم, وقطعوا رؤوس وايادي كل من يحيي مجالس الذكر لابي عبد الله الحسين عليه السلام, أو يمارس الزيارة وبقية الشعائر المتنوعة من إقامة المواكب واللطم والنياحة وغيرها, كما حاول أعداء مذهب أهل البيت التلاعب بالشعائر, من خلال تصدير بعض المنحرفين من علماء السوء والضلال لدس الخرافات في الشعائر, ثم محاربتها بدعوى تهذيب الشعائر ليختلط الحابل بالنابل ما بين الدخيل والأصيل, لكن فطنة المحبين ويقظتهم ودور علماءهم كان بالمرصاد لهذه الأفعال ووأدها.

كانت جموع المؤمنين والمحبين وعلى مدى التاريخ أكثر وعيا وإصرارا وحبا لآل البيت عليهم السلام, فلم يسمحوا لأحد أن يعبث بالشعائر, كما لم يخشوا ولم يتخاذلوا ولم يتركوا إحياء الشعائر, رغم قساوة الظالمين وأساليبهم في التنكيل بمحبي آل البيت عليهم السلام.

صمدت الشعائر وبقيت متجددة على مر التاريخ, ولم يك هذا الاستمرار إلا بإصرار الاتباع على الحفاظ على هذه الهوية العقائدية, وكان لعلمائنا الاعلام الدور الأهم والأبرز في حث الموالين على احياء الشعائر, بل كان علماءنا حفظهم الله ورحم الماضين منهم صلبين في احياء الشعائر, ويمارسونا علنا, وكانوا قدوة في هذا الأمر, وكانت وصاياهم تحث على التمسك بهذه الشعائر, ومنها ما قاله سماحة السيد السيستاني دام ظله في خطبة الجمعة من على منبر الحرم الحسيني المطهر بتاريخ 5/محرم/1438 “إن مجالس سيد الشهداء عليه السلام, ومظاهر العزاء له وفق ما توارثه المؤمنون خلفا عن سلف, هي من أعظم ذخائرنا التي لا يمكن أن نفرط بها بل لا بد أن نحافظ عليها بكل ما أوتينا من إمكانات”.

شعائرنا هي ذخيرتنا العظمى, ومدرستنا التي تعلمنا منها, ومن هذه الشعائر والمجالس تخرج الأبطال من مجاهدي الأهوار, ومن ابطال الانتفاضة الشعبانية, ومنها تخرج الحشد الشعبي الذي رسم اروع ملاحم البطولة في معركة الحق ضد الباطل.