الخميس - 28 مارس 2024

الكفر.. خمر الشعوب

منذ 4 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

محمد جواد الميالي

عندما أبتعث محمد النبي إلى قومه، بدأ الدعوة بالصغرى بينه وبين أصحابه، لكي يستطيع أن يجمع له شملاً من الأنصار، ثم يعلنها بالدعوة الكبرى للملئ من قريش، حتى يستطيع مع أنصاره من مقارعة الكفار، لأنه لو أعلنها مباشرة لستطاعوا التخلص منه، لأن الكثرة تغلب الشجاعة..
أهم ما ميز الإسلام المحمدي هو القرآن.. هذا الكتاب العجيب الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا حواها، فآياته نزلت منفردة، وبعضها نزل حسب المواقف المجتمعية والسياسية في ذلك الوقت.
الآيات القرآنية كانت هي الموجهة للمجتمع آنذاك، وكان على المسلمين إتباعها، وأغلبها في ذلك الوقت تسببت بجدل واسع بين المسلمين.
مثلاً آيات تحريم الخمر والميسر، بعضهم كان يقول نترك الخمر فقط عند الصلاة، ونعود للشرب بعدها، فالقرآن قال “لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى” إذا الحرمة فقط أثناء العبادة! على هذه الشاكلة، كانت كل الآيات تقابلها العديد من التصادمات، ويصل بالبعض إلا عدم الإتباع بالباطن والوقوف جنباً عن تطبيقها، لكن ما أن تصيبهم مصيبة، حتى يتهافتوا على نبيهم لينقذهم؟!
أحتجاجات تشرين التي أنطلقت في مدن شيعة العراق، وعلى مدى أربعة أشهر، كان التصعيد فيها يحدث يومي الأربعاء والخميس، لنجد الأصوات تتعالى على دار علي في النجف، ويبدأون بمطالبة السيستاني بالحل! بينما المرجعية قد رسمت خارطة الطريق الصحيحة وذكرتها بكل الخطب، لكن الكل بعد الخطبة يتبع هوى نفسه، ويترك كلام الحق ليتماشى مع الباطل؟!
التصعيد الذي يحدث كما آخرها في النجف، وسقوط عدد من الشبان فيها، كان كفيلاً بتأجيج عقول السذج، الذين أول ما تصيبهم مصيبة، يستغلون أقلامهم على مواقع التواصل، ليشتموا السيستاني بأنه لا فائدة منه؟!
هل يذكركم تذمر الجمهور من المرجعية والكفران بها بشيء..؟ نعم أنهم مسلمي قريش نفسهم، الذي ذكرهم الرحمن بقرآنه “الأعراب أشد كفراً ونفاقا” الذين كانوا يشتمون محمد ويكفرون بربه، لأنه أنجاهم من العبودية، وبأن نصحه وآيات كتابه لم تجلب لهم سوى الدمار، نفسهم اليوم يشكلون ذلك على السيستاني! ألم يقل ألتزموا بالسلمية، ألم يقل ميزوا صفوفكم من المندسين؟ لن نتحدث عن فضائل صاحب بيت الإيجار.. لكن إنكار الفضل والسب كان بالأمس مع محمد (عليه واله وصحبه السلام) واليوم مع السيستاني المنقذ لهم من داعش.
ما يحدث اليوم هو نتيجة طبيعية، لما أقترفته أرواحنا وأتبعته أهوائنا، لأننا نستمع دون أن نطبق، نردد دون أن نفهم، نعرف الحق ونحيد عنه، فالخمر الذي فرق المسلمين أيام النبي، مازال يستنشق الهواء في أدمغتنا، مازال الكفر.. خمر الشعوب.
ـــــــــــــــــــ