الجمعة - 29 مارس 2024

رمضان ربيع القرآن

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024



ضحى الخالدي ||

جاء في الأثر انه لا يستحب ختم القرآن الكريم في اقل من ثلاثة ايّام حتى تكون القراءة بتدبر.
و في ذات الوقت ذُكر ان المعصومين عليهم السلام كانوا يختمون القرآن الكريم مرة في كل ليلة من شهر رمضان و بعضهم يختمه ٤٠ مرة في هذا الشهر، و هذا من تكليفهم المتعلق بعصمتهم و عظمتهم.
موضوع التدبر في القرآن موضوع مهم و عميق، و قد ذكر إمامنا الصادق عليه السلام دعاءً لتلاوة القرآن الكريم جاء فيه”و لا تجعل قراءتي فيه هذراً” “ولا تجعل قراءتي قراءةً لا تدبر فيها” هذا الدعاء يفيد في التخلص من الشرود الذهني اثناء التلاوة.
رُبّ معترض ان السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رض.) ورد عنه انه اذا لم يحصل له الحضور القلبي اثناء وقت الصلاة يؤخرها قليلاً؛ لكن ليس معنى هذا ان نقارن أنفسنا به رضوان الله عليه و نعتبر كل وسوسة شيطانية هي انتظار للتدبر. اعرف أناساً وصلوا الخمسين من العمر دون ختمة واحدة بحجة عدم الحضور القلبي و التدبر.
القرآن هو المدرسة الأعظم؛ نتذكر اثناء دخول المدرسة نكون غير معتادين على الدرس و اجواء التعليم لكن تدريجياً نندمج بالوضع، كذلك القرآن الكريم و الصلاة لأن الشيطان يوسوس بتأجيلها و تأخيرها حتى يفوت وقتها بحجج منطقية معقولة كلما نضج عقل الانسان، فهو يوسوس للجاهل بالشهوات ليلهيه عن العبادة، لكن يوسوس للسالك المتعلم على سبيل نجاة بانعدام التدبر و غياب الحضور القلبي. فأقبل على الله تعالى ببعضك يقبل عليك بكله، فقط علينا الخطوة الاولى.
سُئل السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (رض.) عن وجوب تنبيه شخص يتلو القرآن بصوت مسموع فيخطئ في الحركات، فقال : ليس ذلك واجباً، لربما كانت هناك وقتها علاقة روحية بين الله و القارئ فتقطعها انت بمقاطعتك إياه.
في ذات الوقت يؤكد شهيدنا (رض.) على ان في شهر رمضان المبارك يستحب تلاوة القرآن الكريم في الليل -ليس في وقت الصيام- حتى اذا ما اخطأ القارئ في الحركات و تغيّر المعنى لا يعتبر ذلك من الكذب على الله و رسوله الموجب للإفطار.
من يعتقد ان تلاوة القرآن الكريم تستلزم الإحاطة بكل معانيه و إلا فلا، فنحن نتعلم من خلال قراءته و ليس من خلال هجره، و نستطيع ان نستعين بكتب تفسير المعاني و أسباب النزول و هي موجودة حتى أون لاين.
جاء في سورة الفرقان الآية 30:
“وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا”
فهل تعتقد ان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم يشكو يوم القيامة فقط هجر قريش للقرآن، و قريش هي قريش متى ألفت القرآن كي تهجره؟
إنما بالمعنى الأشمل هو يشكو هجر أمته.
ورد في الأثر ان القرآن اذا هُجر ثلاثاً -يقصد ثلاثة أيام- اشتكى الى الله
و هنا نلج الى مدخلية مهمة هي تلاوة القرآن الكريم و العمل به و تطبيق أوامره و الابتعاد عن نواهيه قدر الإمكان فنحن بشر خطّاؤون و خير الخطّائين التوابون.
لذلك كلما رأيت الغبار على مصحفك تذكّر بأنك هجرته، كما انه ليس زينةً منزلية ليتم تلميعه و ركنه على الرف أو المنضدة.
جاء في الأثر أننا اذا أردنا مخاطبة الله عز و جل فعلينا بالصلاة و الدعاء، و اذا ما أردنا أن يخاطبنا الله فعلينا بتلاوة القرآن الكريم، و جاء ان فضل القرآن الكريم على سائر الكلام كفضل الله تعالى على سائر خلقه.
أتمنى لكم محادثة طيبة مع الحبيب الطبيب القريب المجيب.
ــــــــــــ