الجمعة - 29 مارس 2024

ثمن سارية العراق (ياكردنا)..

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024



باقر الزبيدي ||

قبل أيام صرّح الرئيس التركي رجب طيب أوردغان “بأن قواته سوف لن تقف إلاّ عند العلم العراقي” وهذا الكلام ذو أوجه متعددة، ويدخل من باب التمويه على المتلقي، أو الإيهام الإعلامي لهدف سياسي غير معلن وهدف آخر معلن، لكنه سراب لحقيقة المطلوب، وهنا يعتبر البعض إن خطابه هو دليل عدم إعترافه “بإقليم كردستان” كجغرافيا فيدرالية كجزء من العراق، وهذا يحتاج تفصيلاً دقيقاً.
ليس بخافياً على أغلب المراقبين إن العداء التركي الكردي هو عداءاً تأريخياً؛ يتصاعد مرة ومرة أخرى ينخفض لدرجة الهدوء، كما حدث في حكم “السيد أربكان” الأب الروحي لحزب العدالة والتنمية الحاكم اليوم، ومرة تصبح العلاقة بين الأسد والفريسة صورة من أجمل صور التقارب والمودة ودفئ العلاقة، كما حصل بين السيدان (أردوغان والبرزاني) وكأنهما حليفان لا يمكن أن تنتهي علاقتهما أو تضعف؛ بل بات الحزب الديمقراطي الكردستاني (الپارتي) يتباهى بهذه العلاقة ويعتبرها نجاح كبير لحنكة وحكمة البرزاني.
ولكي نقف على حقيقة ما يجري، علينا ان نضع نقطتان رئيسيتان أولاهما :
• حلم الدولة الكردية والذي هو مجد يسعى إلى تحقيقه الساسة الكرد في (الأقطار الأربعة).
• وحلم شعب يبحث عن دولة يقابله (ملك الموت) الذي يقف عند رأسهما وهم الأتراك والإيرانيون.
ثانياً : هناك حلم للأتراك بإستعادة محافظتي (الموصل وكركوك) العراقيتين، ومن هنا نفكك ما نراه:
أولاً : السبب أو المبرر للهجوم التركي على شمال العراق ذا الأغلبية الكردية، لا يقع فقط على مسؤولية الأتراك وإنما بسبب عنجهية وتمرد الحزبين الكرديين الرئيسيين، بعدم السماح للقوات المسلحة العراقية بمسك الحدود؛ وأن تبقى بيد (فصائل البيشمركة الكردية) فاصلاً بين حزب العمال “البككة الكردي” والأتراك نوعاً من الحل الذي لايثق به الأتراك على الإطلاق؛ مما جعل القوات التركية تهاجم الأراضي العراقية تحت مسوغ العمليات الإرهابية “للبككة” وهي حقيقة، فإقليم كردستان منطلق وعمق لهذا التنظيم وهذا ما سيبقي الأتراك يستخدمون قواتهم إلى مساحات مفتوحة وغير محددة خصوصاً بعدم وجود أمل بأن يكون هناك حل سياسي، بل هذا الحل قد يكون المشكلة مهما كانت نتائجه بالوقت الحاضر، فهو لا يخدم أي من الطرفين، بين حلم الدولة وحلم التوسع وإستعادة (الموصل وكركوك) وبالتالي فإن مبررات العلم العراقي فاعلة، أي الوصول للعلم، وهذا أيضاً هدفاً إستراتيجياً للأتراك فهم يعون ويعلمون ضعف الحكومة السياسية في بغداد بالضغط والتأثير، لتحقيق إتفاق مع الكُرد بمسك الحدود، وهذا يعطي الأتراك الأريحية للوصول إلى الهدف الحقيقي والذي أصبح أحد أسبابه العناد الكردي.
إذن مايجري في المناطق ذات الأغلبية الكردية ما هو إلاّ (صراع وجود وحدود) ولايمكن لهذا الصراع أن ينتهي إلاّ بحصول إنعطافه كبيرة، وهي أما بضعف الدولة التركية والإيرانية، كما حصل في العراق وسوريا، وبالتالي تقوى شوكة الكُرد في تلك الدول لإعلان (الدولة الكردستانية الكبرى) وأما أن يُعطى الضوء الأخضر الكامل لتركيا وإيران، بإنهاء ذلك الحلم، وهذا يتوقف على المتغيرات السياسية والإقتصادية في المنطقة، وتأثيراتها على العالم فنحن بين العَلَمْ المفقود والممنوع من وضع ساريته على شمال العراق، وحلم الآخرين بإستعادة الموصل وكركوك، ومجاورة بغداد من صلاح الدين، وقد تكون أقرب من ذلك، وعليه سنبقى نسمع أصوات المدافع وسيحاول الكُرد توريط بغداد بصراع مع تركيا بحجة سيادة الدولة؛ والتي هي أصلاً غير موجودة في قاموس الكرد، وكأن الحقيقة أنهم يتباكون على سيادة العراق بدموع التماسيح عندما تستهدف القوات التركية، الشقيق والحليف السري “البككة” ولا يتباكون عندما يريدون قطع جزء من العراق لصالح مشروع الإنفصال إنما الدهر يومان يوم لك ويوماً عليك.

٢٢ حزيران ٢٠٢٠
ـــــــــــــ