الجمعة - 19 ابريل 2024

تأملات في واقعنا المعاش مقالة لسماحة السيد صادق محمد باقر الحكيم

منذ 5 سنوات
الجمعة - 19 ابريل 2024

بقلم : حجة الاسلام والمسلمين سماحة السيد صادق محمد باقر الحكيم 

احببت اذكر نفسي قبل غيري برؤية لشهيد المحراب (قدس) حول بعض العلاقات الاجتماعية يقول:

هناك التزام في العلاقات الاجتماعية بضبط العواطف والأحاسيس والمشاعر والانفعالات التي تطرأ على النفس الإنسانية بسبب التفاعل مع الأحداث ومشاهدتها، وتفاعلات آثارها ونتائجها.

وتعتبر هذه الضابطة في احد أبعادها عن التكامل الذاتي في حركة الإنسان نحو الله تعالى.

فقد ورد في حديث أهل البيت عليهم السلام تأكيد هذه الضابطة عموما في الوصول الى هذا التكامل، حيث ورد بسند معتبر عن شعيب العقرقوفي، عن الامام الصادق عليه السلام قال: ((من ملك نفسه اذا رغب واذا رهب واذا اشتهى واذا غضب واذا رضي حرّم الله جسده على النار)). وكذلك في حديث اخر عن الكليني بسند معتبر عن صفوان الجمال قال: ((قال ابو عبد الله عليه السلام: إنما المؤمن الذي اذا غضب لم يخرجه غضبه من حق، واذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا قدر لم يأخذ أكثر مما له)).

ولا شك ان جهاد النفس هو من اعظم الاعمال التي يقوم بها الانسان المؤمن حركته التكاملية، حيث جاء التعبير عنه في الحديث الصحيح المروي عن رسول الله صلى الله عليه واله بأنه ((الجهاد الاكبر)).

هذا الجهاد في الحقيقة إنما هو يعبر في احد ابعاده عن ضبط العواطف، والسيطرة عليها، وتوجيهها توجيها صحيحا بما ينسجم مع الحكم الشرعي، والأهداف الإلهية المقدسة.

واهمية هذه الضابطة في جانبها الذاتي، إنما تنبع من موضوع تربية الإرادة الإنسانية، وتقويتها بحيث تكون منسجمة في فاعليتها واختيارها دائما مع العقل وحكم الشرع، حيث أعطى الشارع المقدس أهمية خاصة للعقل؛ لأن الله تعالى جعل للعقل دوراً أساسيا في حركة الانسان، وتوجيه إرادته نحو الإصلاح، وتحقيق المصلحة النهائية للإنسان، وضبط العواطف والانفعالات له.

وقد ورد في الحديث الشريف الصحيح أن الله سبحانه وتعالى خلق العقل ثم قال له: ((أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إليَّ منك، ولا أكملتك إلاّ فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب)).

وفي حديث آخر معتبر عن عبد الله بن سنان قال: ((سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام: إن الله ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شرٌّ من البهائم)).

ومن هنا نرى أهمية هذه الضابطة في جانبها الاجتماعي هي أن التكامل الذاتي للفرد يؤثر – بطبيعة الحال – على التكامل الذاتي للمجتمع كله، لأنه مضافا إلى أن المجتمع يتكون من هؤلاء الأفراد، فإن الفرد الصالح المتميز له تأثير واضح على بقية أفراد المجتمع إذا كان واقعه النفسي صالحا، حيث ينعكس ذلك بالضرورة على سلوكه الاجتماعي في علاقاته مع الآخرين، ذلك أن الواقع النفسي للإنسان لا يمكن أن ينفك عن سلوكه الاجتماعي. 

ولذلك مدح القرآن الكريم نبي الاسلام العظيم بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}، تأكيداً اهذا لهذا الجانب الأخلاقي في السلوك.

يتبع ان شاء الله..

صادق محمد باقر الحكيم