الخميس - 28 مارس 2024

شهداء تشرين ليسو جسراً للماكرين

منذ 4 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024



زيد نجم الدين||

مع اعلان السيد الكاظمي عن الموعد المقترح لإجراء الإنتخابات النيابيه المبكرة في السادس من تموز 2021 ، بدأ بعض الاخوة الناشطين و السياسيين و المهتمين بالشأن المحلي تقديم الوعظ و النصيحه للشباب المتظاهر في المحافظات العراقية لتنظيمِ أنفسهم في كيانٍ سياسي يخوض الإنتخابات القادمة على أمل أن يكون لدى الساحات تمثيل برلماني مدعوم و مؤيد من الشباب المنتفض و يأخذ هذا الكيان على عاتقهِ الضغط من داخل قبة البرلمان العراقي لتحقيق أهداف حركة تشرين الإحتجاحية و بنفس الوقت يكون للمحتجين تمثيل برلماني و صوت مسموع داخل قبة البرلمان.

ربما تكون الدعوات اعلاه خالصة عن نوايا صادقة تريد لحركة الاحتجاج الاصلاحيه التوفيق و النجاح بعد ما خاضت سلسله من ملاحم التضحيه و الفداء بغية تغيير الواقع المأساوي و إصلاح ما أفسدتهُ أعراف السياسه العراقية في الفترة الماضيه ، لكن دعونا قبل كل شيء نلقي نظرة سريعه على احداث ثورة تشرين و كيف بدأت و كيف هيَ اليوم ، و كم تعرضت خلال المسيرة إلى محاولاتٍ لحَرف المسار و التوظيف في إتجاهاتٍ معينة بعيده عما تصبو إليه الإرادة الوطنية و الشعبية ، و في نفس السياق شهدنا الكثير من الشخصيات التي كانت تعد من رواد الحراك الشعبي و التي سرعان ما انزلقت مسرعه لتحجز لها مقعداً حول مائدة السلطة متوسدةً بذلك رقاب المتظاهرين و ألامهم، فلم تكن التظاهرات بالنسبة لهؤلاء إلا وسلية جيده للوصول لما يطمح له أولائك الوصوليون و المهووسون بلباس السلطه.

التظاهر و الاحتجاج السلمي حق يتمتع به كل مواطن عراقي وفق ما اجاء بالمادة 38 من الدستور ، كذلك التظاهر عمل تطوعي لا يترتب عليه أي أجر لقاء التظاهر ، لكن قد تنتج عنه مكاسب تخص الشريحه او المجموعة التي تبنت التظاهر و هذه المكاسب تختلف تبعاً لعنوان أو أهداف التظاهرات ، لذلك ان الصفة التي يعمل ضمنها المتظاهر هيَ صفة تطوعية ذات بعد تضحوي لتحقيق هدف أو إقرار حق يعتقدهُ و يتبناه المتظاهر.

في قضية تظاهرات تشرين المسألة قد تختلف بعض الشيء عن شائع التظاهرات ، فالمتظاهر التشريني لا ينتظر الحصول على مكسب شخصي كوظيفه أو راتب تقاعدي أو منحه أو إمتياز خاص ، بل إن أدافهُ و تضحياتهُ تتمحور حول عنوانٍ سامي صاغهً الشباب الننتفض في ساحات التظاهر و هو “نريدُ وطناً” هذا العنوان الذي يلخص كل مطالب المتظاهرين النبيله و البعيده عن المنافع الشخصية ، لذلك أستطيع ان اقول أن أهم عوامل القوه لدى المتظاهرين السلميين هي صفتهم التطوعيه و التضحويه النبيلة ذات الطابع الفدائي وهي ذاتها التي جذبت تعاطف المجتمع مع هؤلاء الفتيه الذين لا ينتظرون منافع شخصيه سوى رؤية وطنهم عزيز منعم بخيراته.

و انطلاقاً من ذلك نرى إن الإنخراط في أي برنامج سياسي يمثل المتظاهرين أو مدعوماً منهم يرفع عنهم صِفَتهم المعنوية كمتظاهرين مستقلين و يُحولهم الى تيار سياسي ذو قاعده جماهيريه تتمتع بتمثيل سياسي و برلماني و كما هو الحال عند بعض التيارات السياسية-الجماهيرية الفاعله بالعراق ، و هذا الشيء في الحقيقه يمثل إجهاض لمسيرة الحراك الاصلاحي في العراق لأن التعاطف الجماهيري و الشعبي مع حركة الاصلاح و الايمان بما تطرح من خطوات اصلاحيه مقرون باستقلالية المتظاهرين و صفتهم التطوعية التضحوية ، و دخولهم في معترك السياسة يجعلهم جزء من المشهد السياسي المضطرب و بذلك ترفع عنهم صفتهم المعنويه ، لا سيما ، أن طريق الاصلاح مازال طويلاً و يتطلب منا خوض المزيد من المعارك المطلبية الشرسه خصوصاً بما يتعلق بتعديل الدستور و بعض القوانين الاخرى محل الرفض الجماهيري.

و في الختام أريد أن أحذر الاخوة المتظاهرين مِن أن بعض الشخصيات السياسية التي تفاعلت ايجاباً مع المتظاهرين في الفترة الماضية تحاول اليوم ان تدفع بأتجاه تأسيس كيان سياسي يحمل صفة تمثيل ساحات التظاهر في الانتخابات القادمه ، لذلك أجدد تحذيري للأخوه المتظاهرين من الانزلاق في مثل هكذا منزلق خطير رَصفَ لبناتهُ مجموعه من السياسيين المتزلفين الذين لم يتركوا مائده من موائد السلطه الى و كانوا قد جلسوا عليها و اعتاشوا منها ، فشهداء تشرين ليسوا جسراً او معبراً للطامحين بالفوز في الانتخابات القادمه بل هم جسرا لبناءِ وطنٌ طالما حلموا به ، و لا يفوتني ان اذكر ان هذا لا يمنع أن يتبنى أي سياسي قضية تشرين و مطالبها ، لكن دون أن يُصَدر نفسه ممثلاً عنها حتى لا تتحمل التظاهرات اسقاطاته السياسية و ميوله و قناعاته الشخصيه.