الجمعة - 29 مارس 2024

قبسات من ثورة الإمام الحسين”ع”..الخطاب الزينبي في الثورة الحسينية

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


عباس كاطع الموسوي||

أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام ليست ثورة عادية، في مسار حركة البشريه ،قد كانت ولازالت لهذه الثورة تاثير عظيم، في جعل كل الاحرار يستمدون منها الدروس والعبر والصمود والبسالة، في كل حركتهم لبناء دولهم وأوطانهم، وما قول غاندي القائد الهندي( تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر) الا برهان على ان حركة وثورة الحسين خالدة، يستمد منها الثوار في كل تاريخ البشريه والإنسانية المآثر والبطوله والصبر والتجلد، ولقد خطط الامام الحسين لثورته تخطيطا راقيا في جعل صرخته هيهات منا الذله، تصل الى ابعد بقعة في الأرض، واي زمن ياتي بعده، وهذا التخطيط ما كان أن يتم بدون صدى اعلامي يصل مداه لنا وللبشريه جمعا، فكان هذا الصدى صوت الحوراء زينب علبها السلام، وكان تفكيره ان تضحيته في كربلاء حافز للبشريه في نيل حريتها، ومن تخطيطه ان بقاء ثورته في ذاكرة الشعوب لابد ان يعكسه جانب اعلاميا يكون بمستوى دمائه ودماء شهداء الطف، فكانت العقلية زينب عنوان لهذه العظمه، فكانت حقا بطلة كربلاء٠
لقد جسدتها باروع صورها في ليلة الحادي عشر من محرم، عندما احتضنت الجسد الطاهر، ولا نعلم هل كان مقطعا من الرماح والسيوف ام جسد واحد، وقد خاطبت ربها عزوجل بصبر ،وعنفوان، والق ،وبهاء، هذا الجسد الطاهر( اللهم تقبل منا هذا القربان)، ومن هذه الليلة، اخذت على عاتقها المهمة التي اوكلها اخيها، وهي مهمة جسدتها اروع تمثيل، بعد ان استلمت العقيلة زينب عليها السلام القيادة الظاهرية، لان القيادة الباطنية بلا شك للأمام زين العابدين٠
..وقد واجهت زينب هذا الامر، من جهتين الاولى الحفاظ على الاسلام، والامر الثاني هو هداية الامة الى النور الالهي، وهو الامام المعصوم ،وهو الامام زين العابدين.، فحافظت زينب على الامامة، حيث واجهت زينب بن زياد، عندما هم بقتل الامام زين العابدين عليه السلام، فاحتضنته مخاطبة ابن زياد، ان كنت قاتله فاقتلني معه، حتى تعجب ابن زياد منها، فترك قتله، وهناك سببان لنجاته، اولا رعاية الله للامامة باعتبارها عهد الله ورعايته لها، وتضحية وشجاعة العقيلة زينب، حتى قال قولته المشهورة (وللرحم صلة )٠
كذلك واجهت العقلية، بعد مقتل الامام الحسين ،فاجعة السبيئ للايتام والارامل وماساة الثكل، وما يترتب على السبيء من صعوبات وقهر ٠لقد اعطى الامام الحسين عليه السلام لزينب مهمة كبرى، وهي مهمة اعلامية لايصال اهداف الثورة الحسينية، والتي ما نهض بها الحسين الا لبعث تعاليم الإسلام، والتي القت اعبائها على زينب ،بكل جدارة بعد مقتله، والتي ابهرت التاريخ، وهو ينقل لنا مواقفها الباسلة، في اول مهمة اعلامية واجهتها زينب في شوارع الكوفة، عند لقائها بأهلها٠
وفي خطبتها معهم قائلة لهم ان اسكتوا ،فسكتوا، كأن على روؤسهم الطير، فخطبت في النَّاسِ بِأَنْ أَنْصِتُوا، فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ، وَسَكَنَتِ الْأَجْرَاسُ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ حَمْدِت اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ (ص):
أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، يَا أَهْلَ الْخَتْلِ‏ وَالْغَدْرِ وَالْخَذْلِ، أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ، وَلَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ، كَمَثَلِ الَّتِي‏ نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً، تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ.‏ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ‏، وَالْعُجْبُ، وَالشَّنَفُ،وَالْكَذِبُ، وَمَلَقُ الْإِمَاءِ، وَغَمْزُ الْأَعْدَاءِ، أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ، أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ، .أَلَا بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ، أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَفِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ٠ أَتَبْكُونَ أَخِي، أَجَلْ وَاللَّهِ فَابْكُوا، فَإِنَّكُمْ أَحْرَى بِالْبُكَاءِ، فَابْكُوا كَثِيراً، وَاضْحَكُوا قَلِيلًا، فَقَدْ أَبْلَيْتُمْ بِعَارِهَا، وَمَنَيْتُمْ بِشَنَارِهَا،وَلَنْ تَرْحَضُوهَا أَبَدا، وَأَنَّى تَرْحَضُونَ قُتِلَ سَلِيلُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَلَاذُ حَرْبِكُمْ، وَمَعَاذُ حِزْبِكُمْ، وَمَقَرُّ سِلْمِكُمْ، وَآسِي كَلْمِكُمْ‏، وَمَفْزَعُ نَازِلَتِكُمْ، وَالْمَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُقَاتَلَتِكُمْ، وَمَدَرَةُ حُجَجِكُمْ،‏وَمَنَارُ مَحَجَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ، وَسَاءَ مَا تَزِرُونَ، لِيَوْمِ بَعْثِكُمُ، فَتَعْساً تَعْساً، وَنَكْساً نَكْساً، لَقَدْ خَابَ السَّعْيُ، وَتَبَّتِ الْأَيْدِي، وَخَسِرَتِ الصَّفْقَةُ، وَبُؤْتُمْ‏ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، وَضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ٠ أَتَدْرُونَ، وَيْلَكُمْ، أَيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ (ص) فَرَثْتُمْ، وَأَيَّ عَهْدٍ نَكَثْتُمْ،وَأَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ، وَأَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ هَتَكْتُمْ، وَأَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ‏، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا، تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ‏، وَتَخِرُّ الْجِبالُ، هَدًّا لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا، شَوْهَاءَ، صَلْعَاءَ، عَنْقَاءَ، سَوْدَاءَ، فَقْمَاءَ، خَرْقَاءَ، كَطِلَاعِ الْأَرْضِ، أَوْ مِلْ‏ءِالسَّمَاءِ٠
أَفَعَجِبْتُمْ ،أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ دَماً، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى‏، وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ، فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ٠
من خلال هذه الخطبة، يتبين لنا اي دور كان منتظرا للعقيلة زينب، وهذا اول خطاب لها، فانها قد بينت للامة سوء فعلها، وانقلابها ،وكذلك خطابها وهي تواجه الطاغية بن زياد ، فقالت وهي تخاطبه (ان بيانها وخطابها، نبع من والدها، سيد البلغاء وامها فاطمة عليهما السلام، حتى كان كلامها كانه كلامهم٠ ) فخاطبته، قائلة بعد قال لها، الحمد لله الذي فضحكم، واكذب احدوثتكم، فاجابته، (الحمد لله الذي اكرمنا، بنبيه محمد صل الله عليه واله وسلم، وطهرنا من الرجس تطهيرا، وانما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا (كانها تشير اليه ) وعند سؤاله لها ،كيف فعل الله بكم ،ردت عليه، ما رأيت الا جميلا، هولاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا الى مضاجعهم ،(شاء الله ان يراني قتيلا )وسيجمع الله بينك وبينهم ،فتحاجون، وتختصمون ،فانظر لمن الفلج يومئذ ،ثكلتك امك يا ابن مرجانه٠من هنا بدات مولاتنا زينب المواجهة مع الطغاة٠ لتبين للامة التي اصابها الخوار ،سوء منقلبها، وهي تقتل ريحانة رسول الله٠
لقد فتحت مولاتنا زينب افاق للثورة الحسينية، وهي تواجه الطاغيه يزيد، في مجلسه في الشام، وموقفها البطولي معه ، عندما واجهته في مجلسه، وهي اعلى مواجهة واجهتها، ومثلت ابهى تمثيل، الخطاب الزينبي الذي مثل حقيقة الثورة الحسينية، باوج عظمتها، وعنفوان مواجهتها، مع حزب الشيطان والشجرة الملعونة٠ لذلك كانت زينب في مجلس الطاغية، تمثل الحسين، وهو ينحر في كربلاء، وتمثل عليا وهو يضرب في محرابه، وتمثل الزهراء في مظلوميتها، وتمثل اخاها الامام الحسن وهو يقتل مسموما، بل أنها تمثل جدها الرسول الأكرم وهو يتوفى، بعد وصيته (أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي )، بعد أن أوصى الامة التي انقلبت على اعقابها٠كانت زينب في خطابها، في مجلس يزيد، قد القت بكل ما يتطلبه الموقف، من مواجهة٠ وبذلك اوصلت الامانة التي أوصاها بها الامام الحسين عليه السلام ٠ولنرى خطبة زينب في مجلس الطاغية يزيد،( اظننت يايزيد، حيث أخذت علينا اقطار الارض ،وافاق السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الاسارى، أن لنا على الله هوانا ،وبك عليه كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بانفك ،ونظرت في عطفك ،جذلان مسرورا، حيث رأيت الدنيا مستوثقة، والامور متسعة، وحيث صفا لك سلطاننا، فمهلا مهلا، انسيت قول الله عز وجل، (ولا تحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم أنما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب عظيم)، وكيف ترتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ من بغضنا أهل البيت، من نظر الينا بالشنف والشنان والاضغان، ثم تقول غير متالم، ولا مستعظم، لأهلو وأستهلوفرحا، ثم قالوا يايزيد لا تشل، منحنيا على ثنايا أبي عبدالله، سيد شباب أهل الجنة، فوالله ما فريت الا جلدك، وما فرزت الا انفك، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، فاني لاستصغر توبيخك، واستعظم تقريعك ، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى، فكد كيدك، وأسعى سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحوا ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك امدنا، ولا يرحض عنك عارها٠ وهل رأيك الا فند، وايامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوما ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين ) ٠
…لذلك كانت زينب نموذج للقيادة الاعلامية الفذة، والتي نقلت للعالم كله، بطولة وتضحية الحسين عليه السلام، وشهادة اهل بيته، وشهادة اصحابه، لتبقى الطف قضية مركزية، ومحور كل الثوار، ومنبع كل الاحرار، ونبراس كل الشهداء، في كل تاريخ البشرية، واننا اذ نذكر الحسين قضية وثورة، ونموذج راقي ومبهر، للوقوف ضد حكم الطغاة من بني امية، وكل طغاة الارض انما نستحضر في ذاكرتنا الكثير من الاحرار الذين اقتدوا بالحسين، شهيدا دافع عن الحق ضد الظلم، حتى لو تطلب الامر التضحية باهل بيته واصحابه وطفله الرضيع ٠صبرا لقضائك يارب٠او ان كان هذا يرضيك، فخذ حتى ترضى، عندما جعل يده تحت نحر رضيعه، راميا دمه للسماء٠
لقدجسدت زينب هذه التضحية بأروع عطاء لله، وهي تخاطبه، وقد احتضت اخيها الحسين، اللهم تقبل منا هذا القربان…..واي قربان،بكت عليه اهل السموات والأرض، ولا زالت تبكي حتى قيام الساعة. اما انا أقول، مخاطبا مولاتي العقيلة زينب، تقبلي مني هذا القليل، فانه بعينك، وعين امك الزهراء، وأهل الكساء عليهم السلام، فاشفعوا لي عند الله٠