الخميس - 18 ابريل 2024

العراق حسينيّ ياقناة دجلة ..!

منذ 4 سنوات
الخميس - 18 ابريل 2024


رياض البغدادي||

نعم العراق حسينيّ ،ومَن أبى هذا فليبحث له عن عراق آخر ، هذا هو العراق الذي ورثناه عن آبائنا وأجدادنا الذين عاشوا على هذه التربة الطيبة منذ اليوم الأول الذي نزل فيه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام على أرض الكوفة ،وهو اليوم الذي جعل من هذه المدينة عاصمة للبلاد الإسلامية، التي كانت تمتد حينها من مصر في شمال أفريقيا إلى بلاد خراسان من جهة الشرق .لسنا ممّن يفرض أمراً واقعاً، أو ممّن يحاول أن يصادر ما يفكر به الآخرون.
ولسنا طلاب سلطة أو قرار ولا نريد إن نصدِّرَ الأفكار الإرهابية،وكل ما نريده هو أن يقر الجميع بحقيقة الواقع العراقي وطبيعة مجتمعه الذي حمل الثورة الحسينية في فكره ووجدانه…
فالحسين حاضر في أعراس العراقيين وفي كل أفراحهم ،فكربلاء قبلة العروس لتقضي بين عرصاتها شهر العسل الذي لن تنسى أيامه أبدا …
وكربلاء هي ما يختاره الشبّان ليقضوا فيه أعيادهم ومناسباتهم الجميلة … كربلاء هي الأرض التي تمر فيها كل جنائز العراقيين لتلقي التحية والسلام على مشرِّفيها قبل أن توارى الثرى في الغري الطاهر … كربلاء قبلة كل الأحرار وشرارة كل الثورات والانتفاضات العراقية التي تفجرت على مدى التأريخ ،بل تعدى تأثير الحس الكربلائي حدود العراق ليكون المحفِّزَ الرئيس للثورات الشعبية في كثير من البلدان الإسلامية .
يعيش في العراق وبين جنبات المسلمين العراقيين الصابئةُ المندائيون ،الذين يُعَدّون أقدمَ طائفة دينية تعيش في بلاد مابين النهرين ،وهم ،كما هو حال العراقيين كلهم،حملوا الفكر الحسيني وتواصلوا مع حركة الثورة التي أطلقها الحسين بن علي عليهما السلام، وتشير المصادر التاريخية بأن علاقة الصابئة بالحسين لم تكن وليدة اليوم ،بل كان لأجدادهم حضور في ثورة المختار الثقفي الذي تُعَدُّ ثورتُه أولَ حركةٍ جماهيرية انطلقت على هديِ ثورة الحسين (ع).
وتعيش في العراق طائفة كبيرة من المسيحيين الذين يدينون لله بالديانة النصرانية، وقد انتشر تواجدهم من البصرة جنوباً إلى زاخو في أقصى الشمال العراقي،وكان لحضور هذه الطائفة الكبيرة في المراسم العزائية التي يقيمها العراقيون للإمام الحسين (ع) مما لا يمكن نكرانه والتغافل عنه، وقد سجل لنا المؤرخون عن حقيقة تواجد هذه الطائفة ممثلة بجون النصراني الذي اختلطت دماؤه الطاهرة مع دماء الحسين وآل بيته الأطهار في طف كربلاء المقدسة، عندما اختار الصحابي جون طريق الحسين إعلاءً لكلمة الحق التي أطلقها سيد الأحرار في وجه طغاة بني أمية.
هذه الكلمة الطيبة التي يعتز المسيحيون اليوم بأن يكونوا جزءاً من المجتمع العراقي الذي يفخر بالإنتصار لها والإصرار على إحيائها كل عام ، ولم يكتفِ الحسينيون من المسيحيين والصابئة بمجرد الانضمام إلى مواكب المعزين، بل إنهم أسسوا مواكب للعزاء خاصة بهم، تنطلق مراسمها أسوة بمراسم العزاء للمواكب الحسينية الإسلامية .
ولا يمكننا التغافل عن الشريحة الكبيرة التي تُعَدُّ الجزءَ المكمل لجناحي العراق الإسلاميين، واعني أتباع المذاهب الأربعة المالكية والحنفية والشافعية وكذلك الحنبلية ،الذين لم يكونوا يوما من الأيام بعيدين عن مراسم عزاء الحسين والبكاء على الحسين ، فلا يمكن لزائر بغداد أن يميز بين أحياء الشيعة والأحياء التي يقطنها السنة أيام شهر محرم الحرام ،فكل بغداد تتّشح بالسواد، وكل بيوتاتها ترفع رايات الحسين معلنة الانتصار له والاستجابة لكلمة الحق التي أطلقها ولصرخة الثورة التي أصبحت شعار كل الثوار في العالم.
ليجرب زائر العراق أن ينتقل إلى مدينة السليمانية أو اربيل في ثلث العراق الأشم ليرى بأم عينيه كيف هو تفاعل الكرد مع الثورة الحسينية وكيف أن للحسين مواقع لعزائه فوق جبال كردستان التي لم تغب عنها مراسم العزاء عندما منعت في مدن العراق الأخرى أيام الظلم البعثي ونظامه الدموي …
فالكرد كما كل العراق يعيشون أحزان عاشوراء ويفخرون بالانتصار للحسين وثورته الخالدة .أليس الكرد والمسيحيون والصابئة والسنة والشيعة هم ألوان الطيف العراقي الجميل …؟أليس هؤلاء هم ملامح وجه العراق …؟
فإذا كانوا جميعاً يحملون مشعل الإنتصار للحسين والإستجابة إلى صرخته العظيمة وهم جميعاً يشتركون بإقامة مراسم العزاء له عليه السلام في كل عام … إذن فليذهب الرافض لهذا العزاء إلى الجحيم وليبحث له عن بلد آخر …
فعراقنا حسيني ولا يمكن أن يكون شيئاً آخر .من هنا أطالب الحكومة العراقية أن تنكس الأعلام رسمياً للتعبير عن الحزن في العراق من الأول من محرم الحرام إلى العشرين من صفر من كل عام، لتكون كل مؤسسات الدولة ملزمة بالتأدب بآداب العزاء للحسين (ع) بما فيها المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية عسى أن يكون ذلك رادعاً قانونياً لقناة دجلة الكربولية وغيرها من الفضائيات التي تتعمد استفزاز العراقيين بإقدامها على بث الغناء وأهازيج الفرح في ليلة عاشوراء بالرغم من أن العراقيين جميعاً يمتنعون عن إظهار مراسم الفرح في هذا الشهر الحزين ، فلا نحسب لهذا التصرف المؤلم الذي أقدمت عليه قناة دجلة الكربولية إلا نابعاً من المعين الأموي نفسه الذي دعا المجرم المقبور عدي صدام بتنظيم حفلات الغناء والمجون في يوم عاشوراء إمعانا منه في إذلال الشعب العراقي والتجاوز على ثوابته الدينية والفكرية .
ارجو من الأخوة الإعلاميين وكافة المؤسسات الإعلامية المرئية والمقروءة أن تتضامن مع هذا المطلب الجماهيري الذي حتماً سيكون سبباً لتوحّد العراقيين جميعاً تحت لواء الثورة الحسينية الخالدة .