الجمعة - 29 مارس 2024

ومضات على قانون الانتخابات الجديد المصوت عليه/ الومضة الاخيرة

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


د. تحسين العطار||

ان اختيار النظام الانتخابي المناسب الذي يجسد مبادئ العدل والمساواة والتمثيل الحقيقي بما يتوافق ورغبة الناخب وتطلعاته في احداث التغيير والتصحيح في المسار السياسي، يعتبر أحد وسائل تحقيق الديمقراطية كونه يحقق العدل والمشروعية من الناحية النظرية، لكنه يبقى غير قادر على تأمين عملية انتخابية نزيهة وشفافة ما لم تكن هناك مفوضية عليا للانتخابات مؤهلة تعمل بموازين الحيادية والاستقلالية، وسلطة تنفيذية تؤمّن بيئة مناسبة لاجراء العملية الانتخابية لا ان تستخدم صلاحياتها ونفوذها في الحيلولة دون احداث التغييرالمرتقب بعد كل دورة انتخابية.
تواجه العملية الانتخابية القادمة تحديات صعبة لكنها قابلة للحل متعلقة بقانون الانتخابات بذاته والذي يعد لحد الان غير مكتمل ويعاني من نقص جوهري بسبب عدم حسم موضوع الدوائرالانتخابية، لذا يعتبره بعض فقهاء القانون انه مازال مشروع قانون ما لم تكمل اللجنة القانونية ملحق الجداول للدوائر الانتخابية ومن ثم تعرضه على مجلس النواب للتصويت عليه وارساله الى رئيس الجمهورية لاجل المصادقة ونشره في جريدة الوقائع العراقية وحينها يعتبرالقانون قد دخل حيز التنفيذ وبامكان المفوضية العمل به بعد ان يصلها بشكل رسمي.
فيما ستواجه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعض الصعوبات في تنفيذ بعض مواد القانون عمليا والتي بحاجة الى مراجعة لرفع الاشكالات، لذا يستوجب على المفوضية تشكيل لجنة خاصة لتحديد تلك المواد القانونية ورفعها الى مجلس النواب لمعالجتها، ومنها ماجاء في الفصل الثالث (حق الترشيح) في خامسا من المادة /8 (ان يكون من أبناء المحافظة أومقيما فيها)، حيث لم يحدد المشرع مدة الاقامة وشروطها، وبذلك جعل الباب مفتوحا للتأويلات، مع ملاحظة ان المفوضية جهة تنفيذية لايجوز لها الاجتهاد والتأويل في مثل تلك الموارد.
وقع المشرع باخطاء تبعث على التناقض في بنود المادة الواحدة، حيث يشير قانون الانتخابات في فصله الخامس / النظام الانتخابي، المادة (16) أولا: (تكون نسبة تمثيل النساء بما لا يقل عن 25% من عدد اعضاء مجلس النواب)، وهي اشارة صريحة الى امكانية ان يكون التمثيل النسبي للمرأة في مجلس النواب بنسبة تزيد على 25% ويتحقق من خلال امكانية فوز نساء باصواتهن دون الحاجة الى الكوتا النسوية او الحاجة الى تطبيق المعادلة الرياضية التي جاء بها القانون، فيما تشير نفس المادة في رابعا الى: (اذا استنفذت الكوتا النسوية وفقاً لنتائج الانتخابات في المحافظة فلن تكون هناك عملية استبدال)، ويتضح لنا ان المادة 16 أولا أعطت الزيادة في التمثيل النسوي وتستردها نفس المادة في رابعا.
المال السياسي أداة شديدة التأثير على ارادة الناخبين وقناعاتهم وتكون أكثر فتكا وفاعلية في المجتمعات الفقيرة والمهمشة، ويعتبر أحد الادوات غير الشرعية المساعدة في الفوز بالانتخابات خصوصا اذا اجتمعت معها شهوة حب السلطة، لذا لابد من احكام المال السياسي في تشريعات قوانين الانتخابات من أجل تحقيق النزاهة في العملية الانتخابية، لا أن يفتح قانون الانتخابات أبواب خزائن الاحزاب على مصراعيها لتمويل حملاتهم الدعائية الهادفة الى تغيير قناعات الناخبين وشراء اصواتهم، ومصداق ذلك ماتضمنته المادة 29 من الفصل السابع / الدعاية الانتخابية (يحظر الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام أو من موازنة الوزارات أو أموال الوقف أو من أموال الدعم الخارجي)، وبذلك اتيحت للاحزاب السياسية والكيانات استخدام أموالها دون أي سقف يحدد حجم الانفاق.
وكان الاجدر بالمشرع أن يحدد لكل مرشح حجم الاموال المسموح بها للانفاق على الدعاية الانتخابية ويضع احكام رادعة وعقوبات لمن يتجاوزعلى المال العام أو يتجاوز حدود سقف الانفاق الانتخابي.
وسيبقى نجاح العملية الانتخابية القادمة رهن المزاج السياسي وامكانية التوصل الى تحديد حجم الدائرة الانتخابية وتأمين الموازنة المالية المطلوبة ومدى جاهزية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.