الجمعة - 29 مارس 2024

القيم والاخلاق..الدرس المفقود

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


أياد خضير العكيلي||

شدني وأثارني تساؤل كبير اوأنا أتطلع يوم أمس الى العرض الذي قدم من قبل وزير التربية المصري أمام الرئيس السيسي حول المنظومة والمنهاج التعليمي الذي وضع من قبل وزارته ، حيث بين الوزير أنهم غيروا المناهج التعليمية ووضعوها بما يتلائم والعصر الحديث وتطور التكنلوجيا الذي يعيشه العالم اليوم مع الاخذ بنظر الاعتبار وجود جائحة كورونا .
وشدد الوزير على أنهم أستحدثوا مادة جديدة ستدرس من المرحلة الثالثة أبتدائي وهي مادة ( القيم والاخلاق ) وعزا الوزير أستحداث هذه المادة لحاجة المجتمع المصري الماسة لها في الوقت الحالي بعد أن تغيرت الكثير من المفاهيم القيمية والاخلاقية لمجتمعهم نتيجة الظروف السيئة التي مر بها المجتمع المصري خلال الخمسين عاماً الماضية من ( جوع وفقر وأنحلال وتعاطي مخدرات وأنتشار الجريمة.. الخ ) .
لذا قرروا أن يتداركوا هذا الامر من خلال تحديث المناهج التعليمية وأضافة مادة( القيم والاخلاق) .
والسؤال هنا هل نحن اليوم كمجتمع نمر بظروف أفضل من المجتمع المصري أم العكس ، الجواب هو كلا فالظروف السيئة جداً التي مر ويمر بها المجتمع العراقي خلال الخمسين عاما الماضية إن لم نقل أكثر أصعب بكثير من المجتمع المصري نتيجة الحروب المتكررة التي خاضها العراق مع دول الجوار والحصار ثم الاحتلال والحرب الاهلية والفساد سببت دمارا ً هائلاً في البنية التحتية للبلد وكذلك للبنية المجتمعية كما كانت سببا ً كبيراً ورئيسياً في ضرب المنظومة الاخلاقية والتربوية للمجتمع العراقي المحافظ وصاحب القيم العالية فيما مضى ، وأنتشرت المفاهيم المغلوطة والمتطرفة والمنحرفة فيه وخصوصا لدى الشباب الذين يمثلون ٦٣ % من سكان العراق ، وأنتشر الفقر والجوع والتخلف وأزدادت نسب الامية بشكل مروع وأنتشرت الجريمة والجريمة المنظمة وتعاطي المخدرات بشكل غير مسبوق وخصوصا في السنوات الاخيرة إضافة الى ضعف الشعور والانتماء للوطن .
كل هذا وغيره الكثير تسبب في تفتت وأنحلال المجتمع العراقي بشكل كبير وفقد هذا المجتمع العديد من قيمه وأخلاقه وأصالته الذي كان مشهوراً بهم سابقاً .
لهذا نقول أليس نحن اليوم أولى وأحوج مايكون إلى إستحداث مواد في التربية والتعليم تعنى بالقيم والاخلاق ولانقول مادة واحدة فقط كما يجب أن نبتديء بها من المرحلة التمهيدية وليس من المرحلة الثالثة أبتدائي ونبدأ بتعليم أولادنا القيم والاخلاق وحب الوطن ومعنى الانتماء له قبل كل شيء .
وهذا مارأيناه في تركيا إذ يعلمون أولادهم كل هذا في المراحل الاولى من التعليم حتى قبل أن يعلموهم أبجديات التعليم أو القراءة والكتابة ،
بل أليس نحن أولى وأجدر أن ننشأ مدارس خاصة تدرس فيها القيم والاخلاق كما في دول أخرى كاليابان مثلاً والمشهورة بوجود أكثر من ٧٠٠ مدرسة تدرس الاخلاق فيها فقط ولمختلف المراحل .
ثم أليس نحن اليوم أولى من كل هؤلاء بوضع مناهج تربوية وأخلاقية لاولادنا وإعادة أحياء ذلك التراث العظيم وغرس وتعزيز المفاهيم والقيم الاخلاقية الصحيحة والسليمة في نفوسهم قبل أن ينتهي كل شيء ويصبح مجتمعنا في خبر كان .
فماالفائدة من تعليم الاولاد القراءة والكتابة دون ذلك كله ؟ يقيناً إنه لن ينفع بتاتاً ، فأنما الامم الاخلاق مابقيت فأن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .
وأخيراً هل يمكن أن نرى اليوم ثورة إصلاحية مجتمعية حقيقية في التربية والتعليم من خلال مناهج تربوية وقيمية وأخلاقية وتعليمية ، أم ياترى سنستمر في نفس المستوى من الانحدار القيمي والاخلاقي والتعليمي ..!؟