الجمعة - 29 مارس 2024

فن اتخاذ القرارات

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


أسعد تركي سواري||

يمثل عمل المدير مجموعة مستمرة من اتخاذ القرارات في شتى المجالات. والتي تغطي جوانب أنشطة العمل، وجوانب الموارد البشرية، والجوانب المالية، كما أنها تغطي مجالات زمنية يومية (أي قصيرة الأجل) وقد تمتد حتى تشمل سنوات طويلة (طويلة الأجل). كما أنها تغطي مجالات كثيرة في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
ماهية اتخاذ القرارات:
يواجه المديرون مشاكل دائمة وعليه أن يجدوا الحل الأمثل لها، وسواء كانت هذه المشاكل تؤثر في أداء المنظمة كلها أم على أداء عامل صغيرة، فإنه يجب القول بأن اتخاذ قرار سليم حيالها يمكن أن يؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على كفاءة المنظمة. والمديرون مع اختلاف مستوياتهم الإدارية يواجهون جميعاً مشاكل وعليهم أن يتعلموا مهارات اتخاذ القرارات. ونحن نقول أن يتعلموا لأن اتخاذ القرار ليس فناً شخصياً فقط، بل إنه فقط مجموعة من القواعد والإجراءات والخطوات، التي لو تعلمها الفرد لأمكن أن يحسن من اتخاذه للقرارات وأن يطور مهاراته الإدارية.
واتخاذ القرار لا يعتبر تصرفاً وحيداً بل هو عبارة عن مجموعة من التصرفات المتتابعة التي يمر بها الفرد لكي يحل مشكلة ما. وبالتالي يمكن القول بأنها عملية ذات مشكلة، وبالتدقيق والفحص يحاول المدير أن يحدد ويعرف هذه المشكلة، وبالتعرف على المشكلة يسعى المدير لتطوير أسليب حل بديلة أو أنه يبحث عن بدائل الحلول، يلي ذلك محاولة وزن هذه البدائل من خلال تعرف المدير على انسب بديل، وبتطبيق البديل المناسب ومتابعة هذا التطبيق يستطيع المدير أن يحل المشكلة.
توضح الفقرة السابقة إن عملية اتخاذ القرار هي “اختيار انسب بديل لحل مشكلة معينة”.
أهمية اتخاذ القرارات:
لا يمكن أداء نشاط ما لم يتخذ بصدده قرار، فاتخاذ القرارات هي أساس عمل المدير، والتي يمكن من خلالها إنجاز كل انشطة المنظمة، وتحديد مستقبلها، ولا يمكن أداء أي وظيفة بالمنظمة، أو أداء أي وظيفة إدارية (كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة) ما لم يصدر بصددها قرار يحدد من يقوم بها، ومتى، وأين، ومع من، وبأي تكلفة، وغير ذلك.
1- اتخاذ القرارات عملية مستمرة:
يمارس الإنسان اتخاذ القرارات طوال حياته اليومية. فمنذ قيامه من نومه يقرر ماذا يأكل؟ وماذا يلبس؟ وإلى أين يذهب؟ وما هي وسيلة الانتقال التي سوف يستخدمها؟ وما هو الطريق الذي يسلكه؟ وهكذا، إلى أن يقرر الذهاب إلى النوم. ومن وقت لآخر يواجه الإنسان بقرارات مصيرية وحاسمة فعند حصوله على الثانوية العامة – يقرر هل يتجه للعمل؟ أو يقرر الالتحاق بالجامعة؟ وعندما يقرر الالتحاق بالجامعة عليه أن يختار الكلية التي يدرس فيها، وبعد التخرج يقرر مجال العمل الذي يسعمل فيه طيلة حياته.
وإذا كان هذا هو موقف الإنسان العادي فإن مجال العمل في المنظمات ما هو إلا مجموعة مستمرة ومتنوعة من القرارات الإدارية في متخلف المجالات كالإنتاج والتسويق والتنظيم والأفراد، ونحوها.
2- اتخاذ القرارات أداة المدير في عمله:
لكل ذي مهنة أداته التي يستخدمها في عمله، فالنجار أداته المناشر، والكتاب أداته القلم، والجندي أداته البندقية.
وهنا نسأل ما هي أداة المدير في عمله اليومي؟ إن اتخاذ القرارات هي أداة المدير في عمله اليومي، إن اتخاذ القرارات هي أداة المدير التي بواسطتها يمارس العمل الإداري حيث يقرر ما يجب عمله؟ ومن يقوم به؟ ومتى يتم القيام به؟ وأين يتم القيام به؟ وهكذا كلما ارتفعت قدرات المدير في اتخاذ القرارات كلما ارتفع مستوى أدائه الإداري.
3- القرارات الإستراتيجية تحدد مستقبل المنظمة:
ترتبط القرارات بالمدى الطويل في المستقبل. ومثل هذه القرارات يكون لها تأثير كبير على نجاح المنظمة أو فشلها، فلا شك أن قرار شركات السيارات اليابانية بإنتاج السيارة الصغيرة، منذ أمد بعيد، مكن هذه الشركات من النجاح في إنتاج السيارات الصغيرة، وصعوبة وعدم مقدرة الشركات الأمريكية منافستها. كما أن فشل شركة IBM في اتخاذ قرارات فعالة في مواجهة إنتاج الشركات المنافسة لأجهزة الكمبيوتر الشخصي بتكلفة منخفضة، أدى إلى فقدان الشركة لمركز الصدارة في سوق الكمبيوتر الشخصي واصبحت مهددة بترك هذا السوق، وهذا الحال ينطبق تماماً على الأمم والشعوب، حيث تلعب القرارات الاستراتيجية دوراً مهماً في مصيرها ومكانتها بين دول العالم.
4- اتخاذ القرارات جوهر العملية الإدارية:
يرى البعض أن اتخاذ القرارات هو جوهر وظيفة التخطيط نظراً لأن عديد من نشاط وظيفة التخطيط ينطوي على سلسلة القرارات، ولكننا نرى أن اتخاذ القرارات ليس جوهر وظيفة التخطيط وحدها، ولكنه أساس وجوهر كل الوظائف الإدارية الأخرى من تنظيم وتوجيه ورقابة، لأن كلا من هذه الوظائف تنطوي على مجموعة من القرارات الإدارية الحاسمة كما سيتضح ذلك من الدراسة التفصيلية لهذه الوظائف.
5- اتخاذ القرارات أساس لإدارة وظائف المنظمة:
إن الدور الإداري في وظائف المنظمة يحتوي على مجموعة من القرارات الخاصة بإدارة الجوانب المختلفة لهذه الوظائف.
إن وظيفة الإنتاج تنطوي على مجموعة من القرارات الخاصة بتحديد ماذا تنتج. وما هو الحجم الأنسب للإنتاج؟ وما هي فترة الخطة الإنتاجية؟ ومن المسؤول عن الإنتاج في فترة زمنية معينة؟ ونحوها. كذلك فإن نشاط التسويق به عدد من القرارات الخاصة بتخطيط السوق والتسعير والترويج ونحوها. وبالنسبة لوظيفة الأفراد، فإنها تتضمن عديد من القرارات المهمة الخاصة بتعيين الأفراد وترقياتهم وتنقلاتهم وإنهاء خدماتهم وغيرها.
وبالنسبة لوظيفة التمويل فإن هناك قرارات عديدة مثل، تحديد حجم رأس المال ومصادر الحصول عليه من داخل المنظمة أو من خارجها، وكذا القرارات الخاصة بإدارة رأس المال واستخداماته في المنطقة.
والواقع أن اتخاذ القرارات يعتبر أساس لجميع وظائف الإدارة وكذلك وظائف المنظمة حيث إن إدارة وظائف المنظمة إنما تعتمد على اتخاذ القرارات المرتبطة بإدارة الجوانب المختلفة لوظائف المنظمة.
خصائص عملية اتخاذ القرارات
بناء على ما سبق يتبين أن عملية اتخاذ القرارات تتسم بخصائص معينة أهمها ما يلي:
1- أنها عملية ذهنية، فهي نشاط فكري يعتمد على اتباع المنطق والتفكير المنهجي الصحيح.
2- أنها عملية إجرائية، فعلى الرغم من أن عملية الاختيار هي جوهر اتخاذ القرارات إلا أن هناك عدد من الخطوات التفصيلية التي تسبقها مثل تحديد وتعريف المشكلة أو التي تأتي بعدها مثل وضع القرار موضع التنفيذ.
3- أن تعدد البدائل هو أساس عملية اتخاذ القرارات، فحينما لا يوجد إلا حل واحد لمشكلة معينة فلن يكون هناك اختيار ومن ثم لا يكون هناك اتخاذ قرار، وإنما يكون الأمر إجباراً على أمر معين.
4- إن اختيار البدائل لا يتم عشوائياً، وإنما يكون وفق أسس ومعايير تؤدي إلى اختيار انسب بديل.
5- أننا لا نختار البديل الأمثل، لأن المثالية أمر بعيد المنال في عالم الواقع، وربما لا يناسب الظروف التي يتخذ خلالها القرار ولذلك فإن الاختيار بتوجه إلى البديل الأنسب، والذي يتناسب مع الظروف المؤثرة في اتخاذ القرار. فعلى سبيل المثال قد يكون اختيار أساليب إنتاج نصف آلية بديلاً مناسباً للدول النامية في بعض الصناعات بدلاً من الأساليب الكاملة الميكانيكية.
6- إن عملية اتخاذ القرارات مرتبط بالمستقبل، فنحن نتخذ القرارات في الوقت الحاضر، ولكن تنفيذ القرار وآثاره ستكون في المستقبل. وهذه الخاصية تؤدي إلى صعوبة عملية اتخاذ القرارات لأنها تعتمد على التنبؤ بالمستقبل، فضلاً عن التغير وعدم الاستقرار في العوامل المؤثرة فيه.