الجمعة - 29 مارس 2024

الفيليون والعمل السياسي الحزبي..الواقع وظروف البدايات..!

منذ 5 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024

طيب العراقي

لعل واحد من الميزات التي يمتاز بها الفيليين قبل عام 2003،  أنهم لم يؤسسوا أحزابهم السياسية الخاصة بهم؛ على أساس مكوناتي او قومي، كما فعلت ذلك باقي القوميات والمكونات العراقية، فالعرب العراقيين أسسوا أحزابا قومية عديدة، كحركة القوميين العرب، والأشتراكيين العرب، وحزب البعث العربي الأشتراكي، كما أسس التركمان عديدا من الأحزاب والحركات الخاصة بهم، فيما جميع الأحزاب الناشطة في كردستان العراق، كان التوجه القومي حاظرا في تشكلها، وبضمنها الحزب الشيوعي الكوردستاني، الذي لم يرتبط بالحزب الشيوعي العراقي.

يقف وراء هذا الواقع أسباب عديدة بعضها موضوعي، وبعضها الآخر بنيوي، موضوعيا؛  فإن مستوى مشاعر الأنتماء الوطني لدى الفيليين كان وما يزال مرتفعا، إذ لم يفكر الفيليين بأوضاعهم خارج الأطار الوطني، ولطالما نظروا الى مصالحهم الخاصة المشروعة كمكون عراقي، من خلال مصلحة العراق والعراقيين،.

بنيويا؛ فإن تماهي الفيليين مع باقي المكونات، وعمق تأثرهم وتأثيرهم بسائر العراقيين، وإندكاكهم بالهم الوطني، فضلا عن إمساكهم بالحلقات الأقتصادية الأهم في العراق، كانت عوامل دفعت باففيليين، الى ان تتوزع إهتماماتهم السياسية على الأحزاب العراقية بمختلف توجهاتها، القومية والوطنية والدينية، كما أن خيرة النخب الفيلية من السياسيين، اختارت العمل مع الأحزاب السياسية العراقية والكوردستانية، لاعتبارات كثيرة؛ يأتي في مقدمتها المشاعر العميقة لدى الفيليين، ولاسيما البغداديين منهم بكونهم جزءاً من الشعب العراقي، واندماج الفيليين في بغداد وفي محافظات الوسط والجنوب، بالمجتمع العراقي العربي.

راهنا؛ فإن ظاهرة تشكيل منظمات ومؤسسات وأحزاب سياسية فيلية في داخل العراق وخارجه، حدث استجد في أوساط الفيليين في السنوات الأخيرة، أي قبيل سقوط النظام الدكتاتوري في العراق بقليل، وأتضحت الصورة بشكل أكثر وضوحا بعد السقوط، وعلى ذلك فهي ظاهرة ليست متجذرة في الواقع الفيلي،؛ إي لم تأت في سياق نمو الوعي السياسي للنخب الفيلية في العراق قبل التهجير، كما أنها لم تلد في صلب معاناة الفيليين، في منافي البلدان القريبة والبعيدة بعد الهجرة والتهجير.

كما يعزى فشل الفيليين في تشكيل أحزاب سياسية قوية تمثلهم، إلى افتقار معظم النخب الفيلية في الداخل والخارج، إلى رصيد فكري وإلى تجارب عملية ملموسة؛ في العمل السياسي على صعيد المكون الفيلي، إذ أن جميع المؤسسات والجمعيات التي أنشأها الفيليون؛ منذ أربعينات القرن الماضي حتى بداية عام 2003،  إنما تندرج ضمن المؤسسات الخيرية والأنسانية والمنظمات ذات النفع العام، أي ما يطلق عليه الآن بمنظمات المجتمع المدني، التي لا ترقى إلى مستوى الأحزاب السياسية.

راهنا ايضا، فإن هناك صعوبة بالحديث عن عن مكاسب جوهرية، حققتها الأحزاب والتنظيمات الفيلية، على اختلاف توجهتاتها، وتتسم أوضاعها بالغموض والمطلبية؛ بل والسطحية في أحيان كثيرة، وجميعها وبلا إستثناء؛ لم تلامس الأهداف الأستراتيجية التي يجب أن تصل لها الأمة الفيلية.

 لم تبلور القوى السياسية الفيلية؛ سياسات ناجحة في تعبئة الرأي العام الفيلي، ولم تستطع تعبئة الشباب بشكل خاص، بل في واقع الأمر تعاني تلك القوى، وبدرجات متفاوتة من عزلة واضحة عن جمهور الفيليين، فضلاعن إفتقارها الى برامج محددة المعالم؛ تشكل مناهجا يعتد بها للعمل السياسي الفيلي.