الخميس - 18 ابريل 2024
منذ 3 سنوات
الخميس - 18 ابريل 2024


د.حميد مسلم الطرفي ||

هدأت وتيرة الاحتجاجات ؛ لأن الاحتجاج يعني الرفض لواقعٍ ما ، مصحوب بحجة وبرهان على صحة ما نرفضه ، والاحتجاجات كان مطلبها الرئيسي تغيير الحكومة وقد تحقق اذ كيف يكون الاحتجاج على حكومة أنتجها الاحتجاج ! ! ؟؟ هدأت وتيرة الاحتجاجات لان قطاعاً مهماً من المشاركين فيها كان من الجهات الحاكمة في البلد وكان وجودهم فيها من اجل ضبط ايقاعها -إذا أحسنا النية – وإلاّ فمن أجل ركوبها لتحقيق مكاسب سياسية على الصعيد الجماهيري ( الكسب الشعبي) وحكومية ( تحصيل المزيد من المناصب) ، هدأت الاحتجاجات لأن سنة الله في البشر أنهم يغضبون ثم يهدأون ويثورون ثم يخمدون ، ويركضون ثم يستريحون ، فأول السيل يجرف ثم يتلاشى ويجف ، هدأت الاحتجاجات لأن الشعوب تثور بالعقل الجمعي أو قل بالمد الجمعي فلا روية ولا تفكر ، ولاتعقل ولا تدبر ، لحظة يصرخ الموجّه هنا الخطر فيصيح الجمع هنا الخطر ، ولكن حين يصرخ الموجه بصوتٍ عالٍ قفوا ، ويهدأ الغضب تُعاد الصور ، وتُراجَع المواقف ، فيُبحَث في الجذور ، وينكشف المستور ، وتُثار الشكوك ، ويُميّزُ بين الصالح والطالح ، فتتغير القناعات ، وتتهاوى بعض القيادات ، وكل ذلك قد يُحبِط البعض فينزوي بعيداً أو يرتد عما كان عليه مقاوماً عنيداً . هدأت الاحتجاجات لأن الكثير ممن شارك فيها اكتشف ولو بعد حين أن البلاد التي يُخرق سورها ( حدودها ) ويضعف نظامها وقبضةُ سلطتها تماماً كالجسد الذي ينسلخ جلده فتعبث فيه كل مكروبات الدنيا حتى تسممه ، مخابرات الدول تتحين الفرص ، وتراقب وتتربص ، تنتظر أن يكون العراق أكلة يسهل ابتلاعها ، أو غنيمة يتوزعها الطامعون . هدأت الاحتجاجات لأن جزءً من التعبئة لها كانت تتم عبر الحدود لأجندات ربما ارتأت التأجيل في الوقت الحاضر لدواع نعلم بعضها ولا نعلم البعض الآخر ، فأوقفت ماكنتها الإعلامية وتنصلت عن صفحاتها المؤجّجة ، وقد يكون إلى حين ريثما تنجلي الغبرة ويتحدد الرابح من الخاسر في النزال . نعم هدأت الاحتجاجات ولكن السبب الرئيسي في اندلاعها لازال موجوداً ، وإذا أردناها أن تنتهي وليس تهدأ فعلى الحكومة أن تعمل وبجد للقضاء على اسبابها ، أن تعمل بجد لمحاسبة المفسدين وأن تُفَعِّل الرقابة على الإنفاق ، تعمل بجد لتقديم الخدمات لمواطنيها، تعمل بجد في جعل كل منافذها الحدودية تحت السيطرة ، تعمل بجد لتحقيق العدالة في توزيع ثروات البلاد وفي إقامة علاقة متوازنة في الاقليم والعالم ، وأن تغلب مصلحة الشعب على مصالح افرادها وأن تبسط هيبة الدولة وسيادة القانون على كل اقليمها شرقاً وغرباً ، جنوباً وشمالاً ، حين ذاك ستنتهي الاحتجاجات وعبر الطريق الصحيح . حمى الله العراق وأهله .