الخميس - 28 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


نعمه العبادي||

بمناسبة يوم اللغة العربية، إذ تم ادراجها كلغة عالمية في الامم المتحدة عام 1973، أجد من المناسب بسط الحديث عن بعض الشؤون المهمة المتعلقة بلغتنا المتميزة.
مما لا شك فيه، ان احد اهم علامات حياة اللغة وحيويتها، قدرتها المستمرة على الاستجابة الى التطورات والمستحدثات التي تمر بها، وتوافرها على امكانية توليد الالفاظ الجديدة للتعبير عن المعاني المستحدثة، كما ان المهم هو تناسبها من حيث الاستخدام مع الطبيعة التي يتطور او يتحول إليها المجتمع.
لغتنا العربية كغيرها من اللغات، تتعرض الى اضرار كبيرة في اطار صعود البدائل الرمزية، والاصطلاحات العابرة والهجينة، فضلاً عن العزوف شبه التام عن استخدام اللغة الاصلية، والتماهي في اشكال ونماذج من اللهجات التي قد يصل البعد في بعضها حد الاغتراب الكامل عن اللغة الام.
مع تطور الحياة، وتوسع مجالات استخدام اللغة خصوصاً في الاعلام، وتطور المعارف المتعلقة بالخطاب وشؤونه، والبحث في مجالات معرفية عابرة بين اللغة وحقول اخرى، اصبح الاشتغال في مجال الدلالة والرمز والمضمون والاستعارة والعلاقة بين الصورة والصوت والجانب النفسي في اللغة وغيرها من الموضوعات غير المقتصرة على درس اللغة العربية التقليدي، بل هناك علم اجتماع اللغة وعلم نفس اللغة وحتى اقتصاد اللغة، فضلا عن علاقة اللغة بالفضاء السياسي العام.
اعتدنا في حياتنا الدراسية التقليدية، ان نتعلم الحروف العربية وطريقة كتابتها ونطقها، ثم نتدرج في دراسة القواعد الضابطة للغة، مع درس الانشاء المتواضع، الذي يساهم في تطوير القدرة على الكتابة، وفي احسن الاحوال، فإن دروس اللغة تقتصر على النحو اي القواعد الضابطة، والصرف وهو المتعلق بالبحث في جذور الكلمات واشتقاقاتها الصرفية، وبعض البلاغة المتعلق بالشكل المناسب لاخراج الكلام وكيفية تحسينه، واما ما تم ذكره من علم نفس اللغة والاجتماع واللغة والتواصل وغيرها من الموضوعات، فهي غائبة كلياً عن كل المراحل الدراسية الى نهاية المرحلة الاعدادية، وتظهر بشكل خجول في فروع معرفية على مستوى الجامعة.
ان درس اللغة الجامد وغير الجذاب ساهم في ضعف كبير في معرفتها، ويتعاظم هذا الضعف كلما تقدم بنا الزمن، فالخلل مخجل على مستوى الاملاء، والتعبير في الحدود البسيطة، كما ان الابقاء على الحدود التقليدية من درس اللغة، يعاظم الجهل بشأنها، لذا، آن الاوان، ان يتم ادخال هذه المعارف على شكل جرعات متدرجة في كل المعارف، وان يعاد النظر في درس اللغة كلياً.