الخميس - 28 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


أحمد عبد السادة ||

ما أن تعلن موقفاً أخلاقياً متضامناً مع إيران أو “أنصار الله” أو “حــــزب اللــــه” ضد مخططات واستفزازات وتهديدات وحــروب ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد حتى ينبري لك دعاة “الحياد” بالاعتراض وبترديد عبارات ببغاوية لئيمـــة وغير واقعية تبناها وروج لها بعض القادة السياسيين العراقيين، وتدور هذه العبارات حول فكرة أن العراق يجب أن لا يزج نفسه في صراعات المنطقة وأنه يجب أن يبتعد عن “سياسة المحاور”!!
دعاة “الحياد” هؤلاء يتكلمون عن الابتعاد عن سياسة المحاور وجغرافيات الصراع وكأن العراق جزيرة معزولة عن ما يحدث في المنطقة من صراعات واستقطابات حادة، أو كأن موقع العراق الجغرافي يقع بجوار فنلندا أو الدنمارك وليس في وسط فرن الشرق الأوسط الملتهب، متناسين بأن تنظيــم داعــش الإرهــــابي المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً وتركياً وسعودياً وقطرياً عندما اجتاح الأراضي العراقية ووصل إلى حدود بغداد وضعنا تلقائياً مع محور مناهض ومحارب للإرهــــاب التكفيـــري وداعميه وهو (محـــور المقاومـــة) الذي اصطف معنا لمكافحة وبـــاء داعـــــش.
لم يكن لدينا خيار آنذاك سوى الانضمام لمحور المقاومــة – وهو انضمام مشرف – للدفاع عن وجودنا، في وقت كان فيه دعاة “الحياد” يحتضنون وسائد الجبــن والهلع أو يحتسون قهوة اللامبالاة الباردة أو يمضغون علكة الخيانـــة والتواطؤ مع العــدو بحجة “الابتعاد عن سياسة المحاور”!!
دعاة وقادة وساسة “الابتعاد عن سياسة المحاور” في العراق يشبهون تماماً دعاة وقادة وساسة “النأي بالنفس” في لبنان، فكلهم يتسترون خلف قنـــاع “الحياد” لتبرير خيانتهــم لبلدهم وشعبهم ولإخفاء تعاونهـم مع العــدو وللظهور بمظهر “الوطنيين المستقلين”، في حين أنهم مجرد أدوات وبيادق بيد محمد بن سلمان ومحمد بن زايد اللذين هما بالنهاية مجرد بيدقين بيد ترامب ونتنياهو.
لكل دعاة “الحياد” في العراق أقول:
الحياد لن يحمي العراق من أن يكون في قلب الاعصار، وذلك لأن العراق تم وضعه في دائرة الاستهداف أصلاً لأنه لم يقبل بأن يكون رقعة شطرنج للمخططــات الأمريكية الإسرائيلية السعودية، ولأنه لا يمكن أن يتحول إلى بندقيــــة بيد ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان ضد محـــور المقاومـــة، وقد تضاعف الاستهداف للعراق عندما أصبح يمتلك قوة ضاربـــة اسمها “الحشد الشعبي”.
لقد كنا قبل دخول داعـــــش للعراق في وضع الحياد، وتعاملنا مع ما يجري في سوريا بحيادية. ماذا جنينا من حيادنا؟ وهل منع حيادنا هذا وصول داعـــــش إلى حدود بغداد قادماً من سوريا!؟ وهل منع ذلك الحياد تحول العراق إلى هدف بعد سوريا؟!!.
يجب أن نعرف بأننا مستهدفــون كجزء من محـــور مستهــدف في المنطقة شئنا أم أبينا، وهذا المحور (محــور المقاومـــة) هو الذي اصطف معنا في مواجهة داعـــــش وصانعيها وداعميها، ولولا هذا المحور لكنا لقمة سائغــة تحت أضــراس المحور الآخر الداعم لداعش، ولهذا فإن الاصطفاف مع محــور “حليف” ضد محــور “عــدو” هو أمر ضروري للدفاع عن وجودنا والحفاظ على قوتنا.
لسنا بمعزل عن الاستهــداف ولا يمكن أن ينفعنا “الحياد” في شيء إذا تم استهــداف حليف لنا تمهيداً لاستهدافنا لاحقاً.
متى يفهم دعاة “الحياد” ذلك؟!!