الجمعة - 29 مارس 2024

البيع بلا ثمن ..من أغرب طرق الفساد في العراق

منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


عباس سرحان ||


تداول ناشطون صورة لكتاب صادر من وزارة الكهرباء، وموجه الى مكتب رئيس الوزراء يحثّه فيها على بيان موقفه النهائي من عرض تقدمت به شركة كار الكوردية لشراء محطتين لتوليد الطاقة الكهربائية في محافظة البصرة.
وللوهلة الاولى تسجل على هذا الكتاب ومضمونه جملة من الملاحظات، ومنها أن شركة كار الكوردية اقترحت على رئيس الوزراء ان تتملك محطتين لتوليد الطاقة الكهربائية في البصرة مقابل قيامها بتشييد محطة جديدة في اي مكان يتم اختياره لاحقا.
طيب، اليس من المنطقي أن تتولى شركة كار تشييد محطة جديدة لانتاج الطاقة فتسهم في حل ازمة الكهرباء في البلاد بدلا من شرائها محطتين قيد التشغيل؟!
ثم ان المحطتين عائدتان الى وزارة الكهرباء وهما من اصول الدولة فمن خول الوزارة او رئيس الوزراء عملية تمليك اصول الدولة وعلى اي قانون استندت عملية التمليك هذه، والتمليك بلا اساس قانوني يُصنّف كعملية سرقة او قرصنة على ممتلكات الدولة.
واذا تجاوزنا كل الملاحظات اعلاه وقبلنا جدلا بعملية التمليك، افليس من حق البصرة ان تقوم شركة كار بتشييد محطة جديدة داخل البصرة بدلا من اختيار موقع آخر، وأين هو هذا الموقع البديل ومن يقوم بتحديده وعلى اي اساس.
كأن الامر يبدو هكذا، تتملك شركة كار الكوردية محطتي كهرباء في البصرة، تستثمرهما في بيع الكهرباء ثم بعائداتهما تشيد محطة اخرى جديدة في مكان هي تختاره وربما يكون في اقليم كوردستان.
أما المسار المفترض الآخر لهذه القصة الغريبة، فهو ان تتملك شركة كار الكوردية محطتي توليد الكهرباء في البصرة مقابل ( وعد) بتشييد محطة جديدة وينتهي الموضوع عند هذا الحد ويتعاقب الوزراء ويتم نسيان القضية او يتم شراء سكوت المعنيين بحفنة دولارات، ولن تُبنى محطة جديدة ولاهم يحزنون.
وما يعزز هذه الرأي ان شركة كار سبق وأن حصلت على قرض مالي ضخم بقيمة 225 مليون دولار من المصرف العراقي للتجارة في عام 2014 لغرض تمويل مشروع اسمنت كركوك وبضمانات قدمتها في اقليم كوردستان.
بموجب كتاب المصرف العراقي للتجارة 1581 بتاريخ2014/7/11 اي بعد شهر من دخول داعش العراق وبينما كانت الدولة شبه منهارة ومعمل اسمنت كركوك على مرمى حجر من داعش، ولا ندري هل سددت كار هذا المبلغ ام تم نسيانه!.
الامر الغريب الاخر في عرض شركة كار انها اشترطت ان يتم تقييم قيمة محطتي توليد الطاقة في البصرة من شركة( دولية رصينة) فمن هي هذه الشركة الدولية وكيف يتم اختيارها واذا ما قامت بتقييم غير منصف كيف يمكن للقانون العراقي ملاحقتها وهي قد تكون وهمية او مجهولة المكان؟.
وما يثير الدهشة حقيقة ان شركة كار لا تدفع اي مبلغ لقاء عملية تملك محطتين كهربائيتين في البصرة انما تتعهد بالقيام ببناء محطة لتوليد الطاقة !.
غريب، يعني تتملك الشركة محطتين كهربائتين انفقت الدولة عليهما مئات الملايين من الدولارات مقابل، وعد، مجرد وعد بتشييد محطة كهرباء جديدة في مكان ما من العراق.
ان مثل هذه التسريبات تجعل الشارع العراقي وخصوصا في جنوب العراق، حيث جمهور الاحزاب والكتل السياسية الشيعية يغلي وقد ينفجر، لأن عملية البيع الصورية هذه محاطة بشكوك وشبهات واضحة لا بل هي عملية فساد يكشف عن نفسه دون حياء.
لانستبعد ان يكون احد اهداف هذا الاستخفاف بالمال العام هو توجيه ضربة الى ما تبقى من شعبية الاحزاب الشيعية في الجنوب وجعل بقايا جمهورها ينفر منها ولايستطيع الدفاع عنها، لان هذه الاحزاب كانت على الدوام محط اتهام حتى حين يقوم الاخرون بالسرقة لسبب بسيط هو انها مترددة في الدفاع عن حقوق جمهورها.
لذا فمن المهم بمكان ان تسارع الكتل الشيعية الوطنية غير المتورطة بالصفقات المشبوهة الى بيان موقفها لجمهورها من عمليات البيع هذه، وان يتولى المسؤولون المحليون في محافظة البصرة عملية التصدي لعملية التمليك غير النظيفة هذه.