الجمعة - 29 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


✍ سعود الساعدي*||

لطالما كان التوقع والاستباق والإستشراف واحدا من أهم عوامل صناعة المستقبل ومدعاة للحفاظ على الأمن والوجود وسببا لأخذ الإحتياطات اللازمة وتغيير الخطط ورسم التصورات والرؤى الوقائية.
رغم بعض الإختلافات النسبية في المشهدين العراقي واللبناني إلا أن الكثير مما يجري لبنان و كل ما يجري في العراق في أكثر من جانب يدلل وبشكل متسارع على مساع حثيثة لصناعة حالة “الهلوسة الإعلامية” عبر استثمار الفساد والفقر والبطالة والتجويع والحصار الإقتصادي بنسخته الجديدة وإرباك الأمن وضعف الخدمات وإدامة الأزمات السياسية وكل ما يساهم في خلق الواقع الوهمي التخيلي عبر إعلام احترافي بارع في توظيف الأزمات المصنوعة وصناعة الوهم والتجهيل والتسطيح والتتفيه “صناعة التفاهة” و”الغيبوبة الاعلامية”.
لدرجة بات معه احتساء الخمر أقل ضررا من تناول منتجات الإعلام الإبليسي الجديد القائم على أسس الحروب والأساليب النفسية وصناعة “ذاكرة البياض” وغسل الأدمغة وتعليب العقول بعد قصفها والتحكم بها عبر أجهزة التحكم عن بعد – الريموت كنترول – بالإستناد الى تجارب علماء متخصصين ومكتشفين بارزين من بافلوف الى كامرون وصولا الى فريدمان واضع نظرية الصدمة الإقتصادية وغيرهم وليس انتهاء بغرف المخابرات المتقدمة فائقة الإحتراف والقدرات العلمية والمالية والمتصدية للإدارة العامة للمسارح الإعلامية والإقتصادية والسياسية والثقافية التي توظف كل ما تقدم لصناعة واقع وهمي / حقيقي شبيه بألعاب الواقع الافتراضي “البلي ستيشن” لكن نتائجها الواقعية ستكون دموية!.
الكَرة ستعاد هذه المرة ويبدو ان هذا سيتم أيضا عبر تسميم الأجواء وإعادة صناعة مناخات الإتهامات المسبقة والتهديدات والضغط بعد سحب الجماهير لمنطقة “الغيبوبة” ثم “الهلوسة” ثم منطقة “القتل” عبر قناصي الثورات الملونة – وهم أداة خارجية في كل الثورات الملونة من يوغسلافيا نهاية الثمانينيات مرورا بالحريق العربي في مصر واليمن وسوريا وليس أخيرا في العراق فهم فيه أداة محلية مأجورة – ليتم صناعة مبدأ الشهيد بعد صناعة مفهوم القضية وتُنتج الدراما الاعلامية القائمة على الإثارة الدموية كما حصل مع بعض أبرياء التظاهرات السابقة او حادثة اغتيال الباحث هشام الهاشمي او ما يحصل اليوم في لبنان في حادثة الناشط لقمان سليم ليبدأ بعد ذلك مسار الإتهامات الجاهزة الموجهة للحشد الشعبي لتجريمه محليا ودوليا – التي أطلق عليها مايكل نايتس ومساعدوه مصطلح “الحرب القانونية” في آخر توصياتهم بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى والمعتمدة صهيو اميركيا بشكل كبير-.
هذه المرة ستكون الإتهامات بشكل مباشر لخلخة وإرباك الإستعدادت الإنتخابية للقوى الإسلامية او المحسوبة عليها وتجريم الحشد الشعبي وصولا لتفجير الواقع الاجتماعي والسياسي لإعادة رسمه وفق خطط مسبقة.
اذا لم نكن قادرين على تشكيل حكومة وطنية فاعلة فيجب على الأقل العمل على الـتأسيس لإستراتيجية الدفاع الوطنية الشعبية الشاملة.
*باحث سياسي وإعلامي