الخميس - 28 مارس 2024

جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي: على واشنطن احترام سيادة العراق والوفاء بالتزاماتها

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


فهد الجبوري ||

من المقرر أن تنطلق في الأيام المقبلة الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة ، وهي المباحثات الأولى التي تعقد بين البلدين في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة .
وكانت الجولة الأولى من الحوار قد عقدت في حزيران/يونيو الماضي والتي كانت عبر الدائرة الإلكترونية ، وتم خلالها بحث قضايا التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات الأمن والسياسة والاقتصاد ، وكان موضوع انسحاب القوات الأمريكية حاضرا، في ضوء القرار الذي صدر عن مجلس النواب العراقي في ٥ كانون الثاني ٢٠٢٠ ، والذي طالب بانسحاب القوات الأجنبية من العراق ، وكذلك في ضوء الإرادة الشعبية التي تجسدت في المظاهرات المليونية التي طالبت بخروج هذه القوات .
وقد جاءت كل تلك التطورات بسبب الأعمال العدائية التي قامت بها القوات الأمريكية لاسيما قصفها لمواقع تابعة للحشد الشعبي ، هذه القوة الوطنية التي ساهمت بشكل كبير في دحر تنظيم داعش الإرهابي الى جانب القوات العراقية المسلحة ، وكذلك بسبب جريمتها النكراء في استهداف وقتل قائدي النصر الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس .
كل ذلك شكل خرقا فاضحا لسيادة العراق ، البلد الذي كان أحد المؤسسين لمنظمة الأمم المتحدة ، ولكرامة شعبه وقواته التي كان لها شرف دحر وهزيمة الإرهاب .
وإذا أردنا تقييم هذا الحوار ، لابد أن نضعه في سياقاته الصحيحة ، والتأكد من مدى تطابقه مع مصالح العراق ، وقد رأينا أنه منذ الجولة الأولى من هذا الحوار لم يتغير أي شئ على أرض الواقع ، حيث مازالت الولايات المتحدة ترفض سحب قواتها ، وما زالت تماطل في ذلك كثيرا ، متذرعة بأن تنظيم داعش ما زال يشكل تهديدا على العراق ، أو أنها تزعم أن وجودها هو بطلب من الحكومة العراقية ، متجاهلة قرار مجلس النواب العراقي في هذا الخصوص والذي تم التصويت عليه بالأغلبية .
لذلك فإن نجاح الجولة الجديدة من الحوار يعتمد بشكل أساسي على مدى جدية الحكومة العراقية في تنفيذ الرغبة الشعبية بخروج القوات الأجنبية من البلاد ، والتعامل بندية مع الجانب الأمريكي على أسس احترام السيادة ، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للعراق .
وعلى الوفد العراقي المفاوض أن يطالب الحكومة الأمريكية بتنفيذ التزاماتها إزاء العراق والتي نصت عليها اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين في عام ٢٠٠٨ ، والتي ترتب على الجانب الأمريكي جملة التزامات ينبغي الوفاء بها ومنها اعترافها بحق الحكومة العراقية في أن تطلب خروج القوات الأمريكية في أي وقت ، وكذلك أي تعاون ثنائي بين البلدين يجب أن يبنى على أساس الاحترام الكامل للسيادة وفق أهداف ومبادئ الأمم المتحدة .
وبالتالي فإن إقامة علاقات تعاون وصداقة بين العراق ودول العالم في المجالات الاقتصادية والعلمية والصحية وغيرها ضروري ومهم شرط أن لايمس ذلك بالسيادة الوطنية ولا بالمصالح العليا للشعب العراقي .