الجمعة - 29 مارس 2024

الشيعة بين وقائع القرن الرابع وواقع القرن الخامس عشر الهجريين

منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


🖋️ محمد هاشم الحجامي ||

في عام ٣٣٤ دخلت جيوش بني بويه بغداد فأصبحوا الآمرين الناهين فيها وقد حكموها مئة وثلاث عشرة سنة تقريباً ازدهرت خلال حكمهم الحضارة ووضعت الكثير المعارف ومن يبحث عن أهم إنجازات المسلمين في مختلف الميادين يجدها غالبا في فترة حكم أتباع ال البيت للعالم الإسلامي وفي هذا العصر كتبت المصنفات الشيعية ودونت معارف وارث آل البيت عليهم السلام ؛ فهو عصر المشايخ العظام المفيد و الصدق والسيد المرتضى والشيخ الطوسي ومئات الفقهاء وعلماء الكلام والمسانيد والتفسير وألأدب ؛ فكان في هذا الوقت العراق وبلاد فارس وما بعدها تحت حكم أتباع ال البيت .
وفي الوقت نفسه كان الفاطميون يحكمون مصر التي بنوا قاهرتها و أسسوا الأزهر فيها الذي عجزت كل الحكومات والدول على طول أربعة عشر قرناً أن ينتجوا مؤسسة شبيهة له ، وللعلم منارة شامخة في دولتهم ؛ فكانت مكتبة القاهرة ثاني أعظم مكتبة في العالم بعد مكتبة بغداد .
وكان الحمدانيون يحكمون حلب في الشام وما حولها وهي منارة أخرى للعلم والمعرفة وقد خفت صوتها وافل نجمها بعدما غادروها .
ولليمن نصيب في هذا البركان العلمي والثقافي الشيعي فكانت محكومة في تلك الفترة من الأئمة الزيدية التي أسسوا فيها دولتهم واستمرت طويلا وعمرو لأكثر من ألف سنة .
دخلت تلك القوى في منافسة سياسية قوية وصل فيه الحال إلى تتقاتل فيما بينها فضعفت وسهُلت مهمة الخصوم ليجهزوا عليها فكان اوخر القرن الخامس الهجري ومطلع القرن السادس بداية أفول نجم التشيع سياسيا والذي تلته حملات ابادة جماعية انهت الشيعة في مصر الذين خسروا بين التحول المذهبي أو القتل والتنكيل وحولت شيعة الشام إلى جماعة منزوية خصوصاً في لبنان وذبح مئات الألوف من شيعة سوريا في حملات تكفيرية قاد بعضها ابن تيمية بنفسه على مايذكر الدكتور سهيل زكار المؤرخ السوري الشهير ، وأبعد شيعة العراق وقتل من قتل وأخرج علمائهم من بغداد فأضطر الشيخ الطوسي أن يسكن النجف الاشرف ويؤسس الحوزة فيها .
كل هذا بسبب قصر النظر وتضارب المصالح الشخصية وحب الزعامة ورغبت كل أسرة أن تكون هي صاحبة القرار والزعامة !!! .
وها هو التأريخ اليوم يعيد نفسه فها هي بلاد فارس والعراق والشام واليمن يشع فيها نور التشيع وترتفع رايته وها هو الرعب يدب في قلوب المتخاذلين وأحفاد الطلقاء ؛ ففي إيران نجد التشيع هو الآمر الناهي وعلى رأس السلطة فقيه من فقهاءه ومن أكثر الناس حرصا عليه وفي العراق تتواجد القوى الإسلامية الشيعية ولها صولات وجولات وهي تتواجد في جميع مفاصل الدولة ومواقعها المهمة ، وفي الشام ترتفع راية حزب الله اللبناني وغيره ولهم كلمة الفصل في كثير من المسائل . وفي اليمن يسيطر أنصار الله على أجزاء مهمة منه وهم رقم لا يستهان به فكأن الزمن يعود إلى القرن الرابع الهجري فيكون فيه القدح المعلى والسهم الأوفر لأتباع آل البيت عليهم السلام ، فهل يستثمرون الفرصة أم يتلاعب بهم المتلاعبون فينفي هذا صفة التشيع عن ذاك ويحارب أحدهما الآخر حبا بالزعامة وتسلط أسرة آل فلان بدل بني فلان كما فعلوا في القرن الرابع والخامس الهجريين ليعودوا مقموعين مشردين يقتفون اثر الاسماعيلية الذين طردوا من مصر فتفرقوا بين الهند وأفريقيا وكندا وغيرها من البلدان وهم يتوسلون حكام مصر أن يزوروا قبور أئمتهم ويقفوا على آثار دولتهم !!!! .
هو التأريخ يعيد نفسه ولكنّ المغبونين من لم يعيوا الماضي فينطلقوا بالحاضر نحو المستقبل .