الخميس - 28 مارس 2024

في ذكرى الصادق..الإنتماء والثبات والنصرة..

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


مثنى الطائي ||

في ذكرى شهادة الامام الصادق ع هل نحنُ صادقين في الانتماء أليه وقادرين على الثبات والنصرة اليه

إن ما قام به الإمام السادس من أئمة أهل بيت العصمة والطهارة الامام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه وعلى أباءه الطاهرين أبان فترة أمامته الشريفة على الامة من ثورةٍ علمية وحركةٍ فكرية وتعبئةٍ معرفية ونهضةٍ اصلاحية اظهر فيها تعاليم الاسلام وكشف من خلالها بعض كنوزه ومعارفه وأرسى مبادئه السامية في النفوس وغرس قيمه المعرفية في القلوب وأظهر معادن العلوم في شتوى صنوف المعرفة وعرى المفاسد الفكرية السائده وفضح بُدع الجاهلية الرائجه وجرد حركات الضلال وسلخ منها أكذوبة احقيتها وشرعيتها فما كان ذلك أن يكون لولا عوامل مهمة قد توفرت له ص وساعدت على نجاح نهضته المباركة واهمها عاملين مهمين ساعدا على بروز هذه النهضة العلمية التي لازلنا نجني ثمارها الى اليوم وبفضلها بقيت دعائم السلام وركائز المذهب الشريف راسخة الى يومنا هذا
اولا: تغير الظروف السياسية في زمانه آنذاك وضعف حكم الظالمين ووهن سلطانهم وتجبرهم وقد تمثل ذلك بانهيار الحكم الاموي وبدايات الحكم العباسي الذي انشغل رجاله بتثبيت دعائم سلطانهم والدعوة له وخُداع الناس بهم ودعوتهم للرضا من آل محمد صلوات الله عليهم
ثانيا: هو تنامي القاعدة المؤمنة وتعاضم التيار المؤازر للامام ع وظهور القادة وبروز الصفوة من اهل العلم والنُخب الذي اعتمد عليهم الامام ع في حمل اهداف نهضته وتحقيق آمال مشروعه بين الناس ونشره بين اوساطهم وكانوا حلقة الوصل بينه وبين الناس ” اشبه اليوم بالقيادات الوسطية” ، في بعض المدن لاسيما البعيدة عنه ، فكان للقيادة الميدانية والعصبة النخبوية والجماعة الصالحة دورٌ مهم في إنجاح مشروع الامامة ولو لفترة معينة من زمان خلافته ص ، فنقول ماذا لو استمر هذا الوعي الجماهيري والاقتدار التعبوي والتصدي النخبوي في حمل فكر الامامة ورسالتها في المجتمع هل تمكن الظالمون كبني العباس مجددا من النيل من قيادة الامة الشرعية المتمثلة بأئمة اهل البيت ع وتحجيم دورهم وقيادتهم على الامة من جديد ..؟!
لكن إفشاء سر الامامة والنكوص عن تحمل المسؤولية حال دون إكمال هذا المشروع او تحققه ، وفي بعض الروايات تشير على إن قيام دولة العدل قُدرَ لها أن تكون في زمن الامام الصادق ع لكن إفشاء هذا السر للعدو وما فعله الظالمون بمكرهم وظلمهم حال دون تحققه .
فإن ما نعيشه اليوم وما نحياه من واقع امتاز باشد إفرازات التجهيل المجتمعي ضراوه واكثر الطفح الاعلامي المضاد قساوه هو ما بلغته ايامنا هذه وما تميزت به من شيوع حالات الكذب المجتمعي وتفشي التضليل الفكري والتزييف الثقافي الماسخ لهوية وثقافة دينيا ومبادئنا والاستهداف الممنهج والاستراتيجي لمذهبنا وعقائدنا وقادتنا ورموزنا وقضيتنا ومشروع أئمتنا ص
فنحن اليوم وفي مثل هذه الظروف التي يكون ديننا ومذهبنا يخوضا حالة التحدي والمواجهة المصيرية مع اعداءه وعلى كافة المستويات واهمها الثقافية والاعلامية من اجل مسخ هويته وتشويه رسالته وتحريف مبادئه وتزييف قيمه وثوابته وتسطيح عقول قواعده ومن ينتمي اليه لاسيما البسطاء منهم وتسفيه علماءه ، كل ذلك يجعلنا أمام استحقاق ومسؤولية كبيرة في حمل مشروع المواجهة ومعرفة دورنا الرسالي والقيام بتكليفنا واستيعاب المسؤوليات التي تقع على عاتقنا ، خصوصا إننا نعتقد إننا نعيش ارهاصات الظهور الشريف وبلوغ شروط ذلك الظهور يكون قسم كبير منه يتوقف على الحراك الاجتماعي للمؤمنين والمنتظرين الذين يمهدون باستعدادهم قرب الظهور الشريف عبر استيفاءهم لمستوى النصرة للمولى المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، فأما يكون استعداهم مقربا للظهور او خُذلانهم وتقاعسهم مؤخرا له .
فقد ذكر الشيخ الصدوق في كتابه كمال الدين‏ وتمام النعمة ص ٣٨٣ :
عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَ أَبُو بَصِيرٍ وَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَلَى مَوْلَانَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام فَرَأَيْنَاهُ جَالِساً عَلَى التُّرَابِ وَ عَلَيْهِ مِسْحٌ خَيْبَرِيٌّ مُطَوَّقٌ بِلَا جَيْبٍ مُقَصَّرُ الْكُمَّيْنِ وَ هُوَ يَبْكِي بُكَاءَ الْوَالِهِ الثَّكْلَى ذَاتَ الْكَبِدِ الْحَرَّى قَدْ نَالَ الْحُزْنُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ وَ شَاعَ التَّغَيُّرُ فِي عَارِضَيْهِ وَ أَبْلَى الدُّمُوعُ مَحْجِرَيْهِ وَ هُوَ يَقُولُ :
سَيِّدِي غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقَادِي وَ ضَيَّقَتْ عَلَيَّ مِهَادِي وَ أَسَرَتْ مِنِّي رَاحَةَ فُؤَادِي
سَيِّدِي غَيْبَتُكَ أَوْصَلَتْ مُصَابِي بِفَجَائِعِ الْأَبَدِ وَ فَقْدُ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْوَاحِدِ يُفْنِي الْجَمْعَ وَ الْعَدَدَ …