الجمعة - 29 مارس 2024

خيارات السيد مقتدى الصدر بعد قرار إنسحابه من الإنتخابات

منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


أسعد تركي سواري ||

يقف سماحة السيد مقتدى الصدر الموقر أمام خيارات عدة ، بعد قراره بالعزوف عن المشاركة في الإنتخابات البرلمانية القادمة ، والإنسحاب من العملية السياسية برمتها ، وهذه الخيارات هي :

١ – العدول عن قراره بضغط ومناشدات قوى سياسية رسمية محلية ، حفاظا على نسبة المشاركة السياسية في الإنتخابات ، أو توقيا من لجوء الصدر إلى الشارع ، وعند ذاك سيتهم مقتدى الصدر بأن قرار الإنسحاب بالأساس يهدف إلى إمتصاص السخط الشعبي والنقمة الجماهيرية تجاه الأحداث الأخيرة التي يتهم أتباعه بالتسبب بها قصورا وتقصيرا .

٢ – العدول عن قراره بعد خروج أنصاره في تظاهرات شعبية تطالبه بالمشاركة في الإنتخابات والعملية السياسية ، في مشهد يعيد إلى الأذهان عدول جمال عبد الناصر عن قراره بالتخلي عن رئاسة مصر ، بعد خروج تظاهرات شعبية وصفها أنصاره بالعفوية ، فيما وصفها خصومه بالمسرحية والمنظمة ، إذ يعلم المراقب للشأن العراقي مدى مركزية التيار الصدري التي يستحيل في ظلها خروج تظاهرات شعبية صدرية دون إذن مباشر من السيد مقتدى الصدر .

٣ – العدول عن قراره بضغط من القوى الإسلامية الإمامية الفاعلة في المشهد العراقي والإقليمي ، مثل قيادة الجمهورية الإسلامية وقيادة حزب الله اللبناني ، تحت مبرر الحفاظ على موقع رئاسة مجلس الوزراء لصالح المكون الإسلامي الإمامي ، وإنعكاسات ذلك على محور المقاومة في المنطقة ، إذ يصعب الحفاظ على الموقع الأول في السلطة في حالة عزوف القاعدة الشعبية للتيار الصدري ، ويكون ذلك عبر تطمين السيد مقتدى الصدر بمنح رئاسة الوزراء للتيار الصدري عند عودته ، إذ لا يمكن الحصول على رئاسة الوزراء بالمقاعد البرلمانية وحدها دون توافق القوى السياسية المحلية، بموازاة توافق إقليمي ودولي ، وعند ذلك سيتهم الصدر في مبدأيته ومصداقيته ، وينعت بالمناورة والبراغماتية سعيا منه إلى الحصول على رأس السلطة التنفيذية .

٤- العزوف الشخصي عن المشاركة وترك الخيار للقاعدة الشعبية بالمشاركة من عدمها ، وهو خيار كان قد اعتمده سابقا في أحد الإنتخابات الأولى التي جرت في ظل وجود الاحتلال ، بقوله (( لا أئمركم ولا أنهاكم )) ، وهذا الخيار له صورتان :
الصورة الأولى : تتمثل بتوجيه داخلي غير مباشر للقواعد الشعبية الصدرية بانتخاب المرشحين الصدريين المسجلين لدى المفوضية حاليا ، وهذه الصورة ستخل في مبدأية ومصداقية السيد مقتدى الصدر ، وستضعف من المشاركة الفاعلة للقواعد الشعبية الصدرية ، لعدم وجود توجيه مباشر من قيادتهم ، فتحول دون الحصول على الحد الأقصى المؤمل من المقاعد البرلمانية ، وإن كانت ستبقي التيار الصدري داخل قبة البرلمان ،
والصورة الثانية : تتمثل باتاحة الحرية الواقعية للقواعد الشعبية الصدرية بانتخاب من يرونه منسجما مع تطلعاتهم وميولهم ، وهذه الصورة ستضفعف نسبة المشاركة الإنتخابية بشكل عام ، لما عرف عن تذمر القواعد الشعبية الصدرية من مرشحي التيار الصدري بالأساس ، ولولا رمزية السيد مقتدى الصدر وتأثيره على قواعده الشعبية ، لما وصل غالبيتهم إلى قبة البرلمان ، فكيف سيتعاطون مع مرشحي الأحزاب المناوئة للتيار الصدري ؟! ، وذلك ما سيضعف الواقع السياسي الإمامي في المحافظات المختلطة بالدرجة الأساس ، كما ستزيد من حظوظ القوى السياسية الإمامية المنافسة للتيار الصدري في محافظات الوسط والجنوب .

٥ – الخيار المقترح :
والخيار الذي أقترحه على سماحة السيد مقتدى الصدر الموقر هو التمسك بقرار العزوف عن المشاركة في الإنتخابات والدعوة إلى إجراء إستفتاء شعبي بديلا عن الإنتخابات بهدف إجراء تعديل دستوري ينسجم مع المطالب الشعبية التي أفرزها الحراك الجماهيري طيلة الفترة الماضية ، لتأسيس واقع سياسي جديد يتضمن تعديل شكل النظام السياسي والإداري والإقتصادي ، وإقرار نظام إنتخابي يضمن التمثيل الواقعي لإرادة الجماهير ، ويعدل آليات التعديل الدستوري بما ينقل الدستور العراقي من الجمود إلى المرونة ، بهدف مواكبة تطلعات الأجيال المتجددة عبر الزمن ، وهذا هو الخيار الذي أقترحه على سماحة السيد مقتدى الصدر الذي سيجعله أبا للنظام السياسي الجديد ، إذ سيبقي على إرهاصات السخط الشعبي تحت سقف الدستور ويحول دون إراقة الدماء المحتملة من الثورة الحتمية على النظام السياسي القائم على فرض بقائه دون تدخل جراحي دستوري .

حفظ الله تعالى عراقنا العظيم وشعبنا الكريم وأمتنا الرسالية .