الخميس - 28 مارس 2024

جهود ایران لحلّ أزمة الجفاف في خوزستان

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


د. محمد العبادي ||


ما أجمل التعبير القرآني عن نعمة وجود الماء وأنه عماد الحياة ،واُسها في الأشياء:( وجعلنا من الماء كل شيء حي ).
ان هذا الماء ينزل بقدر ومقدار معلوم وعلى الانسان ان يسعى بمقدار جهده من أجل ان لاتتبدد تلك الثروة المائية إلى مسارب الأرض وبعيداً عن متناول الانسان.
ان كثير من مناطق ايران وخاصة المناطق الجنوبية تعاني من شحة المياه بسبب قلة هطول الأمطار خلال العام الجاري ، ومما يزيد الطين بلّة هو ان ثقافة الاستهلاك الصحيح معدومة بالمرّة ، كما ان الاستهلاك غير متوازن فالإنسان في خوزستان نصيبه ٧% من الاستهلاك ، والزراعة النمطية ومتعلقاتها تستهلك ٩٠%، فيما الصناعات والمعامل تستهلك ٣% ، وهكذا نشاهد الاستهلاك غير المتوازن قد ألقى بثقله على الزراعة .
المسؤولون في إيران ملتفتون إلى هذه المشكلة ، وقد وجه قائد الثورة الاسلامية السيد الخامنئي عنايته إلى هذا الموضوع ونصح الحكومات المتعاقبة( حكومةخاتمي، وحكومة أحمدي نجاد، وحكومة روحاني ) في الإهتمام بايجاد الحلول المناسبة لمشكلة نقص المياه في محافظة خوزستان ومحافظات أخرى ، وقد صرف من صندوق التنمية الوطنية في ايران آلاف المليارات من التومانات لأجل معالجة مشكلة نقص المياه .
المسؤولون في محافظة خوزستان يتكئون على أسباب عديدة في تضخم هذه المشكلة؛ منها اسباب يتدخل فيها العامل الانساني مثل عدم إنجاز المشاريع ، وقلة الموارد المالية لمشاريع نقل المياه ، ومنها اسباب طبيعية مثل انخفاض هطول الأمطار في العام الجاري حيث يقول (فرهاد ايزدجو) مدير دائرة الماء والكهرباء في محافظة خوزستان :ان نسبة ميزان تدفق مياه الأمطار في سدود المحافظة للعام الحالي هي (١٣) مليار و(٤٠٠) مليون متر مكعب ولدينا انخفاض بنسبة ٤٣% في تدفق المياه .
ويبدو لي أن هناك نقطة جديرة بالتأمل والتحقيق قد أشار إليها محافظ خوزستان(سليماني دشتكي) وهي أن هذه المحافظة توفر أكثر من ٦٥% من الدخل الوطني الإيراني ، لكن لاتتطابق التخصيصات والمصادر المالية للمحافظة مع الإمكانيات المتوفرة فيها .
ان محافظة خوزستان هي من المحافظات الكبيرة جداً وتتمتع بإمكانيات ضخمة، لكن نظام الصرف الصحي فيها يعاني من مشاكل جدية؛ فمن اجمالي (٢٤٠٠)كيلو متر من شبكة توزيع المياه يوجد (٩٠٠)كيلومتر قديمة وبالية وبحاجة إلى استبدال ،وهناك حوالي (٧٠٠) قرية بحاجة إلى تجديد انابيبها القديمة ، وبعضها يعاني من شحة المياه ويتم تزويدها بالصهاريج .
لقد برزت تلك المشكلة إلى السطح وتوافقت مع حرارة الصيف وتظاهر بعض الناس يطالبون بحقوقهم في هذا الموضوع ، لكن العدو كان يتربص خلف كل صغيرة وكبيرة للإضرار بإيران وهو ما أشار إليه قائد الثورة السيد الخامنئي بأن: (على المسؤولين العمل على وجه السرعة لحل مشاكل المواطنين الشرفاء في محافظة خوزستان..ان العدو اليوم يسعى وراء استغلال كل مايمكنه من أجل المساس بمصالح البلاد والشعب ، ويتعين أخذ الحيطة والحذر وعدم إعطائه أي ذريعة ).
لقد وثبت الدولة بأركانها المختلفة من أجل معالجة موضوع الجفاف في خوزستان ، حيث ذهب النائب الأول لرئيس الجمهورية ومعه وزير الطاقة ووزير الزراعة ومعاونيهم لإيجاد الحلول وتوفير الإمكانيات اللازمة، واجتمع الرئيس المنتخب السيد رئيسي بوزير الطاقة ومعاونيه وبعض المختصين لمعالجة الموضوع ومعهم بعض النواب ، وذهب محسن رضائي الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام للقرى والأرياف واستمع الى ما يقوله الناس هناك ووعدهم ببذل الجهود، ونهض الحرس الثوري وحضر القائد حسين سلامي في أوساط الناس ويتنقل بين القرى ثم يتابع سير العمل وجلب معه عشرات صهاريج المياه وقام بتوزيعها على القرى والأرياف، وجاء الهلال الأحمر بفرقه وعمل على توزيع (٦٤) ألف لتر يومياً على مناطق الاهواز وأهالي القرى فيها .
وتعمل حالياً الشركات والآليات على مد انابيب مياه الشرب بطول (٦٦) كيلو متر ، ونهاية الشهر الشمسي الإيراني الحالي سيتم الإنتهاء من مشكلة مد أنابيب المياه ، وتم فتح سد الكرخه والسدود الأخرى ، وتطوع بعض الخيرين والمحسنين بشراء المياه المعدنية وتوزيعها على (٢٨) قرية .
وحتى القضاء الايراني بعث بفريق قضائي للتحقيق في منشأ المشكلة ومآلاتها .
بتصوري ان المسؤولين في إيران وضعوا نصب اعينهم الأولويات والحلول العاجلة كتوفير مياه الشرب وفتح السدود وتطييب خواطر الناس ، ثم بعد ذلك ستأتي النوبة إلى الخطط والحلول ذات المدى المتوسط والبعيد مثل تغيير ثقافة استهلاك المياه ، وتغيير نمط الزراعة ، ومد الانابيب وإيصال المياه ،وإكمال المشاريع المتلكئة ، ومشاريع تحلية المياه وغيره ، وسيتم تجاوز هذه المشكلة بتضافر الجهود ، لاسيما وأن الحكومة القادمة أخذت على عاتقها ان تكون حكومة جهادية وعملية .