الجمعة - 29 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


قاسم العجرش [email protected] ||

لا مناص من خوض حرب فرضها الواقع على الأمة والمجتمع، وهي حرب وجدنا انفسنا فيها من دون أن ندري، وتجر اقدامنا الى ساحتها دون رغبتنا، لكنها حرب قديمة، وهي حرب لابد منها في كل وقت، ويتعين أن نَخوضها بكفاءة وإقتدار، ويجب أن نخرج منها منتصرين، وإلا فإن الحصيلة هي خسارتنا لباقي الحروب..
هي “الحَرب الإعلامية”، وقد يتسائل أحدنا كيف تكون هذه الحَرب الإعلامية!؟ وماهي مستلزماتها ؟!
قبل كل شيء يجب تعيين الخصم في هذه الحرب، وما هي ادواته فييها، وكيف يمكن مقارعته، لكن إبتداءا يجب أن نتوصل الى تفكيك لغز الخصومة ذاتها، أي لماذا أصبح المقابل خصما، وهنا يجب النفاذ الى عقله؛ للوصول الى كيف يفكر.
حَرب الإعلام ومعركة الكلمة، هي أشد وافتك من الحرب المادية، وعراقيا فإنه وسنوياً؛ تصرف مئات الملايين من الدولارات، على ماكنات الإعلام من قبل جهات معادية كثيرة، تستهدف العراق وحلفاءه..حرب الإعلام تجسيد حي، لما بات يعرف على نطاق واسع بـ”الحرب الناعمة”.
الهدف الأساس للحرب الناعمة بجميع صفحاتها، المجتمعية والسياسية والقيمية، وألأقتصادية، والإعلامية، هوالإنتصار على الخصم، بأن تَغزو خَصمك بعقر داره و”بلغته” وبثوابت مجتمعه، لتتمكن من تسيير مجتمع الخصم ليكون لصالحك ويخدم أهدافك، وعليك أن لا تمل من محاولة تغيير آراءه، والعمل بلا كلل على تهديم معتقداته وثوابته واعرافه، وأن تسعى جاهدا لإن تحلحل الروابط؛ بين كل أفراد المجتمع المستهدف، من خلال هذه الأدوات الإعلامية.
أفضل نموذج قياسي غي عصرنا الراهن، هو سيطرة داعش على الموصل، فالحقائق تكشف أن الموصل احتُلت من داعش إعلامياً قبل الواقع، إذ كانت العلاقة بين القوات العراقية الماسكة للأرض فيها والسكان سيئة جدا، وكان الجيش يسمى بجيش الهالكي، ونتذكر ان سيارات القوات الأمنية؛ كانت ترمى بالحجارة من قبل السكان، بمنظر يشبه منظر القوات الإسرائلية، عندما تتحرك في الضفة الغربية المحتلة..لقد إستطاع الفكر التكفيري الداعشي زراعة الكراهية للدولة والنظام القائم آنذاك.
لكن، هل تمكن العراق من مواجهة داعش وأخواتها إعلامياً، هل انتصرنا في معركة الوعي، الإجابة كلا، إذ أن كل شيء باق كما هو عام 2014، والجمر تحت الرماد، وما نشاط داعش المتصاعد مؤخرا، إلا دليل على أننا لم نحسم معركة الوعي، ولم نستطع إستئصال الفكر المتطرف، فما يزال يمسك بتلابيب فئات واسعة من السكان، وما يزال يستطيع أن يجد له حواضن مجتمعية، وما تزال كثير من القوى والفعاليات المجتمعية في مناطق وجوده، تدين له بالولاء إن كرها أو طوعا، وطوعا على الأكثر، بحكم الإنتماء الطائفي، الذي لم يتمكن أحد من المساس به..
الخصم الداعشي، هو بالحقيقة خصم أزلي، وفي محاولة لفهم كيف يفكر هذا الخصم القديم، نتوصل الى أن داعش هو فكر ومعتقد ومنهج، ولذلك علينا أن نحارب داعش بأدواته، بالأفكار والإعلام قبل محاربته بالسلاح والرجال.
في هذه المعركة الطويلة، علينا أن نعطي الإعلام بكل أدواته وأشكاله إحترامه، وأن نحشد للحرب الإعلامية كما حشدنا للحرب المادية، فالحرب مع داعش وأخواتها لم تَنته بَعد، ولا نعتقد انها ستنتهي بأمد منظور..
لماذا نعتقد أن المعركة مع داعش لن تنتهي بأمد منظور؟ّ!
الإجابة تُنتَهلُ من الواقع، وهي أن الداعشية والتدعيش والدعشنة، والمتفشية في البيئة الإسلامية السنية فقط، باتت جزءا من منظومة معركة القيم الكبرى التي يتعرض لها المسلمين، في صراع الحضارات والأديان..ويقودها التحالف الصهيوغربي الشرير، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
كلام قبل السلام: أمريكا هي العدو الرئيسي الأول، داعش هو العدو الفرعي، العدو الثالث هو داخلنا وعدم إيماننا بهذه الحقيقة، وهو أمر ناتج عن خورنا وضعفنا، وعن نجاح الخصم في إحتلال عقولنا..والدليل هذا الكم الكبير من القوى السياسية الشيعية، التي تتعاطى مع العدو الأمريكي بأريحية بالغة!
سلام..