الخميس - 28 مارس 2024

هِلالُ مُحرّمٍ في قصائدِ شُعراءِ الطفّ

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


حسين فرحان ||

يكادُ المُتتبِعُ للقصائدِ التي كُتِبَتْ في شأنِ القضيةِ الحُسينيةِ والتي تناولتْ هلالَ شهرِ مُحرّمٍ الحرام أنْ يجزمَ بكونِها قد كُتِبَتْ مع استهلالِ الناسِ لشهرِ الحُزنِ أو مع بزوغِ هلالِه، فحدثتْ حالةٌ من الإلهامِ لكتابةِ تلك الأبياتِ المليئةِ بالشجن، وقد يجتمعُ لهم مع هذهِ المُشاهدةِ المُلهِمةِ حديثُ الإمامِ الصادق (عليه السلام) حينَ أخبرَ بتلك العلاقةِ بينَ هلالِ مُحرّمٍ وقميصِ الحسين (عليه السلام) الذي تنشرُه الملائكةُ مُخضّبًا بدمِه الشريف..
فقد رويَ أنّه قيلَ للإمامِ الصادق (عليه السلام): سيّدي جُعِلتُ فداك، إنّ الميتَ يجلسون له بالنياحةِ بعدَ موتِه أو قتله، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتُكم من أولِ الشهرِ بالمأتمِ ولا عزاء على الحُسينِ (عليه السلام) فقالَ (عليه السلام): يا هذا إذا هلَّ هلالُ مُحرّمٍ نشرتِ الملائكةُ ثوبَ الحُسينِ (عليه السلام) وهو مُخرَّقٌ من ضربِ السيوف، ومُلطَّخٌ بالدماءِ فنراه نحنُ وشيعتُنا بالبصيرةِ لا بالبصر، فتنفجر دموعُنا”.
كُتِبَتِ الكثيرُ من القصائدِ وتناولتْ هلالَ شهرِ مُحرّمٍ بشكلٍ يُقرِّبُ للأذهانِ تلك الصورَ المُفجِعةَ الأليمةَ التي كانتْ كربلاءُ ساحتَها والدماءُ لونَها واختتمتْ بسبيٍ زينبيٍ وفراقِ أحبةٍ لم يشهدْ له تاريخُ الإسلامِ وأهلُ هذه المِلّةِ مثيلًا..
فكانَ يراعُ كُلِّ شاعرٍ يُسطِّرُ الحزنَ المُقفّى ويحتسبُ أجرَ ما كتبَ عندَ سيّدِ الشهداءِ ولسانُ حالِه –برجاءِ ذلك- يُردِّدُ: “مَنْ قالَ فينا بيتَ شعرٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنة” أو يُردِّدُ: “ما قالَ فينا قائلٌ بيتَ شعرٍ حتى يؤيّدُ بروحِ القدس” فكانَ الدافعُ والحافزُ –بالإضافةِ للولاءِ الحقيقي_ هذه الأخبارَ الدالّةَ على فوزِ هؤلاءِ الشعراءِ والأدباءِ بجنّةٍ يُبشِّرُ بها أهلُ البيتِ (عليهم السلام)، فكانتْ تلك القصائدُ العصماءُ التي زُيّنتْ بها مجالسُ ذكرِ الحُسينِ وكانتِ الدمعةُ قرينتَها فتحقّقَ لهم الفوزُ بسعادةِ الدارين.
وسيكونُ لبعضٍ منها نصيبٌ في طرحِها كنماذجَ لقصائدَ ولائيةٍ عاشورائيةٍ، تناولتْ هلالَ الحزنِ فاستهلّتْ مُفردةُ (الهلال) بعضها، أو أنّها أتتْ ضمنًا كما سنوردُ ذلك في هذهِ الأمثلةِ التي اعتمدَنا فيها على تُحفةِ السيدِ جواد شبر فاخترنا من موسوعتِه (أدب الطفّ) ما يُناسِبُ البحث:
1- شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي:
هلَّ المُحرّمُ فاستهل مُكبِّرًا وانثرْ به دُررَ الدموعِ على الثرى
وانظرْ بغرّتِه الهلالَ إذا انجلى مُسترجعًا مُتفجِّعًا مُتفكِّرا
2- الشيخ عبد الكريم الفرج:
هلَّ المُحرّمُ فاستهلّتْ أدمُعي وورى زناد الحزنِ بين الأضلعِ
مْذ أبصرتْ عيني بزوغَ هلاله ملأَ الشجى جسمي ففارقَ مضجعي
3- الشيخ محسن أبو الحب:
سمعتُ الضوضاءَ في كُلِّ فجٍّ كُلُّ لحنٍ يهيجُ الأعوالا
قلتُ: ماذا عرى-أميم- فقالت: جاءَ عاشورُ واستهلّ هلالا
4- الشيخ درويش علي:
هل المُحرّمُ لا طالتْ لياليهِ طولَ المدى حيثُ قد قامتْ نواعيه
ما للسرورِ قد انسدّتْ مذاهبُه واِظلمَّ الكونُ واسودّتْ نواحيه
5- السيد مهدي البغدادي:
تنهلُ أدمعُ مُقلتي إنْ قيلَ لي: هلّ المُحرّم
ما إنْ ذكرتُ مصيبةً لكنّما ذكراه مأتم
6- الحاج عبد المجيد بن محمد بن ملا أمين البغدادي:
هلَّ المُحرّمُ والشجا بظِلالِه قد أرّقَ الهادي بغُصّةِ آله
7- علي بن حسن بن علي بن سليمان البلادي البحراني:
هلَّ المُحرّمُ فاخلعْ حُلّةَ الطَرَبِ والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُرَبِ
واحرمْ وطفْ كعبةَ الأحزانِ مُنتحرًا هدي السرورِ مدى الآبادِ والحِقَبِ
8- أبو الحسن الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة المقري الكاظمي:
وأعينُ كُلّما هلَّ المُحرّمُ في الأرضِ استهلّتْ دمًا لم تحكِها السُحُبُ
أفدي الذي دونَ أنْ يأتيَ ببادرةٍ بكربلاء عليه دارتِ النوبُ
وقالَ في قصيدةٍ أُخرى له:
قسمًا بكم آلُ النبي وإنّه القسمُ العظيمُ وما سواه فلا لا
ما هلَّ شهرُ المُحرّمِ إلا ومن جفني أسلتِ المدمع الهمالا
9- الحاج سليمان العاملي:
هلَّ المُحرّمُ فاستهلَّ مُكدَّرًا قد أوجعَ القلبَ الحزينَ وحيّرا
وذكرتُ فيه مصابَ آلِ مُحمّدٍ في كربلا فسلبتْ من عيني الكرى
10- الشيخ طاهر السوداني:
هلَّ المُحرّمُ فاستهلَّ بُكائي فيه لمصرعِ سيّدِ الشهداءِ
ما عُدتَ يا عاشور إلا عادَ لي كَمَدي وهجتْ لواعجُ البرحاء
11- الشيخ محمد رضا بن الشيخ طاهر بن فرج الله بن محمد رضا بن عبد الشيخ بن محاسن:
أقِمْ للحُزنِ يا شيعي مأتم ودَعْ عنك الهَنا هلَّ المُحرّم
وخلِّ الدمعَ من عينيك يهمي ففاطمُ فيه دمعُها همى الدمِ
12- السيد نعمان الأعرجي:
صب إذا هلَّ المُحرّمُ هاجَه وجدٌ تفيضُ العينُ منه وتدمعُ
وجوى لما نالَ الحُسينَ وآلَه نيرانُه بينَ الأضالعِ تسفعُ
13- السيد محمد زيني:
هلَّ المُحرّمُ فاستهلّتْ أدمُعي وتسعّرتْ نارُ الأسى في أضلُعي
كيفَ السبيلُ إلى العزا وهلاله مفتاحُ بابِ توجُّعٍ وتفجُّعِ
14- الشيخ حسن سبتي:
أهلّتْ دموعي حينَ هلَّ مُحرّمُ فطيبُ الكرى فيه عليَّ مُحرّمُ
فلهفي لآلِ المُصطفى كم تجرّعوا أذى يومِ وافوا كربلاءَ فخيّموا
رحِمَ اللهُ (تعالى) شُعراءَ الطفِّ الذين خلّدوا هذه الواقعةَ الأليمةَ بمِدادِ أهلِ الصدقِ والولاءِ والوفاءِ لقضيةِ سيّدِ الشهداء (عليه السلام).
……………