الجمعة - 29 مارس 2024

“حشد” من الله و”فتح” قريب..!/ 2

منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


ضحى الخالدي ||

أن تتموضع نقطة للشرطة الاتحادية على مسافة أربعة كيلومتر عن أقرب نقطة إليها في منطقة خطرة وبيئة خصبة للإرهاب كالحويجة هو عملية تقديم قرابين مجانية، فإذا ما أضفنا الى ذلك استنجاد الشهداء لمدة ساعة ونصف الى ساعتين عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية دون أي إمداد وإغاثة من آمرية الفوج فهذا تقصير مخجل مرده الى أحد أمرين: أما انعدام الكفاءة والإهمال، أو الخيانة المتعمدة وبيع أبنائنا كما حدث سابقاً.
تتدخل الأجندات السياسية في منع عمليات تطهير الحويجة، كما تتدخل في الطارمية، وتتدخل في صلب إدارة عمل الأجهزة العسكرية والأمنية لتبقى هذه الخواصر الرخوة عوامل إنهاك للدولة والقوات المسلحة تحديداً. ولا نأتي بجديد إذا ما علمنا أن محافظة كركوك هي محل صراع بين عدة أطراف متنازعة: صراع بين الدولة المركزية وإقليم كردستان، صراع بين العرب والكرد والتركمان وبقية الأقليات فيها، صراع بين حواضن الإرهاب والدولة، وعلينا أن نعترف بأن استمكان إحداثيات النقطة دلالة على وجود جهد استخباري فاعل لدى جيوب داعش يتمثل بالكاميرات الحرارية خصوصاُ أن 85% من قدرات داعش الجوية تعتمد على الطائرات المسيَّرة، وإن معرفة عديد النقطة وعدتها عبروجود المخبر السري بهيئة راعٍ يتنقل بأريحية في المنطقة ويتردد على هذه النقطة ويزود منتسبيها بالحليب والأغذية هو دلالة سذاجة وانعدام الحس الأمني الذي كان على القيادات الأمنية أن تعززه لدى منتسبيها، وأن تمنع مسببات هذا التعاطي عبر تحقيق الاكتفاء في المؤن الغذائية للمنتسبين، ودلالة على وجود حواضن طائفية إرهابية لا تنظر الى المواطن الشيعي فقط على أنه كافر-عسكرياً كان أم مدنياً- بل تنظر الى المواطن السنّي المنخرط في سلكَي الجيش والشرطة على أنه مرتد، ومُهدَر الدم، هذا الفكر الداعشي لم نتخلص منه حتى الآن!
مكنّ وجود الحاضنة الإرهابية، وتضاريس المنطقة من تنفيذ مثل هكذا عملية؛ إن معرفة التضاريس تحتاج الى غطاء جوي، لكن للأسف فإن طيران الجيش –الهليكوبتر- يحتاج الى إذن قوات التحالف الدولي وعلى رأسه أميركا!
ومثل هكذا عملية لا يمكن أن تتم دون إسناد جوي، إسناد توفّر للدواعش الإرهابيين فيما حُرِمَت منه قطعاتنا الباسلة التي قاتلت حتى آخر رصاصة في ذخيرتها بعد أن تعرضت الى القنص بدايةً؛ وهنا ألقي بالاتهام –وليس اللائمة- على قوات التحالف الدولي التي لم توفر أي إسناد جوي لقواتنا البطلة، فيما يبدو أنها وقفت متفرجة امام هذا الاستهداف، أو إنها وفرت الدعم الجوي لهذا الهجوم على الأقل بسماحها بتحليق الطيران المسير للدواعش، والأمثلة كثيرة على مواقف مشابهة للتحالف الدولي حين يقوم طيرانه بتجاهل –إن لم نقل تغطية- رتل الخالدية الضخم للدواعش الذي كان يتحرك بكل أريحية خلال معارك التحرير ضد داعش، ولم يستهدفه بالقصف الجوي، في حين تُستهدَف قواتنا المسلحة من جيش وحشد وشرطة اتحادية أكثر من أربعين مرة بحجة الأخطاء العسكرية، بما في ذلك استهداف المدنيين في الساحل الأيمن من الموصل.
لا يزال المفلسون سياسياً يراهنون على زيادة زخم العمليات الإرهابية قبيل كل عملية انتخابية، منذ انتخابات الجمعية الوطنية 2005 وحتى الآن، غايتهم زيادة الضغوط على المواطن العراقي، ونحن مقبلون على الانتخابات النيابية الخامسة فإننا أمام سلوك ومنهج وآيديولوجيا لم تتغير: أما أن يسيطر مكوّن بعينه على الحكم بمفرده، أو أن لا يسمح للمكوّن الأكبر بأن يكون شريكاً له في الحكم إلا بأضعف الإيمان، وهذا هو هدف الإنهاك.
فيما يخص الأجندا الخارجية فمن الواضح أن أميركا تريد أن تقول أن في حال انسحاب قواتها من العراق، فسيكون العراق معرّضاً الى استيلاء المجموعات الإرهابية على محافظاته كما حدث في سيطرة تنظيم طالبان على أفغانستان مؤخراً، وإن كان هذا ملفاً يستوجب اهتماماً خاصاً لوحده، إضافة الى هدف استنزاف القوات المسلحة العراقية وإنهاكها الى الحد الأقصى لضمان الحد الأقصى من الأمن للكيان الصهيوني.