الخميس - 28 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

علي علي ||

ليس جديدا على كتلنا النيابية تصارعها وانشغالها بخلافاتها فيما بينها، كذلك ليس جديدا أسلوبهم في نشر غسيلهم أمام الملأ، وعلى مرأى من وسائل الإعلام تحت قبة صومعتهم بشكل سافر، وهم لم يأتوا بجديد في حال مقاطعتهم جلسات مجلس النواب، وتعليق حضورهم اجتماعاته، فهذا ديدنهم منذ تشكيل المجلس بدورته الأولى، سواء أكان هذا بسبب أم من دونه!.
فهم لا يتوانون عن تنفيذ مهامهم، حسب ما مرسوم لهم، وفق خطط مدروسة مسبقا، ومحبوكة ومنسوجة على أتم وجه. وهناك لمن يتتبع اجتماعات مجلس النواب، قوانين لم تشهد أي تقدم في حل الخلاف عليها، فالبرلمان منذ ولادته -خديجا- حتى الان، يشهد خلافات وعدم توافق على كثير من القوانين الحيوية المهمة مثل: قانون الاحزاب وقانون النفط والغاز وقانون التقاعد الموحد، والقوانين الخلافية مع الإقليم، وغيرها من القوانين، التي يقتضي البت فيها والعمل بها للصالح العام بأسرع وقت، وقد صاح القاصي والداني بملء صوته، بدءًا من المرجعيات الى شيوخ البلد ووجهائهم، ناهيك عن المواطن في دعواته الدائمة في وسائل الإعلام، فضلا عن صناديق الشكاوى، مطالبين حلولا جذرية لتلكؤات عمل مجلس النواب، معترضين على سيره السلحفاتي في ظرف يتطلب منه الجري بكل ما أوتي من قوة، لمسك زمام أمور البلد التي تتداعى يوما بعد آخر.
لاشك أن المعيق التوأم لسير أعمال المجلس هو “عدم اكتمال النصاب القانوني” الذي غدا “شماعة رقم 1″، كونه أيسر سبب وأسهل علة وأقرب ذريعة، لرفع جلسة المجلس نصف ساعة او سويعة حسب “مشتهاة” رئيسه. وهذه الشماعة ليست يتيمة، فهناك “شماعة رقم 2” التي لا تنقص عن الأولى يسرة وسهولة وقربا، بل هي في متناول يد الأعضاء والرؤساء، إذ يكفي تنبيه النائم من النعرات لإثارة غبار يزكم أنوف الجالسين، ويدعوهم الى “طمطمة” الجلسة والمطالبة برفعها وتغييبها، وما تلك النعرات إلا حجج يتمسك بها من يشاء من النواب، كالتشكي والتباكي بالتهميش تارة، وبالإقصاء أخرى، وبالمظلومية ثالثة، ولا تنتهي برابعة وخامسة وعاشرة. فهناك منها الكثير، وبات واضحا وجليا سبب هذه الإعاقات المتعمدة.
وكما يقول مثلنا: (الجدر مايتركب إلا على تلاثة) هناك “شماعة رقم “3” وهي افتعال مشادة كلامية واختلاقها من شيء او من لا شيء، وإن تعذر إحداثها فهم يتبعون قول نزار قباني:
الحب في الأرض بعض من تخيلنا
إن لم نجده عليها لاخترعناه
وما أيسر اختراع نوابنا الأزمات، وما أسهل ابتكارهم الخلافات، وما أقرب أدواتها اليهم، فلسان بعضهم “باشط” له صولات وجولات بانتقاء مفردات من قاموس ماضيهم، كما أن الـ “ملبوسات الجلدية” من أدواتهم المقربة اليهم.
إذن، هو التهديد من جديد بإيقاف الاتفاق السياسي، وهذا يعني إيقاف العملية السياسية، كما يعني إلغاء الدستور العراقي الوارد في المطالبات التي حددها “أبطال” حلبات الاعتصامات ورجالاتها اللادينيين، وهذه المطالب وغيرها هي ذاتها التي انطوت تحت لائحة الشروط التي قدمها قبل سنوات حاتم السليمان الى “الوسطاء” بينه وبين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وهي ذاتها الشروط التي كانت الكتل الكردستانية تتذرع بها -بصياغة ثانية- لمقاطعة جلسات المجلس. وهي ذاتها الشروط التي كان إياد علاوي يقيم الدنيا ولا يقعدها في سبيل تنفيذها. وهي ذاتها الشروط التي تجشم أسامة النجيفي عناء السفر الى دويلة قطر، من أجل قراءتها من هناك والتظلم بواسطتها أمام الرأي العالمي. وهي ذاتها الشروط التي هب من أجلها الخارجون عن القانون والمدانون بأفعال إجرامية، مسافرين الى ربيبتهم تركيا وإعلانها من هناك، باحثين عن ممول ومعين ومنفذ لمخططاتهم.
وبتحصيل حاصل، أرى أن الوقائع والأحداث تصب نتائجها في مصب واحد منذ سنين، رغم اختلاف منابعها وحيثياتها وسيناريوهاتها وشخوصها وتوقيتاتها وأماكن حدوثها، فالمستهدف هو العراق برمته، أرضا وحكومة وشعبا ودينا، أصلا وفروعا.
[email protected]