الجمعة - 29 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


حافظ آل بشارة ||

في هذه السطور نوضح المقصود بالمرحلة الرابعة من الاعلام الانتخابي ، فالمراحل الثلاث السابقة تولت التمهيد للانتخابات بتعريف الديمقراطية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة . ثم توضيح قانون الانتخابات وحث الناس على المشاركة فيها . ثم ترويج البرنامج الانتخابي وترويج المرشحين وبيان الاولويات .
اما المرحلة الرابعة : فهي مرحلة قصيرة تشهدها الايام العشرة الأخيرة ، وفيها يراهن المتنافسون على ذاكرة الجمهور القصيرة المدى ، ويشتد التنافس بين ابناء البيئة الانتخابية نفسها ، ولم تعد الرسائل التقليدية مجدية في كسب المترددين او التغلب على المنافسين ، بل يحتاج الحسم الى صعق قوي ، او ما يسمى المفاجأة والذهول ، ويمكن تقسيم سلوك التحالفات ومرشحيها في هذه المرحلة الى صنفين :
1- المنافسون الصالحون : وهم الذين يرون السلطة تكليفا لا تشريفا ، لذلك يتمسكون باخلاقية التنافس الشريف والذي يعني انك تحاول اقناع الجمهور بأن ينتخبوك لأنك الاصلح دون ان تذم المنافسين او تشهر بهم .
2- المنافسون الاشرار : وهم الذين يرون السلطة تشريفا والملك عقيما ويؤمنون بمقولة الغاية تبرر الوسيلة ويسعون الى اسقاط المنافسين وتشويه صورتهم باختلاق الرذائل وكتمان الفضائل والتوسل بالكذب والبهتان .
يتم عادة تأجيل هذا النوع من المعارك القذرة الى الايام الاخيرة لكي لا تكون للجمهور فرصة التأكد من حقيقة الملفات المفتوحة التي تستهدف الخصوم ، بشكل عام هناك مفاجئات مشروعة وعادلة في لعبة كسب الجمهور وهناك امثلة في هذا السياق :
⁃ رئيس عشيرة يعلن في الساعات الاخيرة قبل يوم الصمت انضمامه هو وعشيرته الى التحالف الفلاني ومنحه كافة اصوات العشيرة .
⁃ مرشح مهم يقرر الانسحاب من الدائرة الفلانية لصالح مرشح ذلك التحالف .
⁃ مرشح قوي يعلن انضمامه الى التحالف او يعلن بأنه سيتحالف معه عقب الفوز.
⁃ كشف جرائم ومخالفات المنافسين السيئين كما هي بلا اختلاق وتحذير الجمهور من انتخابهم وبيان الاضرار المترتبة على ذلك.
⁃ يمكن ذكر مثالب الخصوم بالنوع لا بالاسم ، فيكون الخطاب مثلا في الرأي العام : لا تنتخبوا من يمولون حزبهم من تجارة المخدرات ، لا تنتخبوا من رفعوا سعر صرف الدولار ، لا تنتخبوا من احرقوا صناديق الاقتراع ، لا تنتخبوا من يقودون عصابات القتل والخطف والترهيب .
⁃ اما من يهاجم خصومه بملفات وهمية كذبا وافتراء فيمكنهم مهاجمته بملفات حقيقية ، غير كاذبين ولا مفترين.
⁃ قد يقتضي الواجب الشرعي تحذير الناس من انتخاب الفاسدين والاشرار والقتلة بذكر الصفات الدالة عليهم .
في الايام الاخيرة من اعلام الانتخابات يتجلى الاطار الاخلاقي لكل تحالف وكل مرشح ، ويصبح معروفا ذلك المستعد لقتل الملايين لاجل السلطة .
انها ايام الصراع على السلطة اذ يغيب عن الاذهان ان السلطة في ظل الاحتلال سلطة افتراضية لا تستحق خلق العداوات ، ويصدق على المتنازعين عليها وصف من باع دينه بدنياه ، بل من باع دينه بدنيا غيره ، او من يتحول الى داعية زاهد غاضب لأنه محروم من امتيازات السلطة ، وهو مصداق للآية الكريمة : (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) 58 التوبة ، والاخطر من ذلك ان تكتشف بنفسك ان عشاق السلطة ملحدون لانهم لا يعترفون بيوم الحساب ولو اعترفوا به لردعهم الخوف من يوم تتقلب فيه القلوب والابصار .